مليشيا الحوثي وبعد أن نفت وجود محادثات بين الجانبين، عادت لتؤكد استعدادها للحوار، وقالت على لسان أحد قيادتها إن الحديث عن وجود حوار أمريكي مع جماعته يعتبر نصراً عظيماً ودليلاً على أنهم على حق، حسب قوله.
اليمن ليست الهدف
تأتي المبادرة الأمريكية تزامناً مع تكثيف الحوثيين ضرباتهم الصاروخية وبالطائرات المسيرة ضد السعودية، وفي ظل تصعيد التوتر في منطقة الخليج بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما يدفع البعض لترجيح أن هذه المحادثات تأتي في إطار استراتيجية جديدة تتبعها واشنطن للتعامل مع إيران وأدواتها في المنطقة، ولهذا فأنها قد لا تعني نهاية الحرب اليمنية أو حلاً سياسياً قريباً، بقدر ما تعني بحث شروطاً جديدة لاتفاق نووي جديد مع إيران.
الباحث في العلاقات الدولية عادل المسني قال إن الدعوات لمحادثات أمريكية مع الحوثيين بمشاركة سعودية تأتي بعد فشل التحالف في تحقيق أهدافه في اليمن.
وأضاف المسني، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء أمس، إلى أن: "هناك أزمة حقيقية في مهمة التحالف في اليمن، وفشل ذريع في مهمة استعادة الشرعية اليمنية، وهناك أيضاً انقلاب على الأهداف المعلنة للتحالف".
ايجاد مخرج للحرب
وأردف المسني إلى أن الولايات المتحدة تحاول-من خلال محادثاتها السرية مع مليشيا الحوثي- إلى إنقاذ المملكة العربية السعودية من مستنقع اليمن، ومن الأزمة السياسية المستفحلة مع الشرعية ومع الإمارات، وتحاول أن توجد مخرج للسعودية وللتحالف من خلال ايجاد حل للأزمة مع الحوثيين.
من جهته؛ المحلل السياسي إبراهيم القعطبي قال إن الأمريكيين كان لديهم خط تواصل مع الحوثيين منذ فترة عبر سلطنة عُمان، لافتا إلى أن الجديد الأن هو أن المحادثات السرية أتت بعد الأحداث التي اندلعت في المحافظات الجنوبية.
ويرى القعطبي إلى أن الولايات المتحدة تحاول استباق ما تقوم به الإمارات والسعودية في المحافظات الجنوبية من خلال دعم المليشيات الانفصالية الانقلابية ليكون للرياض وأبوظبي النصيب الأكبر من الأطماع.
ووصف القعطبي المحادثات السرية بين أمريكا والحوثي والسعودية بالأمر الخطير، كون الحوثيون يريدون فقط حكم المناطق الشمالية، والمجلس الانتقالي حكم المناطق الجنوبية، وبالتالي خروج الحكومة الشرعية والشعب اليمني من المعادلة.
وبخصوص نفي مليشيا الحوثي الحديث عن محادثات مع الجانب الأمريكي، قال القعطبي إن نفيهم هذا فقط للاستهلاك الداخلي، مشيرا إلى أن الحوثيون يتعاملون مع الأمريكان في مكافحة الإرهاب وهناك شبكة تواصل معهم لم تنقطع، ومحادثات جرت بينهم في سلطنة عُمان حول الأسير الأمريكي لديهم.
الشرعية غائبة
المسني عاد ليقول بأن هناك محاولة لاحتواء الحوثي بفعل الأزمة في الخليج وتصاعدها مع إيران، لافتا إلى أن من مصلحة الولايات المتحدة ودول الخليج احتواء الحوثي بعدما أصبح يملك أسلحة يهدد بها خطوط الملاحة، بالإضافة إلى أن استراتيجية أمريكا في المنطقة هي دعم الأقليات، مضيفا أن هذه المحادثات ليست الأولى، فقد سبق ذلك دعوات ومفاوضات سابقة.
القعطبي أشار بوجود مخططات خارجية تسعى لتقسيم وتمزيق اليمن من قبل السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا، والدليل على ذلك هو ادخال اليمنيين بشكل متعمد في حرب داخلية منذ سنوات واستنزافهم وحصارهم من أجل إخضاعهم لأي مشروع تقسيمي ستأتي به السعودية والولايات المتحدة بنهاية المطاف.
وبشأن وجود الشرعية اليمنية خارج المعادلة، قال المسني إن الشرعية لا يمكن أن تقبل بهذه المحادثات الجانبية، وترفض أي حوار خارج المرجعيات الثلاث، لافتا إلى أن المحادثات أو الحوار الذي يجري الآن خارج المرجعيات ومن طرف الولايات المتحدة بغية إنقاذ السعودية جراء فشلها في تحقيق أهداف الحرب في اليمن.
صراع أمريكا وإيران
وعلى عكس ذلك؛ ترى الباحثة السياسية فاطمة أبو الأسرار أن المحادثات التي تجري في عُمان بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي ليس الهدف منها اليمن، وإنما جزء منها لبحث عملية السلام، والجزء الآخر لتهدئة الوضع بفعل التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران.
لافتتاً إلى أن إيران استخدمت الحوثيين لإطلاق عمليات تزعزع من أمن المنطقة وأمن السعودية، وربطت أبو الأسرار إعلان الإمارات الانسحاب من اليمن بسبب العمليات التي تشنها جماعة الحوثي داخل العمق السعودي.
وأوضحت أبو الأسرار إلى أن المحادثات بين واشنطن والحوثيين تأتي لخدمة استقرار المنطقة أولا، واستقرار اليمن وحل أزمته ثانياً، مقللةً في الوقت ذاته من هذه المحادثات.
وفسرت أبو الأسرار غياب الشرعية عن المحادثات في سلطنة عُمان لأن هذه المحادثات لا تخص اليمن، ولأن الحوثيين الآن هم جناح اقليمي لإيران، موضحةً ذلك بأن المحادثات هي بين طهران والرياض ولكن بطريقة غير مباشرة، وأمريكا تلعب دور الوسيط في ذلك.