لم تكن الصورة خالية من الصراعات وتعدد القيادات حتى ان كثير من الناقدين كانوا يشيرون مرارا إلى ضياع القضية الجنوبية بسبب هذا التعدد.
هناك مزاج عام ناقم على الأوضاع استغلته هذه القيادات. وجاء الآن دور الزبيدي مدعوما من قبل أموال دولة الإمارات وأطماعها النفطية.
وليس ذلك من قبيل الإدعاء، فقرار تعيينه محافظا لعدن في بداية ديسمبر 2015م، جاء بضغط من الإمارات أثناء إقامته هناك.
وعادة ما ظهر في وسائل الإعلام مع مدير أمن عدن شلال شائع ووزير الدولة السابق هاني بن بريك وهم يرتدون الثلاثة الثوب الإماراتي مع صورة ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارة محمد بن زايد.
ودعا وهو في منصبه، إلى كيان سياسي جنوبي. وبعد ان كشف بوضوح عن تمرده على السلطة الشرعية. قرر الرئيس هادي إقالته من منصبه وعين عبد العزيز المفلحي بدلا عنه، كما أقال الوزير هاني بن بريك وأحاله للتحقيق.
ولم تثمر الإقالة عن شيء على أرض الواقع. قررا الانتقام، ومضيا منذ بداية مايو الماضي، في طريق التمرد المعلن بداية بالإعلان عن ما يسمى "بيان عدن التاريخي"، ثم تشكيل مجلس سياسي برئاسته ونيابة هاني بن بريك وذلك لإدارة وتمثيل الجنوب.
ويواصل هذه الأيام زياراته للمحافظات الجنوبية، استكمالا للبرنامج الذي بدأه في مايو الماضي. وصف بن بريك زياراته الأخيرة بالتاريخية نظرا لحفاوة الاستقبال.
لكن ناشطون معارضون قللوا من أهمية هذه التحركات، واعتبروها فاقدة للجماهيرية التي يمثلها أبناء هذه المحافظات عامة.
ويؤكد الزبيدي أن المجلس يمضي صوب تأسيس كافة دوائره وهيئاته ومؤسساته لتأكيد القدرة على إدارة وحماية أرض "الجنوب"، واستعدادا لأي إجراءات عملية دولية في طريق ما اعتبرها استعادة "الجنوب العربي" بأي طريقة.
نبرة القوة والتهديد والوعيد، حضرت في أكثر من خطاب له، فهو في لقاءه بعدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني بالمكلا، هدد بفرض سيطرة قوات النخبة الحضرمية على كافة مناطق محافظة حضرموت.
وقال ان قوات النخبة الحضرمية الموالية للمجلس الانتقالي ستسيطر على وادي حضرموت خلال الفترة القادمة. كما دعا لتصفية المحافظات الجنوبية من أي تواجد لقوات الشرعية واصفا إياها بالقوات المحتلة.
وأكد أن شكل الدولة الجنوبية في المستقبل سيكون دولة فيدرالية تحكم فيه كل محافظة نفسها.
ومن الواضح أنه لم يعد من دور لسلطة الرئيس هادي إلا كرمزية دولية. تآكلت شرعيته على أرض الواقع خاصة مع غيابه عن العاصمة المؤقتة عدن، وعدم جرآته على التصريح بسياسة الإمارات الاستعمارية.
وكل من يجرؤ على الاعتراض، ينال عقابه من الترهيب والاعتقال والتعذيب، وكذلك الاغتيال.
آخر موجات الاغتيال، أودت بحياة إمام مسجد سعد ابن أبي وقاص الشيخ عادل الشهري فجر اليوم في عدن.
والشهري هو مسؤول الأنشطة في مدرسة البنيان الأهلية التي اغتيل مديرها الشيخ فهد اليونسي قبل نحو أسبوع. ويأتي الحادثين بعد أيام من حادثة اغتيال الشيخ ياسين العدني إمام وخطيب جامع زايد بعدن بعبوة ناسفة زرعت في سيارته.
وقتل عدد من الدعاة خلال العام الماضي في عمليات اغتيالات مماثلة في عدن، التي تتحكم فيها قوات "الحزام الأمني" الموالية للإمارات.
وبدأ منذ 21 من الشهر الجاري، عدد من السجناء في معتقل عسكري تشرف عليه الإمارات في منطقة بئر أحمد بعدن إضرابا مفتوحا عن الطعام، مطالبين بإحالتهم للتحقيق في أي تهم أو الإفراج عنهم.
وكشف تسجيل صوتي لأحد السجناء عن تعرضهم لعمليات تعذيب وحشية وتهديدات بإنهاء الإضراب.
وسبق للأجهزة الأمنية خلال الأيام الماضية، ان اعتقلت عدد من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح، متهمة إياهم زورا وبهتانا بحيازة أسلحة ومتفجرات، ثم عادت وأفرجت عنهم في وقت لاحق.
لا يمكن ان ينتهي هذا العبث الذي تعيشه المحافظات الجنوبية إلا بحضور الدولة وقوات شرعية تابعة للدولة. المليشيا المسلحة لا تنتج سوى الفوضى والاغتيالات.