تبادل الاتهامات
وصلت الرسالة لجميلة وعشرات الآلاف من المستفيدين من المساعدات الغذائية في الموعود الذي كانوا ينتظرون رسالة أخرى تدعوهم إلى التوجه لاستلام حصتهم الشهرية ، بعد أن اشتدت حدة الخلافات بين برنامج الأغذية العالمي وجماعة الحوثي ، وتبادل الطرفان اتهامات بالفساد وسرقة المعونات المخصصة للفقراء.
ففي العام 2018م بدأت العلاقة تتوتر بين الطرفين بعد نشر وتداول كثير من الأخبار عن سرقة الحوثيين للمساعدات التي على إثرها قرر البرنامج التحقق من صول المعونات بإجراء اتصالات هاتفية بمستفيدين أكدوا أنهم لم تصلهم أي مساعدات خلال الأشهر الماضية، ونشر البرنامج على موقعه الالكتروني تقريرا يؤكد أن كشوفات المستفيدين مزورة والمساعدات تباع في الأسواق .
صمت الحوثيون على فضيحة بيع المساعدات في وقت يموت العشرات من الناس جوعاً أوجد علامات استفهام كثيرة لدى الناس الذين توقعوا القيام ولو بإجراءات شكلية ، وتغيير قيادات التغذية المدرسية والهيئة الوطنية لتنسيق الشئون الإنسانية ومواجهة الكوارث المتهمة مع جهات أخرى بالفساد بدلاً من الدفاع عنهم" بحسب موظف بالتغذية المدرسية رفض الكشف عن اسمه لدواعي أمنية لـ " بلقيس ".
مبررات واهية
وقوبلت مطالبات برنامج الأغذية بتصحيح وتسليم ببيانات تتضمن الصورة والبصمة للمستفيدين من المعونات الذين يصل عددهم إلى تسعة مليون أسرة تقع معظمها في المحافظات الخاضعة للحوثيين برفض جماعة الحوثي التي اعتبرتها شروط تعجيزية غير مبررة تمس امن وسيادة اليمن ، واتهموا البرنامج بالقيام بعمل استخباراتي لصالح دول التحالف وأمريكا من خلال جمع البيانات التي تمس الأمن القومي للمواطنين والبلاد .
وبحسب فيصل مدهش وكيل الهيئة الوطنية لتنسيق الشئون الإنسانية فإن برنامج الأغذية العالمي يمارس الفساد ويستغل حاجة الناس بتقديم مساعدات الغذائية المنتهية الصلاحية التي تم حجز كثير من شحناتها بعد الفحص بميناء الحديدة .
ويشير إلى أن إصرار البرنامج على الحصول على البيانات ابتزاز مرفوض، إلا أن سالم الصباحي احد المستفيدين من المساعدات يستغرب رفض الحوثيون تسليم البيانات وتبريراتهم غير المنطقية بالمساس بسيادة الدولة، ويؤكد لـ " بلقيس " أن الأسماء الوهمية التي امتلأت بها كشوفات المساعدات هي السبب الحقيقي لرفض تسليم البيانات.
وعلى الرغم من سيطرة الحوثيون على وزارة التخطيط والتعاون الدولي المسؤول الرسمي عن عمل المنظمات وتوزيع المساعدات، إلا أنهم انشئوا الهيئة الوطنية لتنسيق الشئون الإنسانية ومواجهة الكوارث التي تمثل الواجهة الأولى للأعمال الإغاثية والغطاء الشرعي لفساد المعونات الغذائية، ومنحوها العديد من الصلاحيات للضغط وابتزاز المنظمات.
وبحسب منظمة العفو الدولية التي استغربت في تقريرها " تضييق الخناق" إنشاء وطبيعة عمل الهيئة فان مليشيا الحوثي تفرض نفوذها للسيطرة على تسليم المساعدات، ومن سيتلقونها، وفي أي المناطق، وأي المنظمات ينبغي أن تتولى توزيعها.
مجاعة قادمة
بدا البرنامج تعليق المساعدات على أمانة العاصمة، وسط مخاوف الأسر المستفيدة من المجاعة والتشرد ، فيخشى حمود السعيدي – عاطل عن العمل وأب لسبعة أبناء - أن تستمر الخلافات وتحرم الأسر الفقيرة التي تعتمد بشكل كامل على المساعدات من قوت أطفالها بسبب تعنت الحوثيين" ويقول لـ " بلقيس " انه يرجوا أن يعاد توزيع المساعدات قريبا وإلا لن يفلت وأسرته من الجوع.
إلا أن مراقبون يستبعدون تقديم الحوثيون للتنازلات وإنقاذ الفقراء من مجاعة محتملة ، ويرون أن دفاع الجماعة على المتهمين بيع المساعدات وردة فعلهم الرافضة لتسليم البيانات توضح أن نهب المعونات عملية منظمة وليس فساداً فردياً.
ويتوقعون وقوف مليشيا الحوثي بقوة ضد تصحيح مسار المساعدات حتى لا تخسر مورد اقتصادي يدر لها الملايين شهريا، مما سينذر بحدوث موجة كبيرة من الجوع بصنعاء تدفع بكثير من الأسر إلى الموت والتسول في شوارع تكتظ بالمتسولين.