طالما تعرضن لأنواع التنكيل والإهانات والمضايقات الجارحة تماماً كما يحدث لأبنائهن في الأقبية، لكن ذلك لم يثنهن؛ بل زادهن إصراراً، ليجعلن من ضعفهن قوة ويشكلن رابطة لحمل معاناة أبنائهن المختطفين والمخفيين قسرياً.
فكانت الصوت الأقوى المناصر لقضية المختطفين، خصوصاً مع غياب وانعدام المنظمات الحقوقية المحلية والدولية وتوقف نشاطها.
ذلك ما يمكن قوله عن رابطة أمهات المختطفين التي تشكلت من أوجاع أمهات وزوجات وقريبات المختطفين والمخفيين قسراً في سجون مليشيا الحوثي الانقلابية.
شكلت تلك الرابطة إضافة جديدة لسجل المرأة اليمنية، التي كانت تعاني من التهميش، لكنها اليوم استطاعت أن تقف بشجاعة رغم القيود وتسجل حضورها وبقوة، وتدافع بشراسة عن أبنائها الذين اعتقل الحوثيون الكثير منهم دون تهمة.
ورغم خذلان المجتمع الدولي لملف المختطفين واستبعاد المبعوث الأممي للرابطة في كل اللقاءات، إلا أن تقارير المختطفين في اليمن لا تزال تتصدر الملفات الإنسانية في جهود السلام.
ومع هذا كله تبقى الاسئلة المفتوحة ترواد كل يوم كيف أصبح العناءُ والتعذيبُ نشاطاً يومياً؟ وكيف أصبحت هذه الجرائم شأناً طاغياً، و الغياب طقس بلاد؟
بداية النضال
حول بداية الرابطة، تحدثت أمة السلام الحاج رئيسة رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسراً إلى أن الرابطة تشكلت على أبواب السجون في منتصف إبريل 2016، امتدادا للنضال الذي قام به المحاميين وهيئة الدفاع عن المعتقلين والناشطين بمتابعة المختطفين بعد اجتياح مليشيا الحوثي العاصمة صنعاء وقيامها باعتقال الناس واختطافهم بأعداد كبيرة والزج بهم في السجون.
وأضافت الحاج خلال حديثها لبرنامج "المساء اليمني" مساء الأربعاء (3يوليو/ تموز) إنه وبعد تلك الممارسات التي قامت بها جماعة الحوثي وسطوها على المحامين واعتقالهم جاءت فكرة تشكيل الرابطة من قبل أمهات وجدن أنفسهن أمام السجون وحيدات بعد اعتقال المحامين والناشطين وبعد الخوف الذي ساد في أذهان الناس، فتحملت الأمهات هذه المعاناة والأعباء فقررن المتابعة بعد أولادهن وذويهن من ذات أنفسهن .
وترى الحاج أن تشكيل الرابطة شجع أمهات المختطفين وجعل لهن منبرا يرفعن من خلاله قضيتهن الإنسانية وأصبحت قضية أبنائهن قضية مسموعة .
مضايقات
وبخصوص المضايقات التي يتعرضن لها من قبل الحوثيين، أوضحت الحاج إلى أن أمهات المختطفين أتخذن أساليب وطرق بعد كثرة الانتهاكات حتى لا يعتقل منهن واحدة أو يحدث لها انتهاك.
وبينت إلى أن جماعة الحوثي كسرت القيم التي يتمتع بها المجتمع اليمني وأعتدت على النساء وأمهات المختطفين أكثر من مرة في صنعاء، ونفس الأمر تكرر ببقية المحافظات.
دور المنظمات
"قضية المعتقلين أصبحت ورقة أساسية في مشاورات استوكلوهم وفي أولوية الأمم المتحدة، وأيضا أصبحت تشكل رأي عالمي ومحلي بفضل المنظمات التي أصبحت تحظى بموثوقية عالية من حيث المعلومات والمصادر والتوثيق" يقول توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات.
واستغرب الحميدي في سياق حديثه لبرنامج المساء اليمني على قناة بلقيس دور وزارة حقوق الإنسان والحكومة اليمنية، وشبه دورها بنفس دور المنظمات الحقوقية.
وما يجب على الحكومة اليمنية فعله، يقول الحميدي إنه عليها أن تصدر تشريعا يجرم جماعة الحوثي بحيث تكون أمام جماعة خارجة عن القانون، وأن تحرك الملفات القضائية خاصة تلك التي أستكملتها اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان.
ووصفت أمة السلام الحاج معاناة أمهات المختطفين بالمحافظات المحررة بالمزدوجة؛ باعتبار هذه المحافظات تخضع لسيطرة الحكومة ، منتقدة استمرار اعتقال الناس وتعذيبهم بسجن بئر أحمد رغم وجود أوامر إفراج بحقهم من النائب العام ومن وزارة العدل.
ورابطة أمهات المختطفين هي منظمة إنسانية تشكلت بعد عام تقريباً من تدخل قوات التحالف بقيادة السعودية في مارس / آذار 2015، واتسع نشاطها ليتجاوز العاصمة صنعاء وصولا إلى محافظات عدن وحجة ومأرب وإب.
ونظمت رابطة أمهات المختطفين منذ تأسيسها قرابة 200 وقفة احتجاجية، وأصدرت 250 بياناً، وأصبحت الصوت الأبرز الذي يوصل معاناة أولئك المختطفين، وتقوم الرابطة كذلك بالكثير من الأنشطة وعمليات الرصد والتوثيق للانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي بحق اليمنيين.