يختار الحوثيون الطريق الأسهل لابتزاز التجار والحصول على الأموال، عبر سلسلة من المسميات بعضها يعد ضمن إطار القانون لكن بطريقة الميلشيا، وغالبيتها مسميات جديدة واتاوات إجبارية، اعتاد الحوثيون على أخذها ما بين الحين والآخر تحت تهديد القوة والسلطة.
وتستغل مليشيا الحوثي المناسبات والمواسم التجارية لمطالبة التُجار بالإتاوات، حيث تكون فرص الجباية أكثر نجاحاً من خلال تهديد مُلاك المحلات التجارية بالإغلاق في مواسم البيع الخاصة بهم، وعمدوا خلال الأيام الماضية على التركيز على المراكز والمحلات التجارية للملابس والمكسرات، والتي يكثر فيها الزبائن لشراء حاجاتهم استعداداً لاستقبال عيد الفطر.
ابتزاز مُعلن
في العام 2017 تم اغلاق مركز "سيتي ماكس" بمبرر بأن ليس لديه موقف للسيارات، والعام الماضي تم اغلاقه وقال الحوثيون، أن إدارة المتجر لم تقدم إقرار ضريبة المبيعات مالكه، والإثنين الماضي 27 مايو/ آيار، تم اغلاقه بحجة النقود قبول النقود الجديدة التي طبعت مؤخراً من قبل البنك المركزي بعدن.
وقال مصدر مطلع في متجر "سيتي ماكس" - طلب عدم ذكر اسمه - إن أحد القيادات الحوثية الكبيرة دخل في سجال مع إدارة المتجر في العام 2017، ولايزال إلى اليوم يتربص به، ويفرضون مبالغ مالية كبيرة خارج البنود القانونية التي يدفعونها.
وأضاف في حديث لـ"بلقيس" ان اغلاق المركز لعدة مرات في توقيت متزامن اما قبل عيد الفطر أو عيد الأضحى، هو استغلال لمالك المتجر الذي ينافس في تلك المواسم، وتكون حركة البيع كبيرة، فمعنى إغلاقه خسائر بالملايين، وهذا ما يدفع الإدارة للبحث عن تسوية بأي ثمن.
فرض مبالغ كبيرة
عملية الابتزاز التي يمارسها الحوثيين على التجار شملت الجميع وعلى إثرها يجني الحوثيون مبالغ مالية كبيرة جداً، لذلك نفذوا خلال الأيام الماضية حملة شملت غالبية المحلات التجارية التي يزدحم فيها الزبائن في الموسم السنوي لهم، طالبين منهم دفع مبالغ مالية كبيرة.
"محمد حزام" تاجر تجزئة يملك محل ملابس في "شارع هائل" يتعرض للابتزاز كل عام في نفس التوقيت من قبل سلطات الحوثيين قال "إن لجنة تابعة لسلطات الحوثيين قدمت إلية في منتصف الليل اثناء زحمة الزبائن في المحل وطلبوا منه أن يدفع مليون ريال، مجهود حربي".
وأضاف في حديث لـ بلقيس" انه يحرص دائما على تسديد كل ما عليه فيما يخص الأشياء القانونية كالضرائب والزكاة، وايضاً إجراءات مكتب التجارة والصناعة، كي لا يتعرض لابتزاز الحوثيين في أيام الموسم، لكن كل هذا لا يمنع ذلك أبداً فهم يختلقون بند إتاوة جديد.
وفرض الحوثيون مبالغ على المراكز التجارية الكبيرة تصل إلى 20 مليون ريال يمني (37 ألف دولار امريكي)، وتتفاوت المبالغ بين التجار، ومن هذه الاتاوات يجني الحوثيين مليارات الريالات، حيث لا يفوتهم أي محل تجاري ويحرصون على تحصيلها تحت التهديد والوعيد إما بإغلاق محال التجار أو السجن.
تبريرات الحوثيين
لم يعد سلوك الحوثيين في ابتزاز التجار والمستثمرين في صنعاء يخفى على أحد من المتابعين، بل تحول إلى ممارسة مُعلنة، وبمبررات يتم التسويق لها والدفاع عنها، في تحول جديد لعمليات النهب، بعد ان كانت ممارسات فردية لقيادات ذات نفوذ، لكن الآن تمارس بتنظيم من سلطاتهم وبشكل فجّ.
فعقب اغلاق متجر "سيتي ماكس" أعلنت وكالة "سبأ" التي يديرونها بصنعاء نقلا عن مصدر أمني أن اغلاقه ضمن صلاحيات لجنة ميدانية لممارسة مهامها في الضبط والتفتيش عن العملات غير القانونية - في إشارة إلى النقود الجديدة المطبوعة من قبل الحكومة- واتهم المصدر إدارة المتجر بالاعتداء على افراد لجنة الحوثيين.
ويسمح الحوثيون بتداول العملات النقدية الجديدة في السوق بشكل كبير لكن توجيهاتهم الرسمية تمنعها، الا انها في نفس الوقت تتخذ من هذا الإجراء ضمن خيارات الابتزاز ضد التجار والبنوك ومحلات الصرافة، فيعملون أحياناً على مصادرتها ممن يتعاملون معها، ويستخدمونها في عملية سرقة معلنة.
استهداف رأس المال الوطني
ويرى رئيس مركز البحوث والتنمية المجتمعية منير العمري "ان استهداف الشركات والمؤسسات والبيوت التجارية هي سياسة حوثية هدفها ضرب الرساميل الوطنية ودفعها إلى حافة الإفلاس أو تطفيشها كي تخرج من البلد، لأن رأس المال، كما يقال، جبان ويتطلب بيئة مناسبة ومناخ ملائم للنمو والازدهار".
وأضاف في حديث لـ "بلقيس" ان ما تقوم به مليشيا الحوثي جزء من سياسة التجويع والإفقار لليمنين وفرض الإتاوات والجبايات غير المشروعة هدفها تمويل حروب الجماعة ضد اليمن واليمنيين.
وأشار العمري "أن الجماعة تسعى لتمكين الرساميل الحوثية التي نشأت وتوسعت من اقتصاد الحرب الذي تديره مليشيا الحوثي وعلى حساب ومعاناة اليمنيين، كما انها تسعى لإغلاق السوق على تجار الجماعة أو المتعاونين معهم فقط".
وأوضح "ان الأموال التي ينهبها الحوثيين إما تذهب لخزاناتهم، أو جيوب المشرفين والمنتفعين من سلطاتهم، أو لتمويل حروبهم، ومنها ما يذهب لإنشاء شركات ومصالح تجارية خاصة بتجار الجماعة أو المحسوبين عليها".