أرجع الباحث المتخصص في قضايا العالم العربي والإسلامي صلاح القادري سبب تطرف شباب أوروبيين من أصول عربية إلى التهميش الذين يعيشونه في مجتمعاتهم، مشيرا إلى أنهم يعيشون في أحياء فقيرة ويتعرضون لتمييز اجتماعي في التعليم والتوظيف.
وبرأيه فإن الدول الأوروبية تعلم جيدا أن هذه الأسباب هي التي جعلتهم يتوجهون إلى العنف الذي تدفع ثمنه للأسف الشعوب الأوروبية.
وأضاف في "برنامج الواقع العربي" على قناة الجزيرة أن هؤلاء الشباب لا علاقة لهم ببلدانهم الأصلية، وهم منتوج خالص من المجتمعات الأوروبية، كما أن معظمهم ليس لهم دوافع دينية، وهم تجار مخدرات وأصحاب سجلات قانونية سوداء، واستدل بدراسة أكاديمية صدرت في فرنسا لعالمة اجتماع من أصول مغاربية، أكدت أن أكثر من 50% من الشباب الأوروبيين الذين ينتمون إلى الجماعات المتطرفة لا علاقة لهم بالدين.
أما مدير الأبحاث في معهد إبسوس لاستطلاعات الرأي العام ستيفان زومستيغ - الذي كان يتحدث من العاصمة الفرنسية باريس- رفض تبريرات القادري، مؤكدا أن التهميش لا يمكن أن يكون الدافع للقيام "بهجمات إرهابية"، مع إقراره بوجود تهميش وتمييز في المجتمعات الأوروبية، مشيرا إلى أن كل شخص في الدول الأوروبية له فرصة للاندماج في المجتمع، وبرأيه فإن جزءا كبيرا من الشباب العربي المسلم في أوروبا لجأ إلى التطرف للتعبير عن حالة الغضب من مجتمعه.
وقال إن أوروبا أصيبت بالصدمة جراء هجمات بلجيكا وقبلها هجمات باريس، وهي اليوم في حالة "عدم فهم وتفهم" لما يحدث، ولماذا يذهب شباب أوروبيون إلى العراق وسوريا ثم يعودون للقيام بهجمات في بلدانهم التي ولدوا وكبروا فيها؟
واعتبر أن الجديد في ما يحصل على مستوى أوروبا هو ما أسماه "التطرف الإسلامي" و"الجهادية" التي قال إنها تدعو إلى الهجوم على المجتمعات.
وبشأن المقاربة المتعلقة بالتعامل مع مثل هؤلاء الشباب، أكد زومستيغ أن أوروبا لم تجد الحلول المناسبة لهم، وكيف يمكنها أن تمنعهم من السفر إلى الشرق الأوسط، ولا يوجد الخطاب الجيد الذي يحول دون لجوئهم إلى العنف، واعتبر أن الحلول الأمنية والقمعية غير كافية لردع هؤلاء الشباب الذين قال إنهم يتعرضون للتعبئة بوسائل مختلفة.
وأشار القادري إلى غياب دور أهل الفكر والبحث الأكاديمي في الدول الأوروبية في ما يتعلق بتناول ظاهرة لجوء شباب من أصول عربية إلى العنف والتطرف، حيث ترك المجال لبعض السياسيين والإعلاميين الذين يتعاملون مع نتائج الظاهرة دون أسبابها.
ودعا الدول الأوروبية إلى إعادة النظر في تعريفها للإرهاب، والتعامل مع ظاهرة العنف على أساس أنها تمس الجميع.