وسيطرت قوات المجلس الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن في 10 أغسطس الماضي بعد مواجهات محدودة مع قوات الحماية الرئاسة بدعم عسكري واضح من الإمارات.
كما سيطرت قوات الانتقالي على محافظتي أبين ولحج، وتوجهت إلى عتق، لكنها قوبلت بمقاومة شرسة من قوات الجيش، وتم طردها منها.
ولاذت السعودية بالصمت حيال هذه الأحداث، رغم دعوتها في البداية إلى خفض التصعيد ومطالبة قوات المجلس الانتقالي بالانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها.
وفي الخامس من سبتمبر الجاري، أصدرت السعودية، بيانا "حاسما" بشأن الأحداث في عدن، وبعد أيام من مطالبة الرئيس هادي بتدخل المملكة عقب ما وصفه بـ"القصف الإماراتي".
وأثار البيان ردودا مختلفة، حيث رحبت الحكومة اليمنية الشرعية بالبيان، مبدية استعدادها الكامل لما دعت إليه.
وثمنت الحكومة الشرعية موقف السعودية الرافض للتصعيد في محافظات الجنوب، وكذا تأكيد السعودية على ضرورة استعادة مؤسسات ومعسكرات الدولة.
كما أشادت الحكومة الشرعية بجهود السعودية في تصحيح المسار وضمان عدم الخروج عن أهداف التحالف.
ورغم تناقض البيان في مضامينه، مثل دعوته إلى انسحاب قوات المجلس الانتقالي من المواقع التي سيطرته عليها ، وفي الوقت ذاته مطالبة الجميع "الالتزام التام والفوري وغير المشروط بفض الاشتباك ووقف إطلاق النار".
كما يشير البيان إلى أن ما حدث "قتنة بين الأشقاء"، ويدعو أطراف النزاع إلى الحوار في جدة.
جاء البيان السعودي الإماراتي المشترك الصادر يوم أمس، ليضع النقاط على الحروف، ويؤكد حالة الانكشاف السعودي بدعم الانقلاب ومحاولة تثبيت أمر واقع في المحافظات الجنوبية.
أكد البيان المشترك على أهمية التوقف بشكل كامل عن القيام بأي تحركات أو نشاطات عسكرية أو انتهاكات ضد المكونات الأخرى والممتلكات العامة والخاصة.
وحث البيان على العمل بجدية مع اللجنة المشتركة المشكلة من التحالف، لمراقبة وتثبيت وقف الأعمال والنشاطات العسكرية وأي نشاطات أخرى تقلق السكينة العامة.
وعد مراقبون البيان تأكيدا للوضع القائم والانتقاص من الحكومة الشرعية التي تعرضت قواتها للقصف من قبل مقاتلات الإمارات على تخوم عدن وأبين.
مشيرين إلى ان البيان جاء لترميم العلاقة بين الرياض وأبو ظبي بعد صدور البيان السعودي الأول، والذي فهم منه عن جود خلافات وتباينات بين الدولتين.
يأتي البيان تتويجا لعدة أحداث شهدتها اليمن، وفيما كانت أصابع الاتهام تتوجه إلى الإمارات كعدو سافر، تتدخل السعودية كوسيط في الأحداث.
إلا ان البيان المشترك الأخير مثل حالة انكشاف لا تقبل الغموض أو التشويش، وصدمة غير متوقعة للحكومة الشرعية.
يمكن القول ان الحكومة اليمنية تقف الآن على مفترق طرق، حيث كانت تتجه بالشكوى إلى مجلس الأمن للمطالبة بمعاقبة الإمارات على جرائمها في اليمن.
وعقب القصف الإماراتي على قوات الجيش، وجهت الحكومة والرئاسة دعوات متكررة للسعودية بالتدخل. غير ان البيان الأخير جاء ليعطل قدرات الحكومة على استرداد شرعيتها بالجنوب.
ومن الواضح ان انقلاب الجنوب، يشكل دعما كبيرا لمليشيا الحوثي في الشمال كي تتفرغ بدورها لتطبيع الأوضاع وإحكام السيطرة على المناطق الخاضعة لها.
وتبقى الحكومة الشرعية وحيدة بين جحيمين وتحالف غادر، يشكل لها بمثابة ثقالة للتحرك على الأرض لمحاولة استعادة زمام السيطرة على المناطق والمحافظات المحتلة.
حتى الآن لم تصدر الحكومة أي موقف تجاه البيان المشترك، ففيما تواجه تآكل ما تبقى من شرعيتها، هل ستقرر الخلاص من هذه الثقالة أم ستقبل بالمصير الذي قررته السعودية حتى النهاية؟