وفي ظل انعدام اساسيات الحياة بسبب الحرب والحصار تتحمل المرأة اليمنية العبء الأكبر من نتائج هذه الحرب، فمع فقدان الرجال لفرص عملهم تحاول النساء ولو في حلول مؤقته مواجهة أزمة الجوع وانقطاع اساسيات الحياة توفير متطلبات أسرها بشتى الوسائل الممكنة وكثيرا ما تلجأ الى الوسائل البدائية البديلة لتغطية احتياجاتها المعيشية، كالاحتطاب مثلاً ونقل المياه من الأبار والانارة المنزلية بالفوانيس والشموع وغيرها، ناهيك عن مشقة الأعمال المنزلية كغسل الملابس يدويا.
مشقة البحث عن بدائل
وفي هذا الصدد السيدة أم أحمد البالغة من العمر (60)عاما تروي قصة معاناتها لموقع قناة بلقيس "إن زوجها لا يستطيع توفير الغاز المنزلي اما لانعدامه او ارتفاع ثمنه في السوق السوداء مما يفرض عليها اللجوء لاستخدام" الخشب "أو "الكرتون" لإشعال النار واعداد الطعام .
"أم أحمد" تقضي أوقات طويلة في البحث عن مخلفات الاخشاب والكرتون المرمية في الشوارع العامة وتضطر احياناً لشراء هذه البدائل من بعض المحلات التجارية التي أصبح تجارة رائجة في ظل ظروف الحرب.
ويمثل استخدام هذه البدائل وسيلة مرهقة وتسبب امراض عدة "كالتحسس "والتهاب الجيوب الانفية، والصداع " "كثيرا ما الجأ الى استخدام الفحم أو الكرتونة في إعداد الطعام في حال انقطعت بي السبل في الحصول على الغاز المنزلي لكني عند استخدامها اتعرض للإصابة بصداع حاد جراء الأدخنة التي تسببها " كما تقول أم أحمد.
وفي ظل هذا الشقاء الذي تواجهه النساء في اليمن في زمن الحرب للقيام برعاية أسرهن والاضطرار لاستخدام هذه البدائل التقليدية إلا أن كثير من النساء اللاتي يعانين من حالة فقر وعوز شديد وتنحدر من الطبقات المهمشة يواجهن واقعا أكثر سوءاً من واقع النساء الاخريات فهن في كثير من الاحيان لا يستطعن الحصول على هذه البدائل كما هو حال السيدة "مخلص قائد" التي تقول في حديث لقناة بلقيس انها تواجه صعوبة في الحصول على "الكرتونة او نشارة الخشب " وتسعى مع كثير من نساء حارتها الى تجميع ما توفر لديهن واستخدامه في " تنور " واحد وتبادل الادوار فيما بينهن لأعداد طعام العائلة بما يحقق لهن الاقتصاد في الاستهلاك.
وفي شق أخر من المعاناة تقول السيدة "ابتسام محمد" لقناة بلقيس إنها كثيراً ما تلجأ الى إنارة منزلها بالشموع وهي لا تستطيع شراء المحروقات أو الحصول عليها كما لا تستطيع شراء أجهزة الطاقة الشمسية نظرا لارتفاع أسعارها في السوق السوداء وانعدام مصدر دخل زوجها".
ضاق بنا الحال
ولم تقتصر تأثيرات الحرب في اليمن على الطبقة الاجتماعية الأشد فقراً فقط بل سحقت جميع الطبقات. سميرة أحمد وهي سيدة من الطبقة المتوسطة تعمل كمعلمة في مدرسة حكومية تقول بنبرة حزن خانقة لقناة بلقيس قائلة" ضاقت بي السبل ..إلى متى ستستمر هذا الحرب ..ما عدت ادري ماذا أفعل، لا أستطيع أنا وزوجي تلبية أدنى احتياجاتنا الأسرية في ظروف الحرب ولدينا أربعة أطفال.
"سميرة" تقول انها أرغمت بعد انقطاع راتبها منذ ثلاث سنوات بعد نزوحها من صنعاء إلى تعز إلى ترحيل ولدها الأكبر للعيش مع جده في القرية ليتكفل بمصاريفه الدراسية وتوفير احتياجاته." صعب علي فراق ابني لكني كنت مضطرة لذلك بعدما عجزت عن توفير رسوم دراسته الجامعية".
وكثيرا ما تفاقمت معاناة الأسر بعد انقطاع رواتبها وارتفاع الأسعار بشكل جنوني في ظل أزمة الحرب الحالية مما اضطر كثير من النساء امتهان مهن دنيا لتوفير لقمة العيش لأطفالهن.
(ع.أ ) ربة بيت رفضت التصريح عن اسمها تقول باكية "بعد إن توقف راتب زوجي اضطررت للعمل في المنازل.. حتى إني أصبحت أجمع بقايا الأكل لأطعم أطفالي", وتضيف "زوجي يضطر للخروج باكراَ سيراً على الأقدام إلى المدرسة ..فهو مجبور على العمل دون راتب".
فيما تقول سامية سعيد التي تعول ثلاثة أطفال إلى جانب والدتها "أنا أرملة وقد كنت أعمل مع إحدى الشركات الخاصة.. تم الاستغناء عني بسبب ظروف الحرب .. ولم أجد حيلة أخرى سوى تجهيز أكلات خفيفة أبيعها كل صباح في باب المدرسة القريبة من سكني...لكن حتى هذه المهنة لا استطيع من خلالها توفير أدنى احتياجاتنا".
لقد دفعت الحرب بغالبية أسعار السلع الأساسية نحو الارتفاع بشكل جنوني، في الوقت الذي لم يعد الكثير من المواطنين قادرا على تغطية احتياجاتهم من الغذاء وغيره، لعدم وجود السيولة النقدية بين أيدي المستهلكين".
وتجتاح المجاعة غالبية مدن اليمن، بسبب الحرب وعدم قدرة السكان على توفير المأكل والمشرب لأطفالهم، الذين يعانون سوء التغذية، ودفع هذا الوضع كثير من المنظمات الدولية لإعلان عدد من المحافظة اليمنية "مناطق منكوبة"، لانعدام الأمن الغذائي وانتشار المجاعة فيها.