السعودية تؤسس لدولة بلا سيادة وعوضاً عن حربها مع اليمنيين باتت تحارب باليمنيين على حدودها، والإمارات تراهن على تقسيم اليمن ولم يعد عداها خافياً على أحد.
وسط كل هذه الفوضى من أين يبدأ اليمنيون؟ هل من استعادة الدولة المختطفة من مليشيا الحوثي؟ أم من إنهاء الانفلات الامني في المناطق "المحررة" ؟أم من إقناع الاخوة في التحالف أن هذه ليست الطريق التي تستعاد بها اليمن؟
أم من شرعية كرست الخذلانَ في كل مواقفها ؟ ماذا تبقى من اليمن الكبير؟ وماهو مصير البلد وسط كل هذه التراكمات؟ وما الذي يمكن القيام به لتلافي انهيار الدولة؟وماهو دور الرئيس هادي والنخبة السياسية وسط في هذا المشهد المعلول؟
كل هذه الأسئلة لا تزال تتقافز إلى أذهان اليمنيين بعد أكثر من أربع سنوات على انطلاق المعركة ضد مليشيا الحوثي في صنعاء، إذ قالت الحكومة إن معركتها تهدف لاستعادة الدولة، واستعانت بتحالف تقوده السعودية من أجل تحقيق هذا الهدف.
وحتى اللحظة لم يعد من الدولة شيء، لا مؤسساتها ولا خدماتها ولا حتى اسمها في بعض المناطق، فالمناطق التي حررتها الحكومة، تعيش وضعاً قد يتجاوز في سوؤه ما تعيشه المناطق التي يحكمها الإنقلابيون في بعض الجوانب.
مشهد غير سوي، الرئيس ونائبه يقيمان في عاصمة دولة مجاورة منذ نحو خمس سنوات، والرياض وأبو ظبي هما الحاكمان الفعليان للمناطق المحررة، فما الذي تبقى للدولة إذن؟ وما الذي تبقى منها؟!
الواقع على الأرض يقول إن الشرعية لم تعد سلطة فعلية على الأرض سوى في مناطق محدودة كحضرموت ومأرب وتعز، فيما تكاد تغيب تماماً في باقي المناطق، لتبدو مثل خرقة بالية تتخفى داخلها أطماع الحلفاء.
في عدن، تتجدد المعركة بين مليشيات يدعمها التحالف، وبين قوات تابعة للحكومة، حدث هذا لأكثر من مرة في العاصمة المؤقتة، كما حدث مثله في شبوة والمهرة وسقطرى، والهدف هو ذاته دائماً.. إنهاء وجود السلطة الشرعية وتفتيت الدولة اليمنية.
لكن السؤال هو لماذا لم يواجه الرئيس هادي وسلطته هذا الانحراف في أهداف التحالف؟ هل سيستمرون في مشاهدة البلد تقتسمه مليشيا موالية لإيران ومليشيات تابعة لأبو ظبي؟
يقول البعض – في محاولة تفسير هذا الوضع - إن الرئيس هادي عاجز وضعيف، فيما يجادل آخرون أن هذا الوضع تحديداً هو ما يريده هادي.. وضع الانهاك التام لجميع الأطراف، سواء المؤيدة للشرعية أو الرافضة لها، وفي الواقع لا يبدو أي من التفسيرات ذا أهمية الآن، إذا ما كانت كل الدوافع تؤدي إلى النتيجة ذاتها.
ماذا تبقى من الدولة اليمنية؟
سؤال يكبر كلما طالت الحرب، وفقدت السلطة الشرعية نفوذها على مؤسساتها، فيما يبدو أن الوقت ينفد من بين أيدي اليمنيين، ليصحو قريباً على ركام هائل، هو آخر ما تبقى من دولتهم.