قال مدير عام قناة العرب الاخبارية، الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، أنه لا ينبغي تسليم اليمن كليا أو جزيئا للحوثيين حتى لو غيروا شعارهم إلى الموت لإيران الموت لأمريكا.
وأضاف في مقال نشرته "مدونات الجزيرة" ان رواتب الموظفين في كل اليمن ستتأخر آخر هذا الشهر وما يليه، وهي تكاد أن تكون الدخل الوحيد الذي يحرك الاقتصاد المحلي.
واعتبر ذلك في حد ذاته كارثة. وفيما يلي نص المقال:
كنت في عُمان الأسبوع الماضي، بعاصمتها الهادئة المرتبة التي من صخب المدن الخليجية الأخرى، مكان ممتاز لتتبع أخبار اليمن، عرض علي صديق هناك أن التقي وفد الحوثيين الذي كان لا يزال "عالقا" هناك، فهم يريدون اصطحاب أسرهم وأقارب لهم على طائرة الأمم المتحدة، والأخيرة ترفض، فهي معنية فقط بأعضاء الوفد.
لقد أمضوا عمرا خارج بلادهم يتفاوضون، أكثر من ستة أشهر أمضوها بين الكويت ومسقط، ضيوف كرام على حكومة البلدين، لعل هذا سببا في إطالة أمد الصراع، فلا أحد مستعجل للعودة لليمن الذي كان سعيدا بما في ذلك الحكومة، ولكن معلومات جدة تقول أن الرئيس هادي سيعود إلى عدن عودة نهائية بعدما سبقه إليها رئيس حكومته بن دغر، ربما ستؤدي عودة الجميع إلى عدن وصنعاء إلى تليين مواقفهم والتوصل إلى اتفاق مفتاحه "المشاركة في الحكم"
عندما يملون من كثرة انقطاع المياه والكهرباء، وشكوى الأولاد والأقارب وأبناء القبيلة من سوء الأوضاع، فاليمن مقبل على مجاعة قريبة، فالطرفين يكادا أن يكونا مفلسين، فالبنك المركزي الذي أمر الرئيس هادي بنقله من صنعاء إلى عدن مفلس، وعندما يصل هناك سيبقى مفلسا، اللهم إلا من إيداعات قليلة تصله من التحالف أو من بيع شحنة نفط متواضعة، يعني ذلك أن رواتب الموظفين في كل اليمن ستتأخر آخر هذا الشهر وما يليه، وهي تكاد أن تكون الدخل الوحيد الذي يحرك الاقتصاد المحلي، وهذا في حد ذاته كارثة.
لم أتحمس للقاء وفد الحوثيين، فنحن في حالة استقطاب، والحوثي على قائمة الإرهاب السعودية، رغم أننا نتفاوض معهم مباشرة، وهذا غير مفاوضات الكويت، ولكن الرأي العام السعودي لن يرحم صحفيا التقى بالحوثيين، ربما ضيعت فرصة للحصول على معلومات تدعم مقالي هذا، رغم قناعتي ألا جديد عندهم، غير اللف والدوران الذي اعتقدوا أنها براعة سياسية تعلموها في الضاحية ومن طهران، صديقي بمعجب برئيس وفد الحوثيين المفاوض محمد عبدالسلام، ويرى أنه سياسي داهية ومفاوض شرس "يلعب بالبيضة والحجر" هنا مكمن المشكلة، إنه يرى مثل كثير من الساسة العرب في استعراض مهاراته التفاوضية وقدرته على تسجيل المواقف، انتصار، بينما تأكل الحرب والفقر والخلاف وطنه.
مصدر محايد قريب من المفاوضات أخبرني أن الحوثيين حصلوا على أفضل ما يمكن الحصول عليه ويحتاجون من يقنعهم أو يضغط عليهم كي يقتنعوا، سفير عماني سابق قال إنهم يفعلون ذلك، ولكن المصدر المحايد نفى ذلك، هل المشكلة في وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي كان في جدة قبل أسابيع وقال إن لديه مبادرة، ومصادر عدة تقول إنه لا توجد أي مبادرة مفصلة لديه تختلف عما تم التوصل إليه في الكويت والتي قدمها مبعوث الأمم المتحدة وقبلتها الحكومة الشرعية، الضبابية الأمريكية مضرة في اليمن مثلما هي مضرة في سوريا!
أعتقد أن الحوثيين يراهنون أن الزمن في صالحهم، فاليمن وضعه سيئ قبل الحرب، وبالتالي لا يوجد ما يخسره لو صبر أكثر، معتقدا أنه كلما طالت الحرب، زادت الضغوط على الرياض، وهي بالفعل مشغولة منذ فترة بمداراة هذه الضغوط والتي تأتيها حتى من أصدقاء مفترضين، بالتأكيد لا يمكن بحال من الأحوال مقارنة غارات التحالف الذي تفوده السعودية ويستهدف أهداف عسكرية في اليمن بما يفعله الروس والنظام السوري بحلب وكل سوريا، ولكنها تظل معرضة لانتقاد برلماني غربي أو افتتاحية بصحيفة أمريكية تشوه موقفها، كلما سقط مدني في حرب لم تريدها وحريصة أن تبقى في إطار استهداف الحوثيين وصالح وجيشهم، لذلك يجب الاستعجال في إنهاء هذه الحرب، لا لتخفيف تلك الضغوط وحملات التشويه، بل رحمة باليمن أيضا، فالفقر بلغ أرقاما قياسية وكذلك الأوبئة.
السعودية لا تريد للحوثي أن ينتصر، فانتصاره، انتصار لطهران، هذه قاعدة مهمة في أي تحليل للأزمة هناك، ولكن يبدو أن أحد ما يعتقد أنه يمكن عقد صفقة معهم أو إبعادهم عن إيران، أعتقد أن هذا أكبر خطأ يمكن أن تقع فيه الرياض، فالحوثي جزء من المشروع الأصولي الطائفي الذي تراعاه طهران في المنطقة، على صالح نفى قبل أيام وجود تحالف مع إيران ودعا إلى حوار مباشر مع الرياض، ولكن من يصدقه، لو قال إن اسمه "على عبد الله صالح" فيجب ألا يصدقه أي مسؤول سعودي.
ولكن الضغط لإنهاء الحرب بنصر أو مصالحة يبقى مشروعا، حتى سعوديا، فالرأي العام يريد أيضا قفل هذا الملف، ولكن، لا أعتقد ولا ينبغي أن يكون ذلك بتسليم اليمن كليا أو جزيئا للحوثيين حتى لو غيروا شعارهم إلى "الموت لإيران، الموت لأمريكا".