التحالف السعودي والإماراتي
كان التدخل الأول للتحالف العربي عبر ما يسمى – عاصفة الحزم – التي انطلقت شرارتها في 26 مارس/ أذار 2015م، رافقتها شعارات: استعادة الشرعية، وهزيمة الحوثيين وإعادة مؤسسات الدولة التي تم السيطرة عليها من قبل مليشيات الحوثيين، وبعد خمس سنوات تبين أن تلك الشعارات لم تكن إلا تغطية لأهداف أخرى لا علاقة لها بما رفع حينها من أهداف.
لم يتوقف الأمر عند هذه النقطة؛ فقد تورط "التحالف السعودي الإماراتي" بصورة مباشرة في عمليات انتهاكات مروعة، تمثلت فيما يعرف بالضربات الخاطئة (قصف الطيران الحربي)، مخلفة مئات القتلى وأضعافهم من الجرحى، وخراب غير قليل في المساكن والطرقات والجسور والمدن والمؤسسات الحكومية، وبالتالي: كان التحالف عنصر أساسي وبارز في ممارسة الانتهاكات، سواء عبر الضربات الخاطئة التي استهدفت المدنيين أو عبر دعم مليشيات خارج مؤسسات الدولة.
تقارير الانتهاكات بين مزاج الراصد وآلية المنظمة
أولاً: يمكن القول: إن اليمنيين فقدوا الثقة – إلى حد كبير - بالأمم المتحدة وبعدد من المنظمات الدولية التي تتواجد في اليمن أو تعمل في نطاقها، وهي التي لم تمارس ضغوط حقيقية تجاه الحوثيين أو الإمارات والتحالف بشكل عام، لرفع المعاناة عن الشعب اليمني، وتتركز الضغوط الدولية – المحدودة - على استمرار هذه المنظمات في تدفق المعونات، وهنا يحضر كلام كثير، إلى جانب الفساد المريع الذي يحيط بالمنظمات إحاطة السوار بالمعصم.
ثانياً: تكتفي المنظمات الدولية برفع تقارير حول الانتهاكات التي تمارس في اليمن، وبعض هذه المنظمات تعتمد على راصدين ليس لهم حيادية حقيقية، وهو ما يجعل جملة من التقارير تخرج مشوهة ولا تعكس ما يجري في الواقع، ويفقد الناس الثقة بهذه التقارير والجهات التي تصدر عنها، كونها تتعامل بانتقائية وبتحيز سياسي لا يخفى على الناقد البصير.
يقول أحد التقارير الذي صدر عن منظمة " هيومن رايتس ووتش"، ونشر في موقعها الرسمي ضمن توثيق أحداث 2018م: لقد تسبّب النزاع المسلح في اليمن منذ اندلاعه بمقتل وإصابة آلاف المدنيين اليمنيين، وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قُتل 6,872 مدنيا وجُرح 10,768 شخصا، أغلبهم بسبب الغارات الجوية للتحالف بقيادة السعودية، وفقا لـ "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان". من المرجح أن عدد الإصابات الفعلي في صفوف المدنيين أعلى بكثي، حيث نزح آلاف آخرون بسبب القتال، ويعاني ملايين من نقص الغذاء والرعاية الطبية"، وهذه الفقرة بينها وبين الحقيقة على الأرض مسافة شاسعة.
ثالثاً: جملة من التقرير الحقوقية، أثناء ما توثق بعض الجرام والانتهاكات، تنطلق وفق مزاج الراصد نفسه، فهي تركز على انتهاكات في جانب وتغض الطرف عنها في جانب أخر، وكمثال - في التقرير التي خرجت بها "راتيش ووتش" ومنظمة العفو الدولية حول مدينة تعز وكذا منظمة مواطنة المعروف بتحيزها الواضح للحوثيين.
وللتأكيد أيضاً نلاحظ هذه الفقرة حول أحداث 2018م: "احتجز الحوثيون رهائن أيضا، وهي جريمة حرب، فقد وثّقت "هيومن رايتس ووتش" 16 حالة احتجزت فيها السلطات الحوثية أشخاصا بصورة غير قانونية، وذلك في المقام الأول من أجل ابتزاز الأموال من أقاربهم أو لمبادلتهم بأشخاص تحتجزهم القوات المتعادية، أفرج الحوثيون عن بعض المحتجزين فقط".
وهذه المعلومة تحتاج إلى تفصيل، من جانب أنها غير دقيقة ولا تعكس الواقع، ومن جانب أخر أن الراصد غير محايد فالنظر في تفاصيل التقرير يبرز التحيز، ومن جانب ثالث، أن معايير المنظمات في الرصد غالباً يتجاوز كثير من الحالات ولا يتعامل معها بحجة أنها لا تنطبق مع المعايير التي يتخذها، وهذه الفقرة الثالثة هي ما تتذرع بها أغلب المنظمات عند النقاش حول النتائج التي خرجت بها في تقاريرها.
تقرير تحالف رصد
في أحدث تقرير حقوقي، وثق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الانسان (تحالف رصد) ما يقارب 3544 حالة مخفي قسرياً في اليمن خلال الفترة من سبتمبر/ أيلول 2014م وحتى ديسمبر/ كانون أول 2018م، وجميع هذه الانتهاكات مخصصة لمليشيا الحوثي فقط.
ونالت أمانة العاصمة صنعاء النصيب الأكبر في عدد المعتقلين الذين بلغوا 2599 معتقلاً، تلتها محافظة صنعاء بواقع 2223، ومحافظة تعز بـ 1425مختطفاً.
وهذا التقرير يصدر عن مؤسسة حكومية، وهذه المؤسسة غالباً ما تعطل السعودية أي تقارير أو رصد لانتهاكاتها أو انتهاكات الإمارات في اليمن، وهو ما يجعل هذه التقارير ناقصة وغير مكتملة، رغم أن تحالف رصد يقوم بجهود كبيرة ووثق الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون أولاً بأول.
ندوة جنيف
في الندوة التي نظمها "تحالف رصد" مؤخراً في جنيف بمقر حقوق الإنسان، قال الناشط مراد الغاراتي: إن من بين المخفيين قسراً الذين تم رصدهم خلال فترة الرصد، 64 طفل و15 امرأة و72 مسنا، جميعها ارتكبتها المليشيا الحوثية الانقلابية في محافظات صنعاء والبيضاء والحديدة وتعز وحجة واب منذ انقلابها على السلطة الشرعية منذ سبتمبر 2014م، فيما لم يستطع تحالف رصد الوصول إلى مناطق تمثل عمق الحوثيين لرصد الانتهاكات هناك، مثل عمران وصعدة"
وأضاف: اعتمد الحوثيون طريقة الاختطاف والاخفاء ضد السياسيين والناشطين الحقوقيين والصحفيين من منازلهم ومقر أعمالهم ومن الشوارع والطرقات العامة، والمساومة بعد ذلك بهم مقابل مسلحيهم المعتقلون لدى السلطات الشرعية.