ما حملته رياح المكاشفات الإيرانية كان سبق لمليشيا الحوثي أن سربتها، مؤكدةً وجود قنوات تواصل سرية مع الإمارات بشأن عملية الانسحاب.
الحوثيون لم يفوتوا الفرصة، فقد أكد أحد قيادات المليشيا أن هناك تغيرا واضحا في موقف الإمارات على المستوى السياسي والعسكري، خصوصاً بعد انسحابها من بعض المناطق، غير أن ما هو مؤكدا لمتابعي السياسة الإماراتية في اليمن عدم وجود تباينا مع موقفها منذ الحرب، غير أن هذه المواقف باتت أكثر وضوحا الآن.
الإمارات شكلت منذ الوهلة الأولى مصدر خذلانا كبيرا ليس للشرعية فحسب، بل للتحالف، وعلى رأسه السعودية التي باتت تدير سباقا إن لم يكن صراعا مزدوجا مع الإمارات في اليمن.
غير أن التحولات في مسار الأزمة اليمنية حمل معه مواقف كما يبدو أنها لن تمضي في سياق المصالح الإماراتية، إذ سرعان ما تسارع إيقاع المعركة والذي بدأ منسجما أو خاضعا لتهديدات اللاعب الإقليمي وأكثر تناغما مع حليفه المحلي في المعركة.
تقول طهران إن الجيش مستعدا لتنفيذ أي قرارا يتعلق بإغلاق مضيق هرمز وضرب ناقلات النفط الإماراتية، فتسارع أبو ظبي لتؤكد للحوثيين أنهم حلفائها الجدد، خصوصا أن لها باعها الطويل في التعامل مع المليشيا.
عوامل الاشتراك
وحول التصريحات التي أطلقها نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم عن وجود اتصالات سرية بين جماعة الحوثي ودولة الإمارات، قال الكاتب والباحث نبيل البكيري أن هذه التصريحات ليست الأولى، بل كانت هناك تصريحات سابقة أهم من ذلك وهي تصريحات الباحث الإيراني أمير موسوي والذي شغل منصب مستشار وزير الدفاع الإيراني والذي تحدث عن وجود وفود إماراتية تزور باستمرار العاصمة طهران، وخاصة عقب أحداث مضيق هرمز.
البكيري أوضح خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء أمس الأحد، بأن تصريحات قاسم بشأن اليمن وموسوي جاءت تأكيداً لهذا السياق ولهذا التقارب بين الإيرانيين والإماراتيين.
ولفت البكيري إلى أن عوامل الاشتراك بين الحوثيين والإمارات أكثر من عوامل الاختلاف بينهم، مشيرا إلى وجود اتفاق مبكر بين الطرفين ضد ثورة فبراير وضد الربيع العربي.
تقارب سابق
الناشط السياسي الإماراتي جاسم الشامسي قال إن التقارب الحوثي الإماراتي بدأ خفيا منذ احتلال مليشيا الحوثي العاصمة صنعاء بهدف التخلص من التيار الإسلامي وتحديدا حزب الإصلاح.
وبيَّن الشامسي إلى أن: "استهداف جماعة الحوثي لمطاري دبي وأبو ظبي أدى إلى احتقان داخلي في الإمارات وخاصة إمارة دبي التي ضغطت على إمارة أبو ظبي بقيادة محمد بن زايد للسعي للتخلص من هذه الأزمة (تدخلها في حرب اليمن) التي جرفها تيار محمد بن زايد للإمارات".
وحول حقيقة الانسحاب الإماراتي من اليمن، أوضح الشامسي إلى أن: "الإمارات تسعى منذ فترة للخروج من الأزمة اليمنية، وبدأ ذلك عندما استهدف الحوثيون القوات الإماراتية في محافظة مأرب وراح على إثر ذلك العشرات من الجنود الإماراتيين مما تسبب ذلك في أزمة داخل الإمارات".
ويعكس الانسحاب الإماراتي، حسب تقارير، الخلافات القائمة وإن كانت طفيفة في مقاربات السعودية والإمارات تجاه اليمن.
بدوره؛ قال البكيري إن موضوع الانسحاب الإماراتي أخذ تغطية إعلامية أكبر من حجمه بشكل كبير، وبالتالي هو موضوع أعلامي أكثر مما هو حقيقي على أرض الواقع.
معتبرا عملية الانسحاب الإماراتي كنوع من الهروب من الواجهة الإعلامية والمشهد السياسي الاقليمي والعالمي بأن أبو ظبي انسحبت من اليمن لكي تتبرأ من تداعيات وتبعات وجودها السياسية، ولتحمل العبء كله المملكة العربية السعودية.
علاقة معقدة
وحول العلاقة بين السعودية والإمارات باليمن، أشار الشامسي إلى أن: "علاقة الإمارات بالسعودية أصبحت معقدة بسبب اشتراكهم في مشروعات بالمنطقة سواء في مصر أو ليبيا أو اليمن".
ولفت الشامسي أن الإمارات تدخلت ضمن التحالف العربي في اليمن لأهداف خاصة بها غير الأهداف السعودية؛ إذ تمثلت أهم الأهداف الإماراتية بالتخلص من الإخوان المسلمين وحزب الإصلاح.
من جهته؛ يرى البكيري إنه لا مخرج للسعودية من المأزق اليمني إلا من خلال وجود حلف استراتيجي بينهم وبين الحكومة الشرعية.
وكانت وكالة الأنباء "رويترز" كشفت، في 28 يونيو الماضي، عن سحب السلطات الإماراتية جزءاً من قواتها في اليمن، بسبب ارتفاع حدة التوتر في منطقة الخليج بين إيران والولايات المتحدة، بعد استهداف سُفن نفط إماراتية وسعودية ونرويجية قرب ميناء الفجيرة الإماراتي في مايو الماضي واستهداف سفن الشهر الجاري في بحر عُمان وإسقاط إيران لطائرة أمريكية دون طيار أقلعت من أبوظبي.
ومن غير المعروف عدد القوات الإماراتية الموجودة في اليمن منذ تدخل التحالف بقيادة السعودية في الصراع اليمني عام 2015 في مسعى لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي أطاحت بها ميلشيات الحوثي عام 2014م.