فبعد ثمانية أعوام من خروجهم للتظاهر ضد نظام المخلوع علي عبد الله صالح عام 2011، لا يزال شباب الثورة يتحدثون بلغة الإصرار مؤكدين عزمهم على استكمال مسيرة الثورة رغم كل ما تمر به بلادهم من مآس وتجاذبات سياسية وإقليمية خلال الأعوام الأربعة الأخيرة تحديداً.
يقول المقبلي إن لأهداف ثورة فبراير - ومخرجات الحوار الوطني التي خلصت إليها الحكومة الانتقالية- علاقة مباشرة بمستقبل الشباب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي.
وبشأن السؤال الذي يثيره البعض عن مدى قبول الشباب اليوم بالأمر الواقع وما يمكن أن ينتج عنه من تسويات سياسية بين الحكومة الشرعية والحوثيين قد تهمش دور الشباب، يؤكد المقبلي أن شباب الثورة لن يقبلوا بغير دولة مدنية ديمقراطية ونظام جمهوري قائم على شكل يمن اتحادي جديد وفقا لمخرجات الحوار الوطني الذي شاركوا في صياغته.
وحول وسيلتهم لبلوغ هذه الغاية، طالب المقبلي الشباب بالاستمرار في الكفاح ضد انقلاب الحوثيين في الشمال والاحتلال في بعض المناطق الجنوبية والساحل الغربي بقيادة التحالف السعودي الإماراتي، وعدم السماح بإجهاض التحولات التي خرجت من رحم ثورة الشباب.
محاولة إجهاض
الأمر ذاته يؤكده القيادي والناشط في الثورة وليد العماري الذي يرى أن ما حدث بعد مؤتمر الحوار الوطني شكل محاولة لإجهاض الحلم اليمني وتحويله إلى كابوس.
ويوضح العماري أن ما حدث من انقلاب على الدولة عام 2014 كان من صنيعة دول إقليمية وبتواطؤ دولي الهدف منه إعاقة التحول الديمقراطي.
وكل تلك المؤامرات لن تصمد طويلا أمام إرادة اليمنيين -كما يقول العماري- رغم كل ما تمر به البلاد اليوم من أوجاع، مؤكدا أن للشعب إرادة لا تقهر.
ويسترجع العماري ذكريات تحركات الجماهير الثائرة في فبراير/شباط 2011 والتي كانت تحمل الورود والآمال الكبيرة وتتطلع لبناء يمن جديد.
وكان هذا انعكاسا منطقياً لحالة الغليان والاحتقان السياسي خلال تلك الفترة -يقول العماري- ترجمته بعدها وثيقة الحوار الوطني التي لا تزال وثيقة وطنية تاريخية يستند إليها الشعب في نضاله ضد سلطات الانقلاب الحوثي المسكون بوهم الإمامية.
حلم فبراير
من جهته، يقول الصحفي والكاتب اليمني فتحي أبو النصر "في فبراير كبر حزني وكبر حلمي، لكنني انتشيت به كأي ثائر ومواطن يمني".
ويضيف "رغم كل الخيبات والخذلان والمكائد، سنظل نردد أن فبراير هو الأفق الذي في الأفق، وأن لا شيء سيكسر جذوة اليمنيين للتغيير ما داموا يهتدون بنجمته الخالدة من أجل دولة الكرامة والخبز والحرية".
وعن مآلات الثورة، يقول أبو النصر "تشوه كل شيء في بلدنا الذي لم يعد وطنا وتحول إلى زريبة للانقلابيين والطوائف وتجار الدين والإعلام والإرهاب والسياسة ومجرمي الشرعية وحقوق الإنسان، تشوه كل شيء بالطبع ما عدا روح فبراير".
ويخاطب أبو النصر رفاقه الشباب من جيل فبراير قائلا "روح 11 فبراير المدنية والسلمية كامنة في مآقي الشهداء المضيئة فقط، عليكم أن تحدقوا ناحيتها باعتزاز شديد دائما لأنها دليلكم الوحيد في هذا الدرب الطويل والشاق والمنطفئ، فمن دونها لن تروا بعضكم كما ينبغي".
وحسب الكاتب "هنالك اختلال وهناك خذلان أيضا في صفوف الثورة، لكن القوى المضادة لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر اللتين تعتبران الامتداد التاريخي الطبيعي لـ 11 فبراير، ما تزال تريد إجبار الشعب على مشاريعها الضيقة، وبالطبع فإنها تضيق خيار قيام دولة حقيقية".
ويرى أن كل جماعة مغلقة وعنيفة تختزل خلاص الوطن في أفكارها شمالا وجنوبا اليوم من خلال أوهام وأنانيات، وتتمسك بهواجسها الجوفاء وتهافتات بدائيات معزولة عن التطور، يصاحبها انتهاك لأحلام الشباب بالمحبة والعيش الكريم وتحقيق الوطنية المبدعة.
وحسب المتحدث، لا تزال تلك الجماعات تتغول في محو ضميرها الوطني وتكرس جهودها للاستقطابات غير الوطنية، وتنسجم تماما في تسلطها على حرية وحقوق الشعب، وبالنتيجة يكون الكيد لروح وزخم ثورة فبراير الفارق.
ثورة مضادة
وفيما يتعلق بالتهم الموجهة لكل من السعودية والإمارات في تبديد ثورة اليمنيين، تحدث الباحث عبد الغني الماوري وقال إن هناك رؤية لدى هاتين الدولتين معادية للقيم المدنية الحديثة ومن بينها الديمقراطية، وهذا ما دعاهما للعمل على إفشال ثورات الربيع العربي وثورة فبراير.
ويمكن رؤية تلك الجهود المعادية للثورة -بحسب الماوري- من خلال استهدافها لقوى الثورة المختلفة عبر الاغتيالات أو المعتقلات السرية أو حتى من خلال اتهامهم بالإرهاب.
ووفقا للماوري فإن السعودية والإمارات -اللتين تحتلان البلاد من الناحية العملية اليوم- لا تزالان تعتقدان أن تفخيخ المجتمع اليمني بالجماعات المسلحة مثل مليشيا الحوثي وقوات الحزام الأمني سيحول اليمن لدولة منهارة بشكل تام، وذلك سيقضي على آمال التغيير لدى الشعب اليمني وشعوب المنطقة.
ويتابع الباحث اليمني "علينا الاعتراف بأن مخطط السعودية والإمارات يحقق نجاحات على الأرض لكنها لن يكون من السهل الحفاظ عليها، خصوصا وأن الشعوب العربية قد عرفت أن خلاصها يكمن في بناء دول ديمقراطية وليس أنظمة مستبدة قمعية".
المصدر: الجزيرة نت