ترجَّلَ أحد فرسان الوفاق الوطني الكبار.. إنه عبد الله حسن الناخبي، الذي أمضى في دنيا الناس 58 عاما صوتا تردد أصداؤه في أنحاء اليمن، حينما فقدت العدالة معناها في بلدٍ توغل أكثر مما ينبغي في أتون الفوضى والعنف والدماء.
أمضى الشطر الأكبر من حياته التي بدأت عام ثماني وخمسين وتسعمائة وألف في وادي العرقة بمديرية سباح-يافع التابعة لمحافظة أبين، في مجال التربية والتعليم والنشاط العام متعدد الاهتمامات، حتى بلغ رتبة عميد في سلك الشرطة وعضوية اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني.
كانت النقطة الفاصلة بالنسبة له هي حرب صيف أربعةٍ وتسعين، التي تولدت معها بذور القضية الجنوبية وتحولت إلى حقل من المطالب العادلة.. تصدر السياسي الأنيف واجهة القضية، وتحول إلى عنوانٍ أساسي في ظاهرة الحراك السلمي الجنوبي..
وقف بصمود نادر أمام الدعاوى التي تخفَّت خلف النضال من أجل الجنوب، وذهب يتحسس الطريق عبر الحوار الذي أراده طريقاً وحيداً للخلاص ولحل القضية الجنوبية في إطار اليمن الموحد.
في مؤتمر الحوار تحرر من التصميم الجامد للقضية الجنوبية كعربة أريد لها أن تقف أمام حصان التحول السياسي في اليمن.. منتهجاً خطاً عرف به منذ انتخابه أميناً عاماً للمجلس الأعلى للحراك السلمي..
فمن موقعه هذا عمل العميد الناخبي ما بوسعه لضبط بوصلة التغيير وتحرير الذهنية الجنوبية من شطط الذين أرادوا الدفع بالحراك إلى دائرة العنف، وتحويل المسار نحو صراع بين دولتين، خصوصاً وأن خطط المخلوع صالح الماكرة كانت قد أرادت تحويل الحراك السلمي إلى مشروع انفصال في اللحظة التي ثار فيه اليمنيون على نظامه.
بهذه الرؤية الواضحة ذهب إلى الحوار الوطني، ولديه اعتقاد راسخ بأنه يمكن حل القضية الجنوبية تحت سقف الوحدة عبر حوار يتفهم أبعاد القضية وينهي المظالم التي علقت عقدين من زمن الوحدة اليمنية.
حظي العميد الراحل بخاتمة حياة مفعمة بالمواقف المشرفة.. وتلك هي الميزة التي غلبت على مسيرة المناضل الجنوبي اليمني الوحدوي الذي آمن بالعدالة وأدرك هذا المفهوم بوسعه أن يستوعب أيضاً معاني الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وهي متطلبات بناء اليمن الذي نريد.