خمس سنوات ومليشيا الحوثي لا تزال قادرة على استهداف العمق في عاصمة الشرعية المؤقتة، وهو ما من شأنه إعادة النقاش إلى نقطة الصفر والسؤوال عن ما هي مكاسب الشرعية بعد كل هذه الحرب إذا كانت غير قادرة على تأمين عاصمتها؟
يوم عصيب
يوم دام في عاصمة البلاد المؤقتة التي تنازعها الخصوم وتركوها عرضة للقاتل المسير، إذ شهدت عدن، أمس الخميس، حادثتان أليمتان هزتا المدينة استهدفتا عرضاً عسكرياً لقوات الحزام الأمني وقسما للشرطة في آن واحد، ليتوزع بعد ذلك الوجع على جغرافيا اليمن الكبير.
لم يتضح إن كانت هناك صلة بين الهجومين غيرُ مدينةِ عدن واستقرارها، فهل توحدت أهدافُ الإرهاب والمليشيا؟
عضو اللجنة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح قال إن الحادثة تأتي في سياق مسلسل الاستهداف الممنهج للجنوب ولقضيه ولأجهزته الأمنية والعسكرية، مضيفا أن هذا الاستهداف لا يقتصر على مليشيا الحوثي بقدر ما هو يشمل كل قوى النفوذ وقوى "الاحتلال" التي استعمرت الجنوب واستمرأت استعماره وهي ترغب الآن من استمرار هذا الاحتلال رغبة منها في نهب الثروات والاستيلاء على الأرض.
وأضاف صالح خلال حديثه لبرنامج " المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء الخميس، أنهم في المجلس الانتقالي ينظرون إلى هذه الحادثة ضمن سلسلة مؤامرات تستهدف القضية الجنوبية، وهي بدون شك مرتبطة بما سبقتها من مؤامرات.
وتهرب صالح من إتهام جماعة الحوثي بشكل مباشر بالوقوف وراء حادثة معسكر الجلاء رغم إعلان الجماعة عبر وسائلها الإعلامية تبنيها للعملية، حيث قال أنهم لا يعترفون بالرواية الحوثية حول تبنيها لهذه العملية، منوها إلى أن المسألة تحتاج إلى مزيد من التحقيق ومزيدا من التمحيص لكشف ملابساتها ومعرفة من يقف وراءها.
صالح أوضح أن جماعة الحوثي في حالة انهيار متواصل وبالتالي تسعى لتحقيق انتصارات معنوية وأن توصل رسائل معينة إلى مؤيديها بأنها ما زالت قادرة على أن تصل عدن وإلى عمق المحافظات الجنوبية المحررة، واستثمار هذه الحادثة.
وبحسب صالح؛ فإن كل الاحتمالات واردة وسيكون هناك تحقيق يجريه خبراء لمعرفة ملابسات الحادث ومن يقف خلفه، والكل هنا-بنظر صالح- في موضع اتهام، باعتبار أن للجنوبيين وللقضية الجنوبية خصوم كُثر، ولنا معهم تجارب كثيرة في استهداف الجنوب وقضيته وقادته.
انكشاف أمني
من جهته؛ المحلل السياسي محمد جميح قال أن عملية الخميس عملية مكررة ومعروفة وبنفس الطريقة دون أن تكون هناك مراجعة للأساليب الأمنية المتبعة للحيلولة دون تكرار مثل هذه العمليات.
جميح استغرب الإعلان عن إقامة عرض عسكري دون اتخاذ الاجراءات في تأمين هذا العرض، لافتا إلى أن من الأفضل كان بقاء الأمر سريا دون الإفصاح عن هذا العرض.
وتحدث جميح عن "انكشاف" أمني كبير أدى إلى وقوع هذه العملية في وضح النهار عبر طائرة مسيرة ولم تكن هناك حتى مضادات طيران لإسقاطها.
ووافق صالح كلام جميح بخصوص الفشل الأمني، لكنه عاد ليحدث عن مؤامرة شاملة تستهدف الجنوب وقضيته، وليس هناك ثغرات يستغلها الحوثي، متهما الشرعية بتوفير خدمات للحوثي وتسليم له السلاح والجبهات.
وردا على حديث صالح الذي قال إن الحوثي لا يستهدف الشرعية وقياداتها ومقر إقامتها في قصر المعاشيق، لفت جميح إلى أن الحوثي استهدف قاعدة العند قبل أشهر واستهدف من خلالها كبار القيادات التابعة للشرعية على رأسهم اللواء الزنداني وطماح.
وبحسب صالح؛ فإن الاشكالية الموجودة هي في أطراف داخل الشرعية (لم يسميها) وهي أكثر نقمة على الجنوب وعلى الجنوبيين من الحوثي نفسه، وهي ترى في الجنوب والمجلس الانتقالي والمقاومة الجنوبية خصماً أشد بالنسبة لها من الحوثي.
وتساءل جميح عن منظومة الباتريوت ومنظمة الرادار، مضيفا أنه ما كان ينبغي إطلاقا أن تتم هذه العملية وهذا الاختراق الكبير ويذهب ضحيته عشرات من الأبرياء في ظل وجود القدرات الصاروخية والدفاعية والرادارات الموجودة في عدن، لافتا إلى أن هناك خلل كبير ينبغي أن يراجع ويشكل لجان للتحقيق.
وشهدت العاصمة المؤقتة عدن، أمس الخميس، يوماً دامياً، بعد هجومين استهدفا عرضا عسكريا لقوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيا بمعسكر الجلاء بمنطقة البريقة بصاروخ باليستي و"درون"، ومقر شرطة حي الشيخ عثمان، شمال المدينة، بسيارة مفخخة، ما خلَّف 49 قتيلاً وعشرات الجرحى، وفق بيان وزارة الداخلية اليمنية.
وأدى الهجوم على المعسكر الذي تبنته مليشيا الحوثي، إلى مقتل 36 ضابطاً وجندياً، أبرزهم القيادي البارز في الحزام الأمني وقائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعي، المكنى "أبو اليمامة"، بينما سقط 13 قتيلاً بهجوم قسم الشرطة الذي لم تتبنه جهة محددة حتى اللحظة.