قال سفير اليمن لدى الأمم المتحدة خالد اليماني، إن الوفد الحكومي بمحادثات الكويت يعمل بانفتاح كاملٍ للتوصل إلى حل للأزمة.
وأضاف اليماني في جلسة بمجلس الأمن، أن خريطة الحل باليمن تشمل تسليمَ السلاح، وانسحابَ المليشيا، وعودةَ مؤسسات الدولة لممارسة عملها من صنعاء.
وأشار الى أن المليشيا سرقت ملايينَ الدولاراتِ من مقدرات اليمن، وتسببت في أزمة اقتصادية تشهدها البلاد.
وفيما يلي نص كلمة مندوب اليمن في الأمم المتحدة
سعادة السفير فرانسوا ديلاتر المندوب الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة،
الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي،
سعادة السيد إسماعيل ولد شيخ أحمد، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن
سعادة السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمن الدولي،
السيد الرئيس.
اسمحوا لي في البداية ان أتقدم إليكم بالتهنئة لترأسكم لمجلس الأمن لهذا الشهر، وأن أتوجه من خلالكم بالشكر والتقدير للرئيس السابق لمجلس الأمن، سعادة السفير عمرو عبد اللطيف ابو العطا المندوب الدائم لجمهورية مصر العربية، لإدارته الفعالة والكفؤة لأعمال المجلس خلال شهر أبريل.
كما أتوجه بالشكر الجزيل في هذه المناسبة لمعالي السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة لجهودة المتواصلة في الشأن اليمني، والذي نتطلع لزيارته للكويت خلال الأيام القادمة لدفع المشاورات نحو غايتها المنشودة لتحقيق السلام الدائم في اليمن. وبهذه المناسبة تتقدم الحكومة اليمنية بجزيل الشكر والعرفان لدولة الكويت اميرا وحكومة وشعبا على الجهود العظيمة التي يبذلونها من اجل صنع السلام في اليمن، وهو الجهد الذي سيبقى محفورا في ذاكرة الأجيال اليمنية.
السيد الرئيس.
منذ إعلان المبعوث الخاص للأمين العام لموعد عقد مشاورات الكويت في الــ 18 من شهر أبريل، وعلى الرغم من الملابسات التي رافقت بدء المشاورات، انخرطت الحكومة اليمنية وبشكل فعال مع جهود مبعوث الامين العام الى اليمن السيد اسماعيل ولد شيخ أحمد، وعملت منذ اليوم الاول على البحث الجاد في كل الملفات التي عرضها المبعوث الخاص ضمن محاور اجندة الكويت التي انطلقت من المرجعيات الثابتة للأمم المتحدة في الأزمة اليمنية، الا وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الامن ذات الصِّلة باليمن وعلى رأسها القرار 2216
لقد ذهبنا الى الكويت متسلحين بإيماننا العميق بشعبنا اليمني العظيم ومسؤوليتنا القانونية والدستورية والأخلاقية تجاه معاناة شعبنا ولوضع حد لمأساة استمرت لعام ونصف مثّلها الانقلاب على السلطة الشرعية وتدمير مقدرات الوطن والعبث بموارده وإعادته سنوات موغلة في الدمار والتخلف والقهر.
وخلال الستين يوما الماضية عمل الوفد الحكومي بانفتاح كامل على كافة الأفكار التي عرضها المبعوث الخاص حول القضايا المتصلة بالانسحاب وتسليم السلاح وإطلاق سراح المعتقلين واستعادة مؤسسات الدولة وصولا الى استئناف العملية السياسية وفق مرجعيات الإطار العام المتفق عليه والنقاط الخمس لمشاورات الكويت.
لقد واجهت المشاورات تحديات جسيمة وتمرد عن المرجعيات التفاوضية الثابتة، وهي في عمقها تتصل بحقيقة عدم جدية الطرف الانقلابي للقبول بمبدأ العودة عن الانقلاب والتراجع عن الإجراءات احادية الجانب التي قام ويقوم بها حتى الساعة.
ومن هنا فان اي دولة ذات سيادة لا يمكن ان تقبل بسيطرة مليشيا متمردة على مقدراتها وتنتهك سيادتها. فأما استعادة الدولة كاملة السيادة وحكم القانون والمواطنة المتساوية وأما القبول بالفوضى وحكم العصابات وانتشار فوضى الارهاب.
السيد الرئيس.
ان ما عرضناه ونعرضه في الكويت هو السلام القابل للاستدامة وليس حلول ترقيعية تعيد انتاج أزمة اليمن وتعيد انتاج المخاطر التي تتهدد وجوده وأمن واستقرار منطقة الخليج والجزيرة العربية. ان خارطة الحل في اليمن ينبغي ان تشمل العناصر التالية:
- الانسحاب وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للدولة في جميع مناطق الجمهورية.
- خروج مليشيات الحوثي التي تم الحاقها بكافة المؤسسات الأمنية والعسكرية.
- إلغاء الإعلان الدستوري وكل الإجراءات التي ترتبت على ما يسمى باللجنة الثورية.
- عودة مؤسسات الدولة والحكومة الى العاصمة لممارسة عملها، وتصحيح كافة الاختلالات في الجهاز الاداري للدولة الناتجة عن الانقلاب.
وهذه الخطوات تشكل مقدمة ضرورية لتوسيع الحكومة واستئناف العملية السياسية التي أجهضت عقب الانقلاب الحوثي، واستكمال مهام المرحلة الانتقالية، وإجراء الانتخابات وصولا لقيام الدولة الاتحادية وقيام يمن جديد لطالما حلمنا وتطلعنا اليه نحن ابناء اليمن.
السيد الرئيس.
