والصحفي "حوذان" واحد من مئات المواطنين والمعارضين للحوثيين المختطفين في سجونهم والذين لا يعرف عن مصيرهم شيء، وغالبيتهم تم اختطافهم بتهم كيدية ضمن حملات متفرقة تنفذها المليشيا في المحافظات التي تسيطر عليها ما بين الحين والآخر.
لم يستطع "حوذان" مغادرة صنعاء مثل غالبية زملائه الصحفيين، وفضل البقاء فيها دون أن يمارس أي عمل صحفي، وخلال السنوات الماضية عمل ضمن مبادرات مجتمعية متطوعاً، وعاملاً في إحدى المؤسسات الخاصة لتوفير تكاليف معيشته مع أسرته المكونة من طفلته الصغيرة وزوجته وأبويه اللذان يسكنان في ريف محافظة حجة (شمال اليمن).
كيف تم اختطافه؟
في 24 أكتوبر/ تشرين أول 2018، تم اختطاف الصحفي "أحمد حوذان" من "حي التحرير" وسط العاصمة صنعاء، بينما كان يحاول شراء بعض الملابس لابنته الصغيرة، وحينها كان الحوثيون منتشرون في عدد من الشوارع، ترقباً لخروج احتجاجات دعا إليها ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي تحت مسمى "ثورة الجياع"، عقب هبوط الريال اليمني حينها ووصول سعر الدولار إلى 800 ريال.
ووفقا لمصادر مقربة من الصحفي تحدثت لـ "بلقيس" فإن حوذان لم يكن مستهدفاً من قبل ميلشيات الحوثي، بل كانت حملة عشوائية على جميع من يشتبه به أنه خرج من أجل الاحتجاج ضد الحوثيين، حيث تم اختطافه مع عشرات من المارة وبعض المحتجين ونقلوهم إلى سجن الأمن السياسي.
وتم مصادرة كل متعلقات الصحفي "حوذان" من بينها هاتفه الذكي، والذي من خلال عرفوا أنه صحفي حيث وجدوا محادثات له في وسائل التواصل الاجتماعي مع صحفيين، وعقب تحقيقات وجلسات تعذيب ممنهجة تم إخفاؤه حينها في سجن "الأمن السياسي" ومنع الزيارة عنه بحسب المصادر.
خلال الأشهر الماضية حاولت أسرته البحث عن وساطة للإفراج عنه، وبالرغم من الوعود التي قدمت لهم من قيادات حوثية بالإفراج عنه، لأنه لا يوجد عليه أي تهمه ولم يمارس حتى أي نوع من المعارضة لهم، إلا أنها كانت وعود زائفة، ولم يتم من ذلك شيء.
أوضاع أسرته
تعيش أسرة الصحفي "حوذان" حالة معيشية سيئة كونه العائل الوحيد لأسرته فقد اضطرت زوجته وابنته "جوري" ذات العامين، لمغادرة العاصمة صنعاء إلى القرية بسبب تكلفة المعيشة التي لا يستطيعون تحملها، حيث لا يوجد لديهم أي مصدر دخل سوى ما كان يوفره عائلهم المختطف.
لا يعرف الكثير عن قضية اختطاف "حوذان" حيث ظلت قصته مخفيه خلال الأشهر الماضية ولازالت إلى حد الآن، فقد ظلوا مراهنين على الوساطات القبلية للإفراج عنه لكن لم يتم من ذلك شيء، ورغم أنه صحفي لكن قضيته طي النسيان في الإعلام ولدى المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
وقال الصحفي عبد السلام الغباري -صديق مقرب من حوذان- انه منذ اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي حوذان في أكتوبر 2018 لم تلتفت المنظمات المحلية أو الدولية لمعاناة الصحفي أحمد حوذان في سجن الأمن السياسي، ولم يتم حتى إدانة جريمة اختطافه.
وأضاف في حديث لـ "بلقيس" يمر حوذان بحالة نفسية متردية نتيجة التعذيب الذي تعرض له، فيما تعاني عائلته أوضاع معيشية صعبة جدا بسبب الغلاء وغياب عائلها الوحيد، فيما سمحت جماعة الحوثي لزوجته بزيارته واحدة قبل مغادرتها صنعاء ومنع الزيارة عنه.
وتابع الغباري "لا نعرف بسبب تجاهل المنظمات ونقابة الصحفيين لمعاناة الصحفي حوذان ونأمل من هذه المنظمات متابعة أوضاع كافة الصحفيين المختطفين، ومطالبة المجتمع الدولي والامم المتحدة الضغط على المليشيا لإطلاق سراح زملائنا الصحفيين".
مصير مجهول
كثير من المختطفين في سجون ميلشيات الحوثي يتم إخفاءهم ولا يعرف مصيرهم أو حتى مكان اختطافهم، إما بسبب التحفظ عليهم من قبل الحوثيين والتشديد عليهم، أو أن بعضهم لا يعرف أحد عنهم شيئا من قبل المنظمات، والبعض الآخر تخفي أسرهم اختطافهم لترك مجال للوساطات بالإفراج عنهم، وبعضهم ينجح في ذلك وغالبيتهم يفشلون وتضيع قضيتهم.
وقال رئيس منظمة صدى يوسف حازب "هناك جرائم ترتكب ولا يستطع مجتمع الضحية الإفصاح عن تلك الجرائم ومنها حالة الصحفي أحمد حوذان التي ظلت أسرته ترفض الإفصاح عن اختطاف الحوثيين له باعتبار ان الحوثيين يقومون بتعريض من يتداول الإعلام أسماءهم للتعذيب واطالة أمد الاختطاف لهم".
وأضاف في حديث لـ"بلقيس" أن هذه جريمة أخرى ترتكب بحق الضحية ونحن كحقوقيين ومؤسسات حقوقية نشجع على تعرية المجرم، ونشر قصص الضحايا والتبليغ من قبل المجتمع عن أي جريمة ترتكب بحق اي شخص كان، ليتسنى لنا متابعة قضيتهم.
ورصد التقرير السنوي لأمهات المختطفين «294» حالة اختفاء قسري خلال العام 2018، وتصدرت الحالات الحديدة النسبة الأكبر، فيما لا يزال «230» من المختطفين مخفيين قسراً منذ الأعوام السابقة للحرب، ولا يعرف مصيرهم ولم يفصح الحوثيون عن أماكن اختطافهم.