المسار العسكري
على المسار العسكري، سيطر الجيش الوطني صباح اليوم على منطقة عزان كبرى مدن شبوة، وكذا انضمام اللواء الأول نخبة شبوانية للحكومة الشرعية، أحدث فارق كبير في سير المعركة، والذي كان ضمن مهامه حماية منشآة بلحاف.
كما واصلت القوات الحكومية الموالية للشرعية السيطرة الكاملة على موقع "العكف" الاستراتيجي الذي يعد المدخل الجنوبي لمدينة عتق عاصمة المحافظة، فيما بات الجيش على مقربة في هذه الأثناء من منطقة خمر ضمن مطارح قبيلة الكازمي لملاحقة أخر جيوب مليشيات الانتقالي.
عسكرياً أيضاً، استلم الجيش الوطني ظهر اليوم الاثنين رسمياً المنشأة النفطية في بلحاف، بحضور ضباط سعوديين وإماراتيين، وذلك على إثر انسحاب القوات الإماراتية نحو محافظة حضرموت بقوة مكونة من 50 مدرعة كانت تتمركز في ذات المنطقة، ما يعني أن المنطقة باتت محررة بالكامل.
تكامل الموقف الرسمي والشعبي
الحضور الرسمي للشرعية، سياسياً وعسكرياً بشبوة كان لافتاً، وهذا التواجد والانفعال الجزئي للساسة اليمنيين جاء متناغماً إلى حد كبير مع الشارع اليمني الغاضب والمحتقن، الغاضب، من تصرفات الإمارات والسعودية كدول احتلال غدرت باليمنيين تحت مظلة عاصفة الحزم، وغاضب من قيادة بلدهم التي رهنت قرارها السياسي للسعودية، ولم تكن بحجم التحديات على مدى سنوات، ما ولد سلسلة فشل وإخفاقات عديدة، غير أن موقف الشرعية من العبث الإماراتي – مؤخراً - كان جيداً إلى مستوى معين، وعلى الأقل حسب ما يمكن فهمه من مزاج الشارع اليمني.
كما أن التحرك على المسار الدولي وتصريح مندوب اليمن في الأمم المتحدة عبدالله السعدي في الـ 20 أغسطس 2019م الجاري: " بأن ما تعرضت له مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، هو "تمرد مسلح" على الحكومة الشرعية من قِبل قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، "وبدعم مالي ولوجستي وإعلامي من الإمارات" كان تحول دراماتيكي في موقف اليمن ضد العبث الإماراتي.
رئيس الوزراء يزور شبوة
زيارة رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبدالملك مساء الأحد إلى محافظة شبوة وعقد لقاء فوري مع قيادة السلطة المحلية وقادة الجيش والأمن، حملت دلالات كثيرة عن الاهتمام الرسمي بما يجري في المحافظة، وتزامنت الزيارة الأولى لمسؤول كبير في الحكومة مع الانتصارات التي حققها الجيش، ترتب عليها اندحار الانقلابيين المدعومين إماراتياً بشكل كامل.
أعقب زيارة رئيس الحكومة أيضاً: بيان قوي اللهجة من محافظ المحافظة، محمد صالح بن عديو، والذي نُظر للبيان بكونه خطاب النصر، حيث شرح فيه تفاصيل ومجمل ما جرى في المحافظة على مدى أسبوع كامل، وتكلل ذلك بالانتصار الحاسم والكامل للجيش الوطني على مليشيات المجس الانتقالي المدعومة إماراتياً.
هزيمة مفاجئة
منيت قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً بمحافظة شبوة بهزيمة ساحقة في ظرف أيام قلائل فقط، أفقدتهم نشوة الانتصار التي تحققت في 10 أغسطس/ آب الماضي بعدن بعد السيطرة الكاملة على معسكرات الحماية الرئاسية، وعدد من المنشآت الحكومية، وكذا القصر الجمهوري بمنطقة معاشيق بكريتر.
كما أن انكسار الإمارات بشبوة نظر له مراقبون على أنه مفاجئ وغير متوقع بالنظر للإمكانات والقدرات التي كانت بحوزة الانتقالي، فقرابة سبع معسكرات هي: معسكر مرة، ومعسكر الشهداء، ومعسكر ثماد، ومعسكر الظاهره، وكذا موقع الجلفوز، ومعسكر العلم جميعها سقطت بيوم واحد، فيما بعض هذه المعسكرات أنشأت منذ عامين بإشراف إماراتي وسلحت بسلاح نوعي وقتالي عالي المواصفات مقارنة بوضع الجيش الوطني.
خلافات التحالف حول شبوة
لا يمكن الجزم – حتى الآن - بأن هناك تصدع في التحالف الوثيق بين السعودية والإمارات بناءً على التراشق الإعلامي الحاد في منصة "توتير" على مدى الأسبوع الماضي، أو القول: أن التعريض المتبادل في عدد من المواقع الإلكترونية وبعض الرسائل السياسية المشفرة بين الدولتين يسير في مسار اللا عودة. غير أنه، من المؤكد أن عدم رضا السعودية على طموحات الإمارات وتحذيراتها الواضحة من مغبة اسقاط شبوة النفطية قد ساهم بشكل مباشر في ترجيح كفة الشرعية.
بيان احتواء التراشق الإعلامي
يمكن القول بأن البيان الذي صدر عن الدولتين في ساعات الفجر الأولى اليوم الاثنين، حول وقف الحملات والتراشق الإعلامي بين الطرفين وضد الإمارات بوجه خاص حاول احتوى الموقف وإعادة الإمارات إلى مسارها الطبيعي قبل هذه الأحداث.
فقد حاولت السعودية أن تنهي الخلاف الإعلامي – المسيطر عليه – بعد عودة شبوة كاملة، وهي محاولة لإرغام الإمارات كي تعود إلى السكة التي اتفقت عليه الدولتان داخل اليمن، كون سقوط هذه المحافظة بين الانتقالي سيكون له تأثير كبير على الشرعية، ومحرج للسعودية وقد يفتح باب للحرب والصراع، خاصة أن مأرب ستكون على الواجهة وسقوط المحافظة أيضاً سير حقيقي نحو انفصال شمال البلد عن جنوبه.
ويظل السؤال قائماً: هل سيتم انهاء الانقلاب بمدينة عدن وتعود الشرعية ومعسكراتها إلى مواقعها السابقة؟، ما يمكن القول: أن الإمارات سترفض تسليم المدينة، وقبولها بالهزيمة في شبوة سيجعلها ترفض تسليم مدينة عدن للشرعية، وهنا يفتح أمام الشرعية والشارع اليمني أسئلة كثيرة عن طبيعة التحالف ومستوى ما يجري داخل البلاد من تقاسم وانعكاس ذلك على الوضع العام للبلد.