ان السلام الذي نتطلع له يعني نهاية الحرب المدمرة التي استهدفت شعبنا ومقدراته، وليس اعادة انتاج السلطة القائمة بالانقلاب. ومنذ اللحظات الاولى في مشاورات الكويت دعينا لوقف كامل للأعمال القتالية في كل المحافظات واجتهدنا منذ 10 ابريل الماضي في تطوير عمل لجنة التهدئة والتنسيق، الا ان الطرف الانقلابي استمر في حربة الظالمة، وانا اتحدث إليكم الان تقوم مليشيات الحوثي صالح بالتصعيد العسكري في كل الجبهات في الجوف والضالع وكريس والقبيطة وتستهدف في جبهة القبيطة السيطرة على جبل جالس الاستراتيجي لقطع الاتصالات عن المحافظات الجنوبية. وتستمر في حربها ضد محافظة تعز الباسلة.
ولقد رفعت الى السيد الامين العام في 3 يونيو الجاري مناشدة عاجلة من الحكومة اليمنية لتدخله ضد المجزرة التي ارتكبتها مليشيات الحوثي صالح ضد المدنيين في سوق عامة في تعز وراح ضحيتها 60 شخصا من المدنيين الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال.
ولا يسعني هنا الا الإشادة بتقرير مفوضية حقوق الانسان التي سمت الحوثيين وحملتهم مسؤولية دم الأبرياء في مجزرة تعز. ان مجرمي الحرب وقتلة الأطفال والنساء والشيوخ في تعز ستلاحقهم العدالة الوطنية والدولية أمثال العميد عبدالله ضبعان المشرف العسكري من قبل الانقلابيين على تعز، والعميد حمود دهمش قائد اللواء 22 حرس جمهوري، والعميد زكريا المطاع من قيادات الحرس الجمهوري، والعميد حمود الحارثي قائد الامن المركزي، وَعَبَد الولي الجابري احد قيادات المليشيات الحوثية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمن..
عملت القوى الانقلابية منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء على التدمير الممنهج للاقتصاد الوطني، وذلك عبر استنزاف ما يقرب من 5 مليار دولار أمريكي من احتياطي العملة النقدية الأجنبية في البنك المركزي وذلك لدعم عملياتها الحربية المجرمة ضد أبناء شعبنا. وكان الانقلابيون قد عملوا على تعويم أسعار المشتقات النفطية وذلك من أجل الإثراء من السوق السوداء،ولدينا أدلة دامغة على أن المليشيا تقوم باستقطاع إتاوات ومبالغ مالية غير قانونية على كل شاحنات النفط، تحت مسمى المجهو د الحربي.
وفيما يخص مكافحة الإرهاب، قامت مليشيا الحوثي وصالح خلال شهري أبريل ومايو بالإفراج عن عدد 52 عنصراً من عناصر القاعدة من سجون الامن القومي، وقامت مؤخرا بالإفراج عن العدد المتبقي، وهذه العناصر الارهابية والتي صدرت بحقها احكام قضائية نهائية وهو ما يؤكد على العلاقة بين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومليشيا الحوثي وصالح، وخصوصاً عندما كان تنظيم القاعدة يسيطر على ميناء المكلا ويقوم بتهريب النفط والسلاح إلى المليشيا، مقابل المال.
لقد قامت الحكومة اليمنية خلال الفترة الماضية بالتنسيق مع قوات التحالف وشركاء اليمن في مكافحة الارهاب بتوجيه ضربات قاتله لتنظيم القاعدة واستطاعت ان نجتثه من المكلا ومن بقية المواقع التي انتشر فيها في المحافظات الجنوبية من اليمن، وستواصل الحكومة اليمنية مطاردتها لفلول الارهاب القاعدي والداعشي وتقديم الأدلة القانونية على الراوبط المشتركة بين الارهاب والانقلابيين.
السيدات والسادة..
أود أن أختم كلمتي هذه بالإشارة إلى المعاناة التي يعانيها العديد من الناشطين والصحفيين والسياسيين الذي اعتقلتهم المليشيا الانقلابية في العديد من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، نتيجة لعدم تقبلهم لحرية الكلمة، فالسجون والمعتقلات لا تزال تعج بالمئات، كما أن العديد منهم تعرض للتعذيب النفسي والجسدي، ولا تزال الكثير من الأسر لا يعرفون عن أبناءهم شيئاً ولا عن مكان احتجازهم ولا عن حالتهم الصحية، وهو ما يعد انتهاكا صارخاً للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان. وكبادرة حسن نية قامت الحكومة بالأفراج عن عدد من الأسرى الذين كانوا لديها، إكراماً لشهر رمضان، واستجابة لدعوة المبعوث الخاص السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد ،ونحن نتطلع الى دور اكبر لمجلسكم المؤقر للضغط على الانقلابيين للافراج عن وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي وبقية المشمولين في الفقرة (و) من المادة الاولى من قرار مجلس الامن رقم 2216 لعام 2015 و الأفراج على جميع المعتقلين والمخفيين قسرياً، وذلك حتى يعودوا إلى أسرهم وأهلهم وذويهم.
وفي الختام، نجدد تأكيد الحكومة اليمنية على المضي قدماً وبشكل بناء نحو تحقيق وإرساء أسس السلام القابل للاستدامة من خلال مشاورات الكويت التي يقودها المبعوث الخاص، والذي سيحقق لأبناء شعبنا الاستقرار والرفاه. ولا يسعني هنا إلا أن أجدد شكرنا في الحكومة اليمنية للجهود المخلصة التي يقوم بها السيد إسماعيل ولد شيخ أحمد وفريقه، كما لا يفوتني تقديم الشكر لدول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية على موقفها التاريخي الى جانب اخوتهم في اليمن، والشكر موصول لبقية الدول الراعية لعملية السلام في بلادي اليمن.