وقالت كرمان، في مقابلة مع "عربي21"، إن لديها مآخذ على السياسة الأمريكية، خصوصا تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه التساهل تجاه التمدد الإيراني في المنطقة، ولكن مقاطعة أمريكا خيار غير واقعي.
من جهة أخرى، أكدت كرمان أنها كانت من "أوائل المؤيدين لمطالب الحراك الجنوبي السلمي، التي حققتها ثورة فبراير السلمية"، لكنها رفضت تشكيل المجلس الجنوبي مؤخرا، معتبرة أن "ما حظي به ما يسمى بالمجلس الانتقالي من دعم لتمرده على قرارات السلطة الشرعية من قبل قوات الإمارات في اليمن، يجعله أشبه بانقلاب ثان على السلطة الشرعية اليمنية".
وطرحت كرمان سبعة مرتكزات قالت إنها ضرورية لإنجاح أي حل سياسي في اليمن.
وإلى نص الحوار:
* ما تعليقك على قرار دول خليجية مقاطعة قطر وفرض حصار عليها؟
* ما تعليقك على قرار دول خليجية مقاطعة قطر وفرض حصار عليها؟
- الإجراءات التي تم اتخاذها بحق قطر جائرة ومبالغ فيها. هناك طرف واحد يستفيد منها وهو الانقلاب في اليمن والمشروع الإيراني في المنطقة. أدعو الإخوة في السعودية إلى إلغاء هذه الإجراءات من أجل مصلحة الخليج العربي والأمة العربية. التماسك ووحدة الصف الخليجي مهمة في هذه اللحظة الفارقة في تاريخ أمتنا.. هذا ما يقوله العقل والمنطق.
وأنا هنا أحيي جهود دولة الكويت وأميرها وأراهن على حكمائها في حل الأزمة المتصاعدة بين قطر وأشقائها. طبعا يجب ألا ننسى أن قطر تدفع كلفة وقوفها مع الربيع العربي، والدفاع عن قضاياه العادلة.
* كيف ترى توكل كرمان القمة الأمريكية العربية الإسلامية في الرياض؟
- العلاقات العربية الأمريكية ملف شائك دائما. شخصيا أنا مع أن تقيم الدول العربية والإسلامية علاقات قوية مع أمريكا، وضد تبني شعار إيران الزائف الذي يعتبر أمريكا الشيطان الأكبر ثم يقيم معها الصفقات في الخفاء. كل ما أرجوه أن تكون العلاقات محترمة، وهذا ما يجب أن نعمل من أجل حصوله. اعرف أن لدينا مآخذ على السياسة الأمريكية، خصوصا تجاه القضية الفلسطينية، والتساهل تجاه التمدد الإيراني في المنطقة، لكن مقاطعة أمريكا خيار غير واقعي.
يجب أن نعمل على منظمات المجتمع المدني في أمريكا؛ مع الإعلام الأمريكي، مع الشخصيات الأمريكية الفاعلة من أجل إبراز عظمة الربيع العربي وأهمية الديمقراطية في العالم العربي في مكافحة الإرهاب. أمريكا بلد مفتوح، وعلينا أن نكسب الرأي العام قبل كل شيء.
* الإعلان عن الكيان الجديد بالجنوب اليمني؛ هل هو قضية عادلة أم محاولة لتشتيت الجهود في مواجهة الحوثي؟
- كنت من أوائل المؤيدين لمطالب الحراك الجنوبي السلمي، وكافحت من أجل أن تنال القضية الجنوبية حلا عادلا لها، وأعتقد أن ثورة فبراير السلمية حققت الحل العادل والمنصف للجنوب، ولقد تضمنت وثيقة الحوار الوطني الشامل ما أعتقد أنها حلول للقضية الجنوبية وغيرها من القضايا الوطنية؛ من خلال تأسيس دولة اتحادية تضمن عدم التهميش السياسي، والتوزيع العادل للثروة، وهذا ما جعل الحوثي والمخلوع صالح يتخذان قرارا بالانقلاب. وباعتقادي أن أي خطوة للانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن، لا يمكن تسميتها إلا بالانقلاب.
باعتقادي أن تشكيل مجلس انتقالي جنوبي في هذه المرحلة لمنازعة السلطة الشرعية صلاحياتها؛ يصب في مصلحة انقلاب مليشيا الحوثي والمخلوع صالح، وليس في مصلحة أحد آخر، وهذا ما يفسر الدعم الإعلامي الذي حظي به هذا الإعلان من الانقلابيين.
