وانهارت جميع التحصينات والمعسكرات التابعة لها في مدينة عتق عاصمة المحافظة بشكل متسارع خلال الأيام الماضية.
ولا زالت القوات الحكومية تلاحق ما تبقى من فلول وعناصر تلك القوات المتمردة والتي أرادت نقل ما جرى في عدن من عملية انقلابية شاملة على الحكومة الشرعية إلى محافظة شبوة الغنية بالنفط.
ثمة من يرى بأن الانتصار الذي حققته القوات الحكومية حتى الآن ما كان له ان يتحقق لولا الدعم السعودي وموقفها الايجابي والمحايد من الأحداث.
وهو يأتي بخلاف ما جرى في عدن حين كانت قوات الحماية الرئاسية قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على الوضع ، لكن الدعم الذي تلقته قوات المجلس الانتقالي والحزام الأمني من الامارات قلب موازين المعادلة، ما أدى في النهاية إلى سقوط العاصمة المؤقتة في قبضة القوات المتمردة.
لم تتدخل السعودية فحسب، بل لعبت دورا سلبيا، حيث وصف وزير الداخلية، أحمد الميسري ، صمتها بالمريب، قبل أن تؤمن المملكة له ولرفاقه ممرا آمنا للعودة إلى الرياض.
وفي الوقت الضائع، شكلت السعودية لجنة وساطة، كما دعت قوات المجلس الانتقالي إلى الانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها والعودة إلى مواقعها السابقة، ودعت من أسمتهم الأطراف المتصارعة للحوار في مدينة جدة.
في هذه الأثناء، رفضت قوات المجلس الانتقالي التحركات السعودية، وتوسعت إلى محافظة أبين ثم إلى محافظة شبوة التي تلقت فيها صفعة قوية، وهو ما قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر ومرحلة ما قبل توسع قوات الانتقالي، وربما إلى أبعد من ذلك.
مراقبون يشيرون إلى عدد من الدلالات التي تؤكد بأن السعودية جادة هذه المرة في عدم توفير الغطاء للإنقلابيين على الحكومة الشرعية مع احتفاظهم بخيط رفيع من الارتياب.
من بين هذه المؤشرات، تأمينها وصول رئيس الحكومة، معين عبد الملك، إلى مدينة عتق، والذي عقد يوم أمس اجتماعا حكوميا مصغرا في المدينة بحضور محافظ المحافظة، محمد صالح بن عديو.
وجاءت الزيارة في توقيت حرج، حيث لا زالت المحافظة تشهد معارك السيطرة على ما تبقى من ثكنات الإنقلابيين، وهو ما يشكل أثرا بالغا في تعزيز إنتصار القوات الحكومية.
وقبل أن تنقل السعودية رئيس الحكومة اليمنية مع عدد من الوزراء إلى مدينة عتق بطائرة خاصة، كانت الحكومة قد عقدت إجتماعا استثنائيا في الرياض، وجهت من خلاله نقدا لاذعا للإمارات، وحملتها مسؤولية الانقلاب في عدن.
تزامن ذلك مع تصعيد غير مسبوق ضد الإمارات، ومطالبة الرئيس هادي بطردها ضمن التحالف في اليمن بعد مشاركتها المستمرة في دعم الانقلابيين.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي توجه فيها الاتهامات للإمارات برعاية المتمردين، بما في ذلك من قبل مسؤولين يقيمون في الرياض.
لكن التصعيد الحكومي هذه المرة، جاء مختلفا، فإلى جانب الاجتماع الاستثنائي للحكومة في الرياض، ثمة شواهد ميدانية داعمة على أرض الواقع.
واحد معصوب موز يا كعله ? ...
— حمد المزروعي (@uae_3G) August 22, 2019
#كلنا_هادي_اليمن pic.twitter.com/PLD8ClOui4
وشكلت تحركات القوات العسكرية المدعومة من الإمارات تحديا حقيقيا لجهود المملكة في التهدئة، وهو ما أثار استغراب ناطق الحكومة اليمنية، والذي اتهم بدوره الإمارات بتفجير الوضع العسكري في شبوة.
وزير النقل، صالح الجبواني، والذي اعتاد على تعرية الدور الإماراتي في مناسبات كثيرة، كشف ليلة أمس على قناة اليمن الفضائية التي تبث من الرياض، بأن السعودية كانت تتلقى تقاريرها عن الجنوب من المخابرات الإماراتية، لكنها الآن لديها رؤيتها الخاصة بفضل وجودها على الأرض.
وبدت نبرة تصريحاته مليئة بالتحدي لإنهاء دور الامارات في اليمن، كما هي شديدة الثقة بالدور السعودي الجديد في الجنوب الداعم للحكومة الشرعية.
وعلى خلفية تصعيد الحكومة اليمنية، هناك سقوط أخلاقي في أبو ظبي، شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كال المغردون الإماراتيون، وبينهم مستشار ولي عهد أبو ظبي ، حمد المزروعي، وقائد شرطة دبي السابق، ضاحي خلفان، كمية وافرة من الشتائم ضد الرئيس هادي والحكومة الشرعية.
وحملت التغريدات تعريضا واضحا بالمملكة لإستضافتها الرئيس هادي والحكومة اليمنية الشرعية ، وأتهمتها ضمنا بالعجز والفشل في تأمين حدودها من الحوثيين.
في هذا السياق، لم يستبعد مراقبون إعلان مليشيا الحوثي يوم أمس استهداف جنوب السعودية بعشرة صواريخ باليستية، وهو تطور نوعي وغير مسبوق، رسالة إماراتية في الأساس في ضوء التفاهم الأخير بين أبو ظبي وطهران، ردا على ما جرى في شبوة.
وسبق ان كشفت تقارير صحفية عن تلقي الحوثيين أسلحة إماراتية عن طريق زعماء جنوبيين تابعين للمجلس الانتقالي.
ومع كل ذلك، لا تزال حالة الإرتياب قائمة، إذ يبدو حضور الحكومة الشرعية وقواتها في المنطقة الشرقية من جنوب اليمن تحديدا، خاضعا لحسابات الحلفاء.
وبالتالي، خطورة ما تقوم به الإمارات ، لا يشكل تهديدا إلا على مطامع ونفوذ السعودية والتي ترى أن من مصلحتها دعم جهود الحكومة اليمنية حاليا بشكل مؤقت.
مثل هذه التحركات بحاجة إلى اختبار، وقبلها إلى حضور الحكومة على أرض الواقع مهما كلف الثمن بعيدا عن حسابات الحلفاء المفترضين.