ملح الرجال
من يدخن أو يتعاطي الشمة يحاول أن يتخفي عن كبار العائلة لكن إصرار ياسر ذو 14عاماً جعل الجميع يحسون أنهم أمام شخص غُسل دماغه وصارت الرجولة عنده في الكيس الصغير أو ما تسمى بـ " الحقة " كما يقول سمير الشقيق الأكبر لـ " بلقيس " .
ليس ياسر وحده من وقع فريسة لترويج مليشيا الحوثي للشمة فكثير من المراهقين وصغار السن تحولوا إلى مدمنين ويظهرون أكياس الشمة في شوارع صنعاء والمحافظات التابعة لسيطرة الحوثيين وكأنهم يتفاخرون بأنهم وصلوا مرحلة الرجولة .
وهذا ما تؤكده تصرفات وسلوكيات علي سواد ابن الـ 15 ربيعاً الذي تأثر بقربه من مليشيا الحوثي وصار يتفاخر بتعاطي الشمة وتحول إلى مروج يحاول إقناع اقرأنه من أبناء الحي على تعاطيها ويكرر ما يقوله الحوثيين بأنها علامة الرجولة وملح الرجال .
" ملح الرجال " هذا هو المصطلح الذي يروجه الحوثيون بين المراهقين ويجعلوهم يقبلون عليها ويتفاخرون أنهم صاروا رجال وليس أطفال كما ينظر لهم الناس، بحسب ما يقول التربوي يونس شمسان لـ " بلقيس ".
ويرى شمسان أن الشمة من الأشياء السيئة التي كان المجتمع قد تخلص منها بسبب ازدراء الناس لمتعاطيها، وبقيت الظاهرة محصورة بفئات قليلة من كبار السن ومبيعاتها محدودة، أما الآن فقد عادت بقوة كظاهرة متنامية وخاصة بين المراهقين .
لم تكن الشمة منتشرة بين المراهقين كظاهرة وكان أولياء الأمور يخشون على أولادهم من التدخين لكن الغريب أن المراهقين اتجهوا للشمة على الرغم عن ما تعكسه عن مظهر متعاطيها المُنفر .
ويتفق مدير مدرسة بصنعاء " طلب عدم ذكر اسمه " مع شمسان بأن الشمة أصبحت ظاهرة مقلقة حالياً وتوسعت أوساط الطلاب والمراهقين، وتحولت إلى موضة يتم تناقلها وتقليدها ولم تكن الظاهرة منتشرة في المدارس قبل اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء.
ويؤكد مدير المدرسة لـ " بلقيس " أن للحوثيين دور بارز في التوسع بتعاطي الشمة التي تعد جزء من ثقافتهم ولهذا يطلق الناس عليهم "المبردقين " .
سرطانات وأمراض
وتصنع الشمة من التبغ والتراب والإسمنت والرماد والملح والطحين والحناء والعطرون ومواد أخرى، وتتنوع بين البيضاء والصفراء والسوداء " العدنية " وعلاوة على الإدمان تسبب الشمة بارتفاع ضغط الدم واضطراب في عمل القلب وأمراض الرئة والقصبة الهوائية.
وبحسب الدكتور محمود احمد فان خطر النيكوتين الموجود في التبغ يتضاعف بسبب الامتصاص المباشر عندما يوضع مسحوق الشمة خلف اللسان أو الشفة السفلى مما يؤدي إلى تقرحات الشفاه واللثة وتقرحات في تجويف الفم وتشويه مظهر الإنسان والإصابة بسرطانات الفم سوا باللثة أو اللسان والحنك والحلق والحنجرة والبلعوم.
يقول الدكتور احمد لـ " بلقيس " أن خطر الشمة لا يتوقف على سرطانات الفم بل يؤدي ابتلاع جزء منها عند المدمنين إلى سرطانات في المعدة والبنكرياس والعديد من الأنواع الأخرى ، ولهذا يجب توعية الشباب والمراهقين للإقلاع عنها ووضع حد لتوسع الظاهرة.
مؤشرات خطيرة
يبتسم علي المرهبي بطريقة تشجيعية لإبنه الذي لم يتجاوز الثانية عشر من العمر وهو يخرج كيس الشمة ويصب بعض منها على كفه ثم يضعها على فمه بحركة تشبه حركات الكبار وكأنه يشجعه على تعاطيها، فينظر إليه أحد الجالسين جواره مستغرباً، ويقول له كيف تسمح لهذا الطفل بشرب الشمة لكنه يرد بثقة خليه يشتحط ويقع رجال.
لكن الدكتور محمود أحمد يسخر من ربط الشمة بالرجولة ويقول أن الشمة تقضي على الرجولة وتتسبب بالعجز الجنسي وتقليل الرغبة عند الرجال وتضعف إفراز الهرمونات الذكورية.
وبحسب إحصائيات صادرة عن مركز الأورام بعدن للأعوام 2015 و 2016 و 2017 فقد جاء سرطان الفم في المرتبة الثالثة بواقع 35 و 56 و 23 حالة على التوالي وهذا ما أكدته دراسات سابقة صدرت عن المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان أشارت إلى أن سرطانات اللثة واللسان الناتجة عن تعاطي مسحوق الشمة جاء في المرتبة الأولى بين أنواع السرطانات.
كما أوردت منظمة الصحة العالمية في دراسة حول السرطان في اليمن أن سرطان الفم واللثة الناتج عن تناول مسحوق الشمة والتبغ والقات يأتي في المرتبة الثانية بعد سرطان الجهاز الهضمي.