يجب دعم سلطة الرئيس الشرعي هادي بكل قوة حتى دحر الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة، وإجراء الاستفتاء على الدستور، وإقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية وأقاليم ومحلية حسب الدستور الجديد.
طبعا ليست هناك مشكلة في أن يعبر الناس عن آرائهم ومشاريعهم بأي طريقة سلمية، لكن ما حظي به ما يسمى بالمجلس الانتقالي من دعم لتمرده على قرارات السلطة الشرعية من قبل قوات الإمارات في اليمن؛ يجعله أشبه بانقلاب ثان على السلطة الشرعية اليمنية، ويجعل من هذه القوات أشبه بقوات احتلال، لذا يجب تصحيح هذا الوضع بصورة عاجلة مما يجعل من قوات الإمارات مساعدة للسلطة الشرعية لبسط نفوذها في جميع التراب الوطني، كما هو معلن، لا تشجيع الانقلاب أو التمرد عليها من قبل أي كان.
* كيف ترى توكل كرمان مستقبل الوضع في اليمن؟
- اليمن يمر بمرحلة شديدة الصعوبة. هناك حرب تدور منذ أكثر من عامين نتيجة لانقلاب مليشيات الحوثي والمخلوع صالح المدعوم من دولة الملالي في إيران. مستقبل اليمن هو دولة اتحادية من ستة أقاليم، كما نصت على ذلك وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل. هذا ما نعمل من أجله، وهذا ما تنطق به قرارات مجلس الأمن. ندرك أن دون ذلك عقبات كثيرة، لكن لدينا إيمان بأننا سوف نصل إلى ما نريد.
* هل تعتقدين أن اليمن يتهدده خطر التقسيم في هذه المرحلة؟
- الانفصال وتقسيم اليمن لن يحدث بسهولة. يتطلب تقسيم اليمن قبولا شعبيا واسعا على المستوى الوطني لجميع الناس في اليمن الكبير، ودعما عربيا ودوليا، وهو الأمر الذي لا أراه قابلا للتحقق. الشعب اليمني حريص على وحدته في ظل دولة اتحادية ديمقراطية مدنية تضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة، دون إقصاء او تهميش. ويكافح اليمنيون بمختلف مناطقهم وتوجهاتهم من أجل تحقيق هذا الهدف، أما العالم فلن يسمح بتقسيم اليمن، ولن يساند ذلك؛ لأن الوحدة اليمنية تمثل عامل استقرار للمنطقة، وشرطا ضروريا لتحقيق السلام الإقليمي والعالمي في واحدة من أهم المناطق في العالم، فلا يخفى على أحد ما يتمتع به اليمن من موقع جيوسياسي بالغ الأهمية.
* ما تقييمكم لدور الإمارات في المنطقة العربية عامة، وفي اليمن بصفة خاصة؟
- في الفترة الأخيرة، بدا أن أهداف الإمارات ليست هي أهداف التحالف العربي. لا أحد يعرف نواياها تجاه اليمن. أرجو أن تخبرنا الإمارات ماذا تريد بالتحديد. هل هي مع الشرعية بقيادة الرئيس هادي أم لا؟ هل تنوي تقسيم اليمن أم إنها ملتزمة بوحدة اليمن؟ هل تنوي إغراق اليمن في الفوضى أم تنوي مساعدة اليمن وإخراجه من محنته؟ التصرفات الإماراتية الأخيرة تثير الشكوك، لكن على الإمارات الإعلان عن نواياها، وأن يصدق القول العمل.
* ما تقييمك للدور السعودي في الأزمة اليمنية منذ 2011 وحتى اليوم؟
- السعودية لم تكن تنظر بعين الرضا للربيع العربي، وانحازت لنظام المخلوع صالح، لكنها سرعان ما رعت مبادرة سياسية لانتقال سلمي للسلطة. السعوديون يقولون إنهم يريدون مساعدة الشعب اليمني لاستعادة دولته، ومنع إيران من التهام اليمن، وهذا شيء يشكرون عليه. أعرف أن هناك من لديه ملاحظات على السعودية ودول التحالف، وهناك من يعتقد أن السعودية لديها مخططات خاصة بها في اليمن، وأنها ستعمل على تقسيم اليمن. هذا الكلام يقال في بعض الأوساط، لكن اليمنيين يرون أن تقسيم اليمن سيضر السعودية في المقام الأول، وأن السعودية صادقة في توجهاتها تجاه اليمن.
