وبينما كان الملك سلمان يلقي كلمته في قاعة القمة العربية امام حضور كلهم منتظرون ما سيقال عن حرب اشتعلت في المنطقة العربية بين عشية وضحاها كانت الطائرات السعودية ومن معها من دول التحالف آنذاك تضرب في العاصمة صنعاء ومدن أخرى.
كانت المرة الأولى التي يسبق الفعل فيها القول العربي ومثل ذلك بشرى وفألا حسنا لكثيرين رأوا أن الوضع لا يحتمل مزيدا من التأخير فالخطر الإيراني امتد الى العمق العربي وبات يحيط بالحدود الجنوبية للخليج لكنه أيضا كان صادما ومحل تخوف لأخرين ممن يرون ان قرارا كهذا يحتاج لمزيد من الدراسات والنقاشات التي قد تقود ربما الى بدائل أخرى تكون أهون في نتائجها من حرب بلا رؤى واستراتيجية واضحة لكن الموقف السعودي كان قد سبق فيه السيف العذل.. هكذا عبر الملك سلمان مجازا وعلى غير عادة المواقف السعودية.
انطلقت الحرب أو بالأحر المغامرة التي لا يعلم أحد ومتى وكيف ستنتهي، كانت الحماسة التي اشتعلت في قلوب الكثيرين محفوفة بعديد من التساؤلات والتخوفات حول حرب لا رؤية واضحة لها او لما بعدها ولم تعي تعقيدات ما هي بصدده.
لكن شخصا أوحدا كان له مشروع خاص من وراء هذه المغامرة غير محسوبة النتائج إنه وزير الدفاع وولي ولي العهد آنذاك الشاب المتعطش لكرسي الحكم في المملكة والذي رأى في حرب اليمن فرصة لإثبات الذات والظفر بالتأييد والشعبية.
ولأن الرياح أحيانا تأتي بما لا تشتهي السفن ستتحول الحرب في اليمن الجار الشقيق والمثخن بالجراحات من البحث عن النصر الذي سيمهد الطريق الى الحكم الى مستنقع للهزيمة الشخصية لشخصية بن سلمان الشاب القوي كما ارد ان يبدو ويلقب
خمس سنوات من الحرب المستعرة ومئات الآلاف من الضربات الجوية والنتيجة لا شيء لصالح اليمنيين ومرة أخرى يعود المتنبي لتوصيف المشهد بذات القول السابق تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولكن هذه المرة بالنسبة لليمنيين ممن أملوا الفرج فتضاعفت المعاناة وعمقت الجراحات
صدمة النتائج العكسية امتدت الى الشرعية التي بحثت عن إعادة الاعتبار والحياة فكان الوأد نصيبها من اجندة التحالف الخفية بعد ان مزقت ووزعت قواتها ورجالاتها بين قطبي التحالف في الرياض وأبو ظبي.
أما اليمن ككيان فقد استقطع لكيانات ومليشيا لا وطنية تدار بمقتضى اطماع الحلفين الخليجيين واما اليمنيون فقد اتضح لهم عدو أخر بلباس الصديق اضيف الى العدو المباشر المتمثل بمليشيا الانقلاب ولأن القدر يحتم ان كلا يحصد ما زرع فقد تحول اليمن من مطمع الى مغرم للتحالف الذي انقلب على ما يفترض به ان يؤديه بمقتضى الجوار والمصير المشترك.
وأصبحت الرياض وأبو ظبي رديفين لمليشيا الانقلاب الحوثي فيما آلت اليه اليمن من خراب ودمار وأزمة إنسانية هي الأسوأ في التاريخ .