مجموعة من الملثمين كشفتهم كاميرات التصوير أثناء اعتلائهم أسطح المنازل، أخذوا في اقتناص المتظاهرين السلميين، وبدون رحمة لم يتوقف وابل نيرانهم.
معظم الإصابات تركزت في الصدر والرأس، ما دل على ان المجزرة كانت مرتبة والقتلة قناصون محترفون.
صحيح أنه حدثت مجازر لاحقة لقوات صالح. لكن مذبحة جمعة الكرامة كانت الأكثر دموية في تاريخ ثورة 11 فبراير. وقد أسفرت عن استشهاد نحو 52 متظاهرا بينهم 3 أطفال وإصابة 200 أخرين.
لقد كتب نظام صالح تاريخ نهايته في ذلك اليوم. هكذا علق المتابعون، وطالبوا من تبقى بمعية النظام القاتل تحديد موقفهم، وإلا اعتبارهم شركاء في الجريمة.
كانت أول خطوة لنظام صالح عقب المذبحة، إعلان حالة الطوارئ في البلاد خاصة بعد ان أثارته فزع نافورة الدم المسفوك وحالة الغليان وبيانات التنديد العربية والدولية.
خرج صالح ليتهم سكان الأحياء المجاورة بارتكاب المجزرة.
وصف النائب العام أحداث ذلك اليوم بالمؤسفة، وقال ان عددا من اعضاء النيابة متواجدين في ساحة التغيير لرصد وجمع الاستدلالات و ان النيابة ستحقق فيما حدث وستلاحق كافة الجناة.
غير ان نظام صالح أقال النائب العام حينها، كما أعلن إقالة الحكومة وكلفها بتسيير الأعمال.
وظهر جليا ان قرار إقالة الحكومة جاء لتلافي الاستقالات الجماعية، إذ بعد ساعات من المجزرة بدأت الاستقالات تتوالى لتعلن عن انشطار نظام صالح بشكل غير مسبوق.
يمكن القول ان أكبر زلزال سياسي تعرض له صالح في العام 2011م هو إعلان الفريق علي محسن الأحمر قائد ما كان يسمى الفرقة أولى مدرع، الانضمام للثورة.
وجاء هذا الاعلان بعد يومين من المجزرة. وتبعه جملة من الاستقالات، أهمها قائد المنطقة الشرقية اللواء محمد علي محسن، وحميد القشيبي قائد اللواء 310 بمحافظة عمران، والذي تم تصفيته بطريقة وحشية من قبل مليشيا الحوثي خلال العام 2014م.
وكذلك، قائد لواء العمالقة، اللواء علي بن علي الجائفي، والعميد ثابت مثنى جواس قائد اللواء 15مشاة، حينها.
اعتبر مراقبون ان انشطار النظام إلى نصفين يؤكد ان الوضع أصبح شبه محسوم لصالح الثورة. ويعد الفريق محسن رمز من رموز الجيش الوطني والجمهوري والذي حاول صالح اغتياله اكثر من مرة لصالح مشروع التوريث البائد.
حتى اليوم، ما يزال مرتكبو المجزرة طلقاء، وأهالي الضحايا يطالبون بتحقيق العدالة، وقد أخفقت كل الجهود الحقوقية والنيابة العامة في تقديم المتهمين الرئيسين للمحاكمة.
منظمة هيومن رايتس، أصدرت تقريرا بعد عامين من المجزرة، وكشف العديد من الخفايا حولها. قال التقرير ان المحققين اليمنيين لم يستجوبوا مطلقا أيا من كبار المسؤولين ضمن التحقيق الجنائي الذي فتحته الحكومة.
وكان صالح، الذي نال جزاءه على يد مليشيا الحوثي، قد أقال النائب العام عندما طلب استجواب مسؤولين حكوميين في الواقعة.
وتحت عنوان "مذبحة بل عقاب"، أكد التقرير ان التحقيقات الجنائية التي أجرتها الحكومة شابته تدخلات سياسية كثيرة، وتجاهل أدلة على تورط مسؤولين حكوميين.
سبع سنوات مرت على المجزرة المروعة، غير ان مياه كثيرة جرت في نهر الحياة اليمنية المتدفقة بالمآسي والمؤامرات والدسائس ضد ثورة سلمية خرجت لرفع الظلم وتحقيق العدل والمساواة والحياة الكريمة لكافة اليمنيين.