كان يمكن للذكرى ان تمضي مثل سابقاتها بمجموعة إدعاءات، لكن الحوثيين، أثبتوا ان قدراتهم الصاروخية في تصاعد، رغم زعم التحالف بتدمير هذه القدرات بعد شهر من العاصفة.
يرى مراقبون ان هذه الهجمات الصاروخية جاءت في وقتها لتذكير التحالف بمهمته الأساسية في اليمن بعد ان كاد عقد التحالف ينفرط مع الحكومة الشرعية.
ولذلك، يعتبر هؤلاء أنه ليس أمام التحالف إلا دعم الجيش الوطني والحكومة والشرعية واستكمال عملية الدعم والتحرير الكامل للأراضي اليمنية خاصة العاصمة صنعاء.
المتحدث باسم التحالف، تركي المالكي، في المؤتمر الصحفي يوم أمس، شكى كثيرا من إيران، وعرض أدلة على تورطها في تهريب الصواريخ الباليستية للحوثيين، وهي مهمة سبقته إليها الخارجية الأمريكية في هجمات صاروخية سابقة.
لكن، هل يمكن ان يغير التحالف أجندته وأطماعه في اليمن؟. ما يثير مخاوف اليمنيين، ان تتعمق معاناتهم جراء استمرار الحصار بحجة منع تهريب الصواريخ الإيرانية.
يتجنب التحالف تصحيح مسار أهدافه لكسب الحرب في اليمن بعودة الحكومة الشرعية وتمكينها من إدارة المناطق المحررة.
ليس ذلك فحسب، منعت الغارات الجوية للتحالف تقدم قوات الجيش الوطني في بعض الجبهات الملتهبة.
ولم يعد هذا الانحراف المرير عن الأهداف المعلنة، مثار نقاشات واتهامات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان خرج للعلن على شكل استقالات وتصريحات حكومية أخيرة.
كان وزير النقل، صالح الجبواني، قد اتهم الإمارات بتشكيل "جيوش مناطقية وقبلية" جنوبي البلاد، قائلاً: "إنها تعمل على تفكيك اليمن".
واتهم الجبواني، خلال مؤتمر صحفي، رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، حمد الرميثي، بمنع وصوله لتدشين مشروع إنشاء ميناء "قنا" في محافظة شبوة.
وخلال الأسبوعين الماضيين، تصاعدت اتهامات الحكومة للتحالف بالانحراف عن أهدافه في اليمن، بعد تقديم اثنين وزراء الدولة استقالتهما من منصبيهما لذات السبب.
وقال وزير الدولة صلاح الصيادي ان استقالته تأتي على خلفية قيام دول التحالف بمنع الرئيس هادي من العودة الى البلد، وعرقلة أعمال الحكومة وجهود إعادة تطبيع الحياة في المناطق المحررة، وكذا إيقاف الدعم عنها منذ أكثر من عام، وتعطيل كل المرافق والمؤسسات الإيرادية في المناطق المحررة.
وأضاف الصيادي أن العلاقة بين السلطة الشرعية والتحالف تحولت إلى علاقة تبعية تامة.
وفيما كان الصيادي أوضح في اتهاماته للتحالف، فإن نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية عبد العزيز جباري، لم يبتعد كثيرا، إذ قال عبارته الشهيرة، إن الرئيس عبد ربه منصور هادي ليس محتجزا في السعودية، لكنه لا يستطيع العودة إلى عدن.
ودعا جباري، عقب تقديم استقالته، إلى تقييم أداء الحكومة وتصحيح العلاقة بين الشرعية والتحالف على قاعدة الندية والشراكة وليس التبعية، واحترام الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وتجاسرت الحكومة في رسالة بعثتها إلى مجلس الأمن الدولي، مؤكدة فيها رفضها لما ورد في تقرير لجنة العقوبات الأممية الذي استنتج بأنها تكاد تكون غير موجودة.
وأوضحت الرسالة أن مواقع احتجاز أشخاص بطريقة غير قانونية والتي وردت في التقريرلا تخضع لسلطة المؤسسة الأمنية والقضائية، مطالبة قوات التحالف بتسليم كافة أماكن الاعتقال والسجون السرية لسلطة الشرعية.
وأشارت الرسالة اليمنية إلى أن قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية لا تتبع الشرعية وتُحدثُ تمزقا للمجتمع.
ومن المعروف ان هذه القوات أنشأتها ودربتها الإمارات، وقد دخلت في مواجهات عسكرية خلال الفترات الماضية مع القوات التابعة للجيش الوطني.
في الواقع، وبعد ثلاث سنوات من الحرب، يكاد التحالف يخسر كل معركته في اليمن، وعلى كل المستويات.
كانت عدة تقارير دولية قد رصدت مبالغ مالية باهضة للسعودية والإمارات بهدف تشكيل لوبيات ضاغطة لتمرير سياستها في الدوائر الغربية.
غير ان اتهامات المنظمات الحقوقية للتحالف بارتكاب جرائم حرب في اليمن، تصاعدت في الأونة الأخيرة.
وفي بيان أخير، دانت منظمة العفو الدولية بيعَ سلاح من دول غربية للسعودية وحلفائها ، قائلة إن مثل هذه التجارة تجعل المُعاهدة العالمية لتجارة الأسلحة مدعاة للسخرية.
وقالت لين معلوف مديرة بحوث الشرق الأوسط في المنظمة، ثمة أدلةٌ كثيرة على أن تدفق الأسلحة بشكل غير مسؤول إلى قوات التحالف أدى إلى إلحاق أضرار هائلة بالمدنيين اليمنيين.
وأعلنت الأمم المتحدة، التحقق من مقتل 6100 مدني منذ انطلاق عمليات التحالف في 26 مارس 2015.
وأفادت كيت غيلمور، نائب المفوض السامي لحقوق الإنسان، أن من بين الضحايا 1500 طفل، لافتة إلى أن عدد الضحايا المدنيين ارتفع بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية.
وتواجه السعودية مشكلة قانونية وأخلاقية متنامية أمام واشنطن والدول الأوروبية الموردة للسلاح.
وبات الضحايا المدنيين في اليمن هم أكثر الأهداف مأساوية للتجارة المتواطئة مع المال الخليجي.
كل ذلك، إلى جانب التطورات الأخيرة باطلاق مليشيا الحوثي دفقة صواريخ على المدن السعودية، يدفع المراقبين، إلى التساؤل، هل سيغادر التحالف مربعه الرمادي وحربه العائمة في اليمن؟