وللأسبوع الثاني على التوالي تشهد العاصمة صنعاء أزمة خانقة في المشتقات النفطية، في ظل اتهامات من قبل مليشيا الحوثي للتحالف بقيادة السعودية والإمارات باحتجاز سُفن محملة بالنفط في البحر، في الوقت الذي تعتبر الحكومة أن الحوثيين افتعلوا الأزمة للمتاجرة بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتهم.
وفي 6 إبريل/ نيسان، بدأت ازمة المشتقات النفطية أبوابها حيث أغلقت غالبية المحطات أبوابها، بعد نحو اقل من شهر من رفع أسعارها من قبل شركة النفط بصنعاء التي يديرها الحوثيين، حيث تعد الأغلى مقارنة بالمحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، حيث تعد تجارة رابحة للحوثيين.
أزمة خانقة
يقول "معاذ" سائق الأجرة في حديث لـ"بلقيس" إن شركة النفط بصنعاء تعلن عن أسماء المحطات التي سيتوفر فيها البترول وتتوافد عشرات السيارات إلى تلك المحطات وتصل الطوابير إلى أكثر من كيلو، وأحيانا لا تكفي الكمية لتموين جميع المنتظرين في الطابور.
وأضاف "منذ بداية الأزمة والمحطات التي يتم تموينها تتقلص كميتها وتتناقص عددها لصالح السوق السوداء التي انتشرت عقب اغلاق المحطات فوراً، وكانت تلاشت خلال الأشهر الماضية بعد توفر المشتقات النفطية بالمحطات وأصبحت بمتناول الجميع".
ويؤثر انعدام البنزين على "معاذ" (موظف بالتربية) بشكل كبير على معيشته ومصروف أسرته اليومية، بالإضافة إلى أنه بحاجة إلى مصاريف أكبر لشهر رمضان المقبل بعد أسابيع، ويقول "كل هذه أصبحت تشكل كابوس بحياتي وخاصة وأني بلا راتب منذ أكثر من عاميين".
وفي 12مارس/ آذار الفائت أعلن الحوثيين رفع أسعار المشتقات بنسبة 15% حيث وصل سعر 20 لتر البنزين 7300 ريال (15 دولار) والديزل 8600 ريال (17 دولار)، وهذه الأسعار الرسمية بحسب اعلان شركة النفط بصنعاء، لكن في السوق السوداء وصل خلال الأيام الماضية سعر الجالون 20 لتر 20,000 ريال يمني (40 دولار) وتتفاوت الأسعار من شارع إلى آخر.
اتهامات متبادلة
ويقول الحوثيون في صنعاء أن التحالف العربي يحتجز نحو عشر سُفن تحمل مشتقات نفطية في ميناء جيبوتي ونقطة التحالف في البحر، ويمنعون وصولها إلى ميناء الحديدة (غرب اليمن) والذي يعد المنفذ الوحيد لدخول المشتقات النفطية إلى المحافظات التي تسيطر عليها ميلشيات الحوثي.
ومنذ أواخر مارس الماضي وموظفو شركة النفط التي يديرها الحوثيين بصنعاء يحتجون في "اعتصام مفتوح" حيث نصبوا خيام أمام مكتب الأمم المتحدة للمطالبة بالضغط على التحالف للإفراج عن السفن، ويحملونها المسؤولية الكاملة على الأزمة الخانقة في المشتقات النفطية في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيين.
في المقابل ترى الحكومة الشرعية أن الحوثيون يفتعلون الأزمة من أجل المتاجرة بالنفط في السوق السوداء والحصول على مبالغ مالية كبيرة من عائدات النفط، واستخدامها لتمويل جبهات القتال، ولإثراء شخصيات قيادية رفيعة بجماعة الحوثي، والتي منذ بداية الحرب امتلكت شركات استيراد كبيرة للنفط واستثمارات أخرى.
وقالت اللجنة الاقتصادية الحكومية في تغريدة بحسابها على موقع "تويتر" أن الإحصائيات تؤكد أن الحوثيين يخزنون ١٥ ألف طن من البنزين و٥٠ ألف من الديزل ويصطنعون أزمة في مناطق الخضوع لهم لخلق أزمة إنسانية يتاجرون بها سياسيا أمام العالم والمنظمات الدولية.
وتعليقاُ على السفن الموقوفة بالبحر قالت اللجنة "أن خمس سفن لتجار مؤهلين سبق حصولهم على وثائق من الحكومة سابقاً، ويمكن حصولهم على موافقة بعد 24 من الطلب، وثلاث سفن لتجار يمارسون النشاط لأول مرة ولم يخضعوا لضوابط التأهيل والفحص القانونية والمالية، بالإضافة إلى سفينة لتاجر يمارس النشاط لأول مرة بسجل تجاري مزور".
افتعال الأزمة
وأعلنت الحكومة الشرعية عن آلية جديدة وموحدة لتجارة المشتقات النفطية في البلاد، بما فيها المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، حيث تلزم مستوردي المشتقات النفطية بالتعامل بالريال اليمني عبر البنوك المعتمدة، وسيتم تغطية المستوردين بالمقابل بالعملات الأجنبية.
ودعت اللجنة الاقتصادية تجار المشتقات النفطية في مناطق سيطرة الحوثيين لتطبيق آلية ضبط وتنظيم تجارة المشتقات النفطية. وأقرت التعاون مع تجار المشتقات النفطية في الشحن لأي من الموانئ بالمحافظات المحررة، والعمل على نقل المشتقات النفطية إلى المناطق الخاضعة للحوثيين تحت إشراف دولي.
وقال المتخصص بشؤون الاقتصاد عبد الواحد العوبلي "باختصار الازمة مفتعلة لان الحوثيون يتربحون من رفع اسعار المشتقات النفطية بسبب أن هذا أصبح أحد أهم الموارد للأموال المتوفرة لديهم، لدرجة انهم مؤخرا قاموا بنهب ما بداخل انبوب صافر من نفط خام ظل هناك لأربع سنوات دون أن يمسوه".
وأوضح في حديث لـ"بلقيس" بشكل عام الحوثيين بعد نقل البنك المركزي والحصار الحاصل في الحديدة أصبحوا غير قادرين على التحرك بحرية كالسابق، لكن المشتقات النفطية يتم استيراد ما يكفي منها واصلا اغلب الوديعة السعودية تستهلك لتغطية الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية".
وأشار "أن الحوثيين تصلهم حصة مناطقهم بما يكفيهم، لكنهم حريصين على خلق أزمات مفتعلة كما يعملون مع الغاز المنزلي الذي تنتج صافر منه ما يكفي البلد من المهرة إلى صعدة دون اي مشاكل".