العلاقات اليمنية السعودية ضرورية جدا، ولا يستطيع أحد التنصل منها. نحن جاران قريبان من بعض، وهدفنا اليوم مشترك، وهو تمكين السلطة الشرعية من استعادة مؤسسات الدولة.
* كيف تدعم مؤسسة توكل كرمان الشعب اليمني؟
- مؤسسة توكل كرمان استكملت ترتيب وضعها القانوني قبل وقت قصير جدا، ومع ذلك، نحن نفذنا عدة حملات إغاثة في مناطق متعددة في اليمن. نقوم في الوقت الراهن بجهود كبيرة في هذا المجال دون الإعلان عنها، حتى لا تتعرض للمنع من قبل الانقلابيين. لدينا خطط كبيرة تجاه اليمن وبعضها قيد الدراسة، ونحن عازمون على مساعدة شعبنا ووضع حد لمعاناته.
* ما هي استراتيجية نشطاء اليمن وشبابه في الداخل والخارج لإسقاط الانقلاب؟
- استراتيجية اليمنيين لإسقاط الانقلاب تقوم على رفض الاعتراف بالانقلاب، ودعم المقاومة الشعبية ضد محاولة صالح الحوثي السيطرة على البلاد، وبناء جيش وطني تكون مهمته تحرير البلاد من قبضة الانقلاب، ومنع الانزلاق للفوضى بعد التحرير. لدى اليمنيين إصرار كبير على إسقاط الانقلاب حتى لو تخلى عنهم العالم.
بالنسبة لي وقطاع واسع من شباب الثورة السلمية والوسط المدني والإعلاميين، نكافح الانقلاب من موقعنا السلمي. ويمكن القول إن اليمنيين بمختلف مواقعهم يسعون لإسقاط الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية وبنائها وفق مخرجات الحوار الوطني؛ التي نصت على إقامة دولة ديمقراطية اتحادية متعددة الأقاليم.
* هل ترين انعكاسات لقدوم دونالد ترامب رئيسا لأمريكا على القضية اليمنية؟
- ترامب معروف بسياسته ضد إيران، لكن لا أحد يمكنه ضمان السياسة الأمريكية. شخصيا أخشى من نبرة الكراهية والاستعلاء التي تسيطران على خطاب ترامب، وأرى أن هذا الخطاب لا يساهم في تفهم أي قضية، بما في ذلك القضية اليمنية.
* كيف ترين نسق العلاقة بين السيسي والحوثي وحفتر؟
- الانقلابيون ملة واحدة يساعدون بعضهم بعضا، وهم أصحاب مشروع واحد، وهو منع أي تغيير ديمقراطي في العالم العربي، ولذا يجب أن يتحد العرب المطالبون بالتغيير أكثر، حتى يمكنهم إسقاط مشروع الثورة المضادة في المنطقة.
* ما هي سيناريوهات الحل المستقبلية في اليمن؟
- الحل هو في سلام دائم ومستدام ينهي الحرب، ويعمل على استعادة الدولة اليمنية، ويضمن العدالة والإنصاف، وعدم تكرار الصراع وعدم الانتقام، ويقوم على سبعة مرتكزات:
- دولة تحتكر امتلاك السلاح، بما يعني سحب كامل الأسلحة من المليشيا والجماعات المسلحة خارج الدولة.
- دولة تحتكر السيطرة والسيادة على المناطق، وهو ما يعني انسحاب المليشيات من المناطق كافة، وحلها وتحولها إلى أحزاب سياسية لا تمتلك السلاح ولا تزاول العنف لتحقيق أهدافها، ولا تستخدم القوة للوصول إلى السلطة.
- اتخاذ الإجراءات الكفيلة باحترام حقوق الإنسان وكفالة العدالة الانتقالية، وما يتضمن من مبادئ خاصة بإنصاف الضحايا وتعويضهم وملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، وكفالة عدم تكرارها.
- وضع حد للمخلوع صالح وعائلته وحصانته وأرصدته وأسلحته ومشاركته في الشأن السياسي والعام.
- توحيد الجيش على أسس وطنية يراعى فيها التقسيم الجغرافي للبلاد، ويأخذ بالمعايير الموضوعية التي تجعل من ولائه للوطن، لا الفرد ولا العائلة ولا الطائفة ولا الجهة.
- الاستفتاء على مسودة الدستور التي سبق التوافق عليها بناء على مخرجات الحوار الوطني.
- الذهاب للانتخابات المحلية وانتخابات الأقاليم والنيابية والرئاسية، بناء على الدستور الجديد.