وجع الآباء والأمهات
في العام الماضي جاء عيد الفطر دون أن يتمكن القباطي من شراء ثياب العيد، وساق كثير من الأعذار والوعود لأولاده بشراء أفضل الملابس في المستقبل، لكنه لم يستطيع إلا شراء ملابس رخيصة ومتواضعة في عيد الأضحى.
منع القباطي أولاده في عيد الفطر الماضي من الخروج من البيت واللعب مع أصدقائهم أو زيارة أقاربهم ومشاركتهم فرحة العيد ، خوفا على جرح مشاعرهم عندما يرون اقرأنهم بالملابس الجديدة وهم بدون ملابس .. كما يقول لـ" بلقيس ".
ويوضح أن المرارة التي يحس بها الآباء والأمهات أكثر من توصف ، عندما يجدون أنفسهم عاجزين عن إسعاد أطفالهم وجعلهم يشعرون بفرحة العيد ، فمنذ انقطاع الراتب تزداد الأوضاع سوء ، وبالكاد يستطيع الآباء توفير الاحتياجات الأساسية.
يعود العيد بالفرحة والسرور وينتظره الناس وخاصة الأطفال بشوق ولهفة، لكنه يحمل للقباطي والملايين في اليمن الحزن والهم ، بعد أن حكمت عليهم ظروف الحرب وغياب المرتبات، وأسعار الملابس الغالية بشكل جنوني رؤية الفرحة تسلب من فلذات أكبادهم، ولا يملكون إلا تصبيرهم بالوعود والأماني.
أسعار جنونية
الكثير من الناس في اليمن وخاصة في سنوات الحرب يحاولون جاهدين توفير كسوة العيد لأصغر الأبناء فقط في شهر شعبان، ولو من الثياب الرخيصة خوفا من الارتفاع الشديد للأسعار في مواسم الأعياد، كما يفعل مبارك الصبري - أب لسبعة أبناء - الذي يقول لـ " بلقيس " لم اعد اقدر على كسوة كل أفراد الأسرة، واكتفي فقط بشراء الملابس للصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً إلا في بعض الحالات التي تتيسر فيها الأمور ، أما بالنسبة لي ولزوجتي فلم نعد نهتم بشراء ملابس لنا منذ انقطاع الراتب .
يتذكر الصبري طفولته وفرحته بكسوة العيد ، وانتظاره متى يأتي فجر العيد ، وكيف كان ينام وملابسه الجديدة جواره، ويفكر أن يلبسها من الليل، ويتسأل ما ذنب أطفالنا ليحرموا من هذه الفرحة، وتختطف فرحة العيد من عيونهم؟
يرجع تجار الملابس والأحذية أن أسباب ارتفاع الأسعار ناتج عن الارتفاع الكبير في أسعار الدولار وارتفاع تكاليف الاستيراد والحصار المفروض على البلاد وبقاء السفن فترات طويلة تنتظر التصاريح بالدخول بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل الناتج عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
ويؤكد عاصم الفقيه – صاحب محل ملابس – لـ " بلقيس " أن أسعار الملابس ارتفعت هذا العام كما ارتفعت أسعار بقية السلع في السوق بسبب انهيار صرف العملة المحلية وارتفاع التكاليف الأخرى ، ويعتبر أن الغلاء خارج عن سيطرة التجار، إلا أن جمعية حماية المستهلك تؤكد انه لم يتم إعادة النظر بأسعار الملابس وفقا للتراجع والتحسن لسعر الريال أمام الدولار منذ مطلع العام الجاري كما حصل في أسعار بعض السلع الغذائية.
ملابس رديئة
لا توجد أي رقابة على أسعار الملابس والمحال التجارية ، ولا على عملية الاستيراد ، ولا توجد مواصفات للملابس المستوردة وما يعرض في الأسواق هي سلع رديئة جدا من حيث الجودة والنوعية وتشكل خسائر اقتصادية على المستهلك وعلى الوطن بشكل عام .. بحسب فضل منصور رئيس جمعية حماية المستهلك لـ " بلقيس "، الذي يوضح أن بعض الملابس المتواجدة في الأسواق مصنعة من مواد كيميائية قد تؤثر على مرتديها بالحساسية وبعض الأمراض.
ويقول منصور أن وجدت ملابس متوسطة الجودة في السوق فتكون أسعارها مرتفعة جداً مقارنة بمستوى الدخل للفرد والمستوى المعيشي بشكل عام، وفي ظل غياب الرقابة فان تحديد أسعار الملابس متروك لضمير التاجر، فهو الذي يحدد التكلفة والربح والسعر النهائي للمستهلك.