الاحتقان في المدينة يتضاعف وباتت الحالة هناك على أرضية هشة ورمال ساحلية متحركة، بحسب بوصلة يحددها المتحكّم بهم عبر طائرة متنقلة بين مطار عدن ومطار ابو ظبي، أدواتهم السلاح المنفلت، مستغلين ضعف الشرعية في عدن التي تمت بفعل فاعل.
المجلس الانتقالي الممول إماراتياً اختار شهر أكتوبر تاريخا لتصعيده الذي دشنه ببيان دعا فيه أنصاره الى اجتياح مؤسسات الدولة، وأطلق وعيده بإسقاط ما تبقى من رمزية دولة انحصر حضورها في قصر المعاشيق وبعض المعسكرات والمرافق.
التصعيد في عدن لن يلقي بظلاله على ما تبقى من رمزية للدولة فقط، لكنه يحمل بذور اقتتال أهلي بصبغة مناطقية تتخذ عناوين عديدة، فغالباً ما تحولت الانقسامات السياسية في الجنوب الى انقسامات مناطقية دفع ثمنها المواطن والسلم الاجتماعي الذي لم تندمل جراحه منذ أحداث يناير 1986 في عدن.
المفارقة أن الإمارات التي تمول عملية تقويض الدولة في عدن لاتزال تعمل تحت ظلال الشرعية التي استدعت حضور التحالف لأجل أهداف معلنة، من بينها إسقاط الانقلاب واستعادة الدولة والى اللحظة لم تتخذ الشرعية موقفاً إزاء تصرفات ابو ظبي التي تقوض حضورها.
فماذا ينتظر عدن في ليالي أكتوبر، وهل تعيش العاصمة الموقتة تشريناً أسود، كما عاشت صنعاء أيلولاً أسود، وهل تكون ثورة مضادة لأكتوبر، كما كانت ثورة مضادة لسبتمبر، خصوصاً أن العناوين التي يتم رفعها من قبل الانتقالي تحمل اسم الجنوب العربي وهو مفهوم مضاد لهوية ثورة الرابع عشر من أكتوبر؟!.