ترحيل مئات آلاف المقيمين اليمنيين في المملكة العربية السعودية مأساة جديدة تضاف إلى قائمة المآسي التي يعاني منها اليمنيون، والتي تجعل ما يجري في اليمن "أسوأ كارثة إنسانية معاصرة" بحسب المنظمات الدولية.
وفي مطلع العام الجاري، راحت السلطات السعودية تحصر بعض الأعمال بالسعوديين وتغلقها في وجه الوافدين، في حين أصدرت قرارات بترحيل كل من لا يملك تصريح عمل نظامي، وذلك بهدف خفض معدّلات البطالة بين السعوديين وتوفير فرص عمل للشباب السعودي. أتى ذلك وسط تحذيرات من تداعيات كارثية قد تصيب اليمن وتهدده بآثار اقتصادية واجتماعية سلبية.
تفيد إحصاءات وزارة الداخلية السعودية بأنّ 65 في المائة من الذين جرى ترحيلهم أخيراً من أراضيها هم يمنيون، بينما ينتظر 130 ألف يمني آخرين مصيراً مماثلاً.
يقول أحمد حميد وهو من المغتربين اليمنيين المرحّلين من السعودية، إنّ "السلطات فرضت رسوماً وقوانين ساهمت في تعقيد أوضاعنا لينتهي الحال بعدم السماح لنا بالعمل في مجالات كثيرة وحصر تلك الأعمال والمهن بالسعوديين". يضيف أنّه لم يتمكّن من "دفع المبالغ الكبيرة التي فرضتها السلطات السعودية".
ويتابع حميد: "أعيش منذ سنوات في المملكة أنا وأفراد أسرتي، وكنت أعمل في متجر لبيع الإلكترونيات والهواتف النقالة، وعندما صدر قرار الرسوم الواجب تسديدها عن كلّ فرد من أفراد أسرتي شهرياً، كان من الصعب البقاء. فراتبي بسيط".
ويشير إلى أنّه قرّر إعادة أفراد أسرته إلى اليمن، لكنّ ذلك لم يكن الأمر الوحيد الذي غيّر حياته، ويقول إنّ "قرار سعودة محلات الهواتف النقالة كان الضربة التي دمّرت كل شيء. فغادرت المملكة مجبراً، وها أنا اليوم في مدينتي في محافظة إب أبحث عن عمل من دون أن أوفَّق، وأعيش على ما أحصل عليه من بيع مقتنيات ثمينة خاصة بنا".
لا يختلف وضع المواطن اليمني سعد اليريمي عن وضع حميد، فهو جرى ترحيله من السعودية في أواخر يناي الماضي، الأمر الذي تسبب في سوء وضعه المعيشي ووضع ثلاث أسر كان يعيلها في اليمن.
يقول إنّه "بسبب الحرب، كان أخي وزوج أختي بلا عمل، ولأنّني الوحيد الذي يعمل في السعودية، فقد تحملت مسؤولية إرسال مبالغ مالية لثلاث أسر، إحداها تتألف من سبعة أفراد، من بينهم أطفال.
لكنّني أخيراً، وكما هي الحال بالنسبة إلى مغتربين كثيرين، أجبرت على ترك مصدر رزقي ورزق الأسر التي كنت أعيلها بسبب نظام السعودة".
ويخبر اليريمي أنّه "لأكثر من أربعة أعوام، كنت شريكاً لمواطن سعودي في محل بيع خضراوات وفواكه في العاصمة السعودية الرياض. لكنّ السلطات عمدت أخيراً إلى سعودة محلات الخضار التي يعمل فيها يمنيون وطردت كل من يعمل في هذا المجال".
يضيف: "أنا في اليمن منذ أكثر من شهرَين، ولم أجد حتى اليوم أيّ عمل. ويبدو أنّني سوف أعود من جديد إلى السعودية مهما كانت النتائج وحتى بالتهريب، لأنّني أريد أن أعيش وأفراد أسرتي. وسوف أفعل أيّ شيء في سبيل تحقيق ذلك".
ويعبّر اليريمي عن سخطه إزاء "الذين حرموني من مصدر رزقي في مثل هذه الظروف وعاملوني بطريقة غير لائقة. فقد ألقي القبض عليّ وتقييدي وسجني كأنّني مجرم، قبل أن يجري إخراجي من البلاد بملابسي فقط. لم يسمحوا لي بحمل أيّ من مقتنياتي الخاصة. هل يجوز لهم أن يفعلوا بي ذلك؟ هل نستحق نحن اليمنيون هذه المعاملة؟".
المصدر: العربي الجديد