خلال ساعات فقط من تداول الخبر الذي نقلته وكالة "إرنا" الإيرانية، كان وسم #السعودية_تكتشف_خيانة_الامارات قد تصدر قائم الهشتاقات الأعلى في اليمن الخليج على توتير، وتحت هذا الوسم غرد المئات من الخليجين واليمن ومن خارج الوطن العربي.
هذا التحول في السياسة الإماراتية والذي بات يتخفف من مسؤوليته تجاه السعودية، ويذهب نحو عدوها الأول "إيران" لم يكن مفاجئ لبعض الناشطين والمتابعين للأحداث، إذا ما علمنا أن السلوك الإماراتي منذ عاصفة الحزم كان عليه ملاحظات كثيرة يمكن أن يفهم عبرها خطابها وتوجهها وموقفها ككل.
رئيسة مركز الإمارات للسياسات "ابتسام الكتبي" كتبت تغريدة على صفحتها "توتير" في منتصف أكتوبر/ تشرين أول 2018م: " ستشهد الأيام المقبلة تحولات سياسية مهمة، وتبدلات في المواقف جمة، وستطغى لغة المصالح على ما عداها، وستتحول دول من فلكٍ إلى فلك، فقط راقبوا وترقبوا".
هذه التغريدة لم تكن فك شفرة في حينها؛ بل كانت تأكيد لشيء حاصل فعلاً يمكن ملاحظته، وحينها، لم تكن العلاقة مع إيران بذات الوضوح التي عليها الأن، وهو ما يؤكد، أن الإمارات كانت ترتب لهذه العلاقة منذ وقت مبكر، فـ " العودة إلى الحضن الإيراني يبدو خياراً استراتيجياً لها بعد أن تحقق لها جملة من الأهداف ضمن عاصفة الحزم.
ويمكن استخلاص أبرز الأهداف للإمارات: انهاء الربيع العربي واليمني تحديداً، تبادل مصالح مع إيران في دعم الحوثيين وتقويتهم وعدم اسقاطهم، الثالث: الحصول على موضع قدم في جنوب اليمن، وأخيراً: - وهو الأهم - الخوف من اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة ستكون دول والخليج والإمارات بشكل خاص مسرح هذه الحرب؛ بسبب قربها من إيران ومن مضيق هرمز.
ردود فعل سعودية
عرفت الدبلوماسية السعودية تجاه الإمارات على مدى العقود الماضية بالمرنة، وعدم ابداء أي اعتراض رسمي. على النقيض – من ذلك - تماماً من الموقف الإماراتي تجاه السعودية. فمنذ انطلاق عاصفة الحزم خرجت عدد من التصريحات ضد السعودية أو تتناول الشأن السعودي الداخلي والخارجي، فيما كانت الأخير تكفي بالصمت وتخرج بعض الأصوات المقربة من دوائر صنع القرار أو ردود فعل فردية وغير منظمة.
كان أبرز تعليق سعودي – على الحدث - للمدير العام السابق للإيسيسكو "عبدالعزيز التويجري" بقوله: "من يتمنّى أن ينقسِمَ اليمن رُبّما يتمنّى أن ينقسِمَ غيرُه، فلتَاتُ اللسان تكشِفُ مكنونَ الجَنَان"، هذه التغريدة من شخص مقرب من دوائر صنع القرار تكشف حجم الرفض للتوجه الإماراتي الجديد، وتوقيت هذه التغريدة حول تصريح مستشار ولي عهد أبوظبي "عبدالخالق عبدالله" بأن الوحدة اليمنية انتهت ولن تعود!
الكابتن المتقاعد "سلطان الطيار" علق بتغريدة على اللقاء الذي جمع خفر السواحل الإيرانية مع الإماراتية: "ما جدوى أن يُطلب من قطر خفض علاقتها الدبلوماسية مع إيران إذا كان أحد الحلفاء يعزز علاقاته معها؟ وأضاف: ما جدوى أن يُطلب من الحوثي التسليم للشرعية إذا كان أحد الحلفاء يدعم ميليشيات انفصالية تتمرد عليها؟، وما جدوى أن يُقاطع نظام بشار إذا كان أحد الحلفاء يمد يده إليه؟، وختم حديثه" ما معنى التحالف؟!
الإعلام السعودي الرسمي المرئي والمسموع والمقروء أغفل الحدث تماماً، ويبدو أن اغفال حدث بهذا الحجم ليس نتاج تجاهل، ولكن بسبب أن السعودية لم تتخذ موقف – حتى الآن - تجاه هذه التحركات الإماراتية، وبالتالي يصبح صمت الرياض تجاه تناول هذا الحدث سلباً أو إيجاباً موقف غاضب.
كان هناك مقالة يتيمة في صحيفة عكاظ السعودية، لـ د "رامي خليفة" عن الخلاف السعودي الإماراتي الذي لا ينتهي عند البعض: مرة خلاف في سورية، وأخرى في اليمن، وثالثة في شمال أفريقيا وفي النهاية يظهر أن التنسيق الاستراتيجي بين البلدين عميق، ومع ذلك لا يمل البعض من تكرار الأسطوانة المشروخة بوجود خلاف بينهما". وهو وإن كان مقال يؤكد متانة العلاقة إلا أنه يمكن أن يقرأ من زاويتن: الأول أن الكاتب غير سعودي والثاني أن الصمت عن التناول في الأخبار يخرج الموقف من الصمت إلى العلن.
على المستوى الشعبي، غرد ناشطون ضد هذا التحالف أو بداية التقارب بين الإمارات وإيران، في حين أعتبره أخرين بأنها أوهام ومجرد أكاذيب، وأن العلاقة بين السعودية والإمارات خلقت لتبقى ولن تؤثر عليها مثل هذه الهشتاقات المغرضة بحسب وصفهم.
الجانب الإماراتي
كان أهم تعليق إماراتي على اللقاء هو تقليل مستشار ولي عهد أبو ظبي الأستاذ الأكاديمي "عبدالخالق عبدالله"، من اللحدث، إذا قال في تغريدة له: لقاء وفد خفر السواحل الاماراتي – أمس – بطهران، هو لقاء فني روتيني اعتيادي يعقد كل 3 اشهر وهو السادس من نوعه وله علاقة بدخول قوارب صيد في المياه الإقليمية للبلدين عن طريق الخطأ ويحاول الاعلام الايراني والقطري تضخيمه لمكاسب إعلامية. وكل ما يصدر من هذه المنابر عن هذا اللقاء كذب في كذب.
وفيما يمكن استدراكه على "عبدالخالق عبدالله" أن القاء الخامس تم قبل عاصفة الحزم في عام 2013م، فيما يعد هذا اللقاء الأول من نوعه بعد عاصفة الحزم.
ردود فعل يمنية
يمكن القول بإن ردود اليمنيين كانت قوية، وكانت تعزيزاً لشكوك سابقة حول طبيعة هذه العلاقة وأهدافها ومراميها، فالمواقف والسياسة والتوجه الإماراتي ضمن عاصفة الحزم داخل اليمن كان يشوبه الكثير من الملاحظات، وخروج هذه العلاقة إلى النور بين أبوظبي وطران يجيب على تساؤلات كثيرة كانت في دائرة غير المفهوم على الأقل.