موقع "بلقيس" حاول في هذا التقرير البحث عن إجابات لهذه التساؤلات.
مشوار بنصف القيمة
كانت البداية مع الأخ زياد خالد محمد 35 عاما، والذي ذكر بأنه في وقت متأخر من إحدى ليالي شهر يونيو 2019 كان عائد من زيارة قريب له، ورغم أن الشارع فرعي تفاجأ بقدوم دراجة نارية توقفت جواره ليسأله السائق "مشوار"، فأجابه زياد نعم مكان كذا. كم تريد؟.
يضيف زياد اتفقنا على مبلغ لا يوازي نصف ما أدفعه لنفس المشوار، وفي الطريق دار حديث بيننا وبأسلوب ذكي جرني السائق إلى الخوض في السياسة، ثم بدأ يحدثني عن تذمره من مليشيا الحوثي وأنه يريد الانضمام للشرعية، وحينها لزمتُ الصمت ولم أرد عليه فيما هو يلح أن أدله على شخص بالشرعية.
ويختم زياد حديثه لموقع "بلقيس"، وصلت الحارة التي أقيم فيها وترجلت عن الدراجة متجهاً نحو السكن نهاية ممر صغير وشعرت بوحشة وبسرعة دخلت ممر آخر واختبأت خلف خزان مياه فأبصرت شخص ملثم راقبته وهو يتلفت كأنه يبحث على شيء، وظللت أراقبه وإذا به يعود ويشغل دراجته ويذهب وحينها عرفت أنه سائق الدراجة الذي أوصلني.
نصف مليون للإفراج
فيما يختلف الأمر مع الأخ "ج أ. س" والذي يقول كان أخي "م" وعمره 28 عاماً ويقيم بالعاصمة صنعاء عائد من مشاهدة مباراة رياضية في منتصف أحد ليالي شهر يناير 2019، و استقل دراجة نارية للمنزل ودخل في حديث مع السائق الذي أعلن تذمره من مليشيا الحوثي وأخذ رقم أخي ليساعده بالانضمام للشرعية كما اتضح لنا لاحقاً.
وفي عصر اليوم التالي، جاء مسلحين على طقمين واتصلوا به ليخرج إليهم واعتقلوه وبعد 5 أشهر قضاها في المعتقل تحت التعذيب دفعنا مبلغ نصف مليون ريال ليفرجوا عنه.
مشروب روحي
أما ماهر قاسم علي 32 عاماً ويقيم بصنعاء، وتربطه علاقة مصالح بمسؤول متحوث نبهه من فخ سائقي الدراجات النارية بالمساء.
ويذكر ماهر لموقع "بلقيس" بأن ذاك المسؤول طلب منه في مساء 9 مايو 2019 أن يذهب لشراء مشروب روحي وفي طريق عودته استقل دراجة نارية بكلفة بسيطة مقارنة بما يدفعه كل مرة، وعلى الطريق بدأ السائق بسبب الحوثيين ومدح الرئيس هادي والتحالفً، ولأنه تم تحذيره أخبر السائق أنه يصطاد الشخص الخطأ، وأنه مرافق لمسؤول كبير ومباشرة السائق اعتذر له وأصبحوا أصدقاء.
وفي تصريح خاص لموقع "بلقيس" يؤكد عارف حميد نصر 28عاماً يقيم بالعاصمة صنعاء، بأن الخوف من بطش مليشيا الحوثي جعله يتحفظ عن نقد الحوثيين.
ففي شهر يونيو 2019 اشترك في زفة زميل له ولأنه لا يمتلك سيارة والوقت قارب منتصف الليل اضطر لاستئجار دراجة نارية للعودة إلى السكن، وبمجرد أن بدأ السائق بذم الحوثيين حذره من التمادي.
وأضاف عارف، تظاهرت بالغضب الشديد وعملت نفسي حوثي حتى النخاع وأني شاركت في حرب الدواعش وما زلت وذكرت له أسماء مشرفين وشرعت في مدح الحوثيين و...إلخ من كلام كله كذب وتدليس فرضه الخوف من البطش، فأرتاح السائق وأخبره بأنه تلقى تدريب خاص للقيام بمهمة اكتشاف الدواعش بصنعاء حد قوله.
دراجات المساء
وفي تصريح خاص لموقع "بلقيس" ضابط أمن متقاعد طلب التحفظ على اسمه، قال خلال السنوات الثلاث الماضية كان يشكو قاطني صنعاء من انتشار النقاط الأمنية وحواجز التفتيش التي تقيمها مليشيا الحوثي.
ومع تزايد حدة الانتقادات لتلك المظاهر وكونها شكلت هدفاً لطائرات التحالف، لجأت مليشيا الحوثي إلى تغيير خطة الانتشار الأمني إلى اعتماد ديناميكية أخرى تمثلت في تدريب مئات من شبابها على قيادة الدراجات النارية، واخضاعهم لدورات مكثفة في كيفية نقل المعلومات واستدراج المناهضين للمليشيات.
وهؤلاء العناصر ينتشرون بشكل أكبر خلال فترة المساء حتى الفجر على أنهم سائقي دراجات نارية يعتمدون هذه الوسيلة مصدر لكسب لقمة العيش، ووسط تكتم كبير للقيام بمهام عدة وبحرفية عالية.
وختم الضابط تصريحه معلقاً بسخرية في السابق استخدم نظام عفاش سيارات المرسيدس والأجرة للإيقاع بخصومه وأبرز التصفيات بهذه الوسيلة كانت حادثة اغتيال عبدالعزيز السقاف رحمه الله، ناهيك عن ألاف الضحايا من الأبرياء كان مصيرهم السجن لأنهم سبوا عفاش ونظامه، وحالياً مليشيا الحوثي تحذو حذو نظام عفاش ولكن بالدراجات النارية في تكتيك أمني يقلل خسائرها في الأرواح والنفقات ويسهل لها الايقاع بالضحايا الأبرياء وكسب كثير من الأموال من خلال المقايضة بالمال للإفراج عنهم.