بعد ذلك استعرض رئيس الوزراء جملة من المشاكل والمعوقات والعراقيل من تلك التي نعرفها جميعا ً ولا أتصور أننا كنا بانتظار سماع ملخص عنها ، رغم أن المذيع حاول سحب الكلام سحباً لمعرفة ما ينوي معين عبدالملك القيام به وعما إذا ما كان هناك حتى ولو خطوط عريضة أولية لتصحيح ما هو كائن ليجيب رئيس الوزراء عن عدم المقدرة على ضبط ما أسماه معادلة النفقات والإيرادات . و قال أنه بحاجة إلى مزيد من الدراسات والتشخيص للحالة الإقتصادية التي أشبعت فعلياً بالدراسة والفحص وأصدرت لأجلها التقارير والأوراق العملية من متخصصين يمنيين أو حتى أجانب من ضمنها دراسات قام بها البنك الدولي نفسه وما عليه إلا أن يطلع على ماهو موجود فعلياً ويبدأ بالعمل على الأرض دون الخوض في بيروقراطية من هذا النوع.
في المقابلة حرص معين عبدالملك على التهرب من موضوع العمل على تشكيل حكومة مصغرة تضم عدد بسيط من الوزارات متعذراً بالهيكل التنظيمي رغم أن هذه الوزارة مؤقتة ولا تحتاج أن تغير هيكلية الدولة لأجلها. و في معرض حديثه عن خططه لدعم الاقتصاد ركز على الوديعة السعودية و ما يعول عليها . كما ذكر أنه بحاجة إلى عقد مؤتمر لحشد تبرعات ومنح لليمن بالإضافة إلى الإشارة إلى الأدوات النقدية من خلال تمويل الموازنة بواسطة السندات التي ستؤدي إلى ارتفاع الدين الداخلي الذي اشتكى معين نفسه من تضخمه ، الأمر الذي يشي بتوجهات الأخ معين لإدارة المرحلة عبر مزيدٍ من الاعتماد على الخارج ومزيدٍ من السياسات النقدية التي أثبتت فشلها في السابق.
فيما يتعلق بتفعيل مصادر التمويل من البترول،، قال معين أن الانتاج حالياً لا يمثل سوى 10% من النفط الذي كان ينتج في السابق ، بينما الحقيقة ان الانتاج الحالي يزيد عن 30 بالمائة. فلو أخذنا أرقام ما قبل الحرب في العام 2014م سنجد أن إنتاج اليمن من النفط الخام كان حوالي 150 ألف برميل يومياً ، والارقام الحالية للانتاج توضح أن صافر على سبيل المثال تنتج 15 ألف برميل من قطاع 18 صافر حسب تقارير الإنتاج ، وشركة بترومسيلة تنتج 23 ألف برميل من القطاعين 14 الذي كان تحت إدارة شركة كنديان نكسن وقطاع 53 الذي كان يدار من قبل دوف انيرجي. بالإضافة إلى حوالي 10 ألف برميل من قطاع 10 الذي كانت تشغله شركة توتال الفرنسية. كما تنتج شركة أو أم في حوالي 6-7 ألف برميل. بإجمالي عام يصل إلى 55 ألف برميل يوميا ً قابلة للزيادة . مما يشكل أكثر من 30% مما كان ينتج في السابق وليس كما ذكر رئيس الوزراء. لكن ربما كان الدكتور معين يتحدث عن ما يقع تحت يده وما يمكنه التصرف به من إيرادات وما تتركه له القوى المسيطرة على الأرض وليس عن إيرادات اليمن وفي هذه الحالة فالفارق كبير ويظل الوضع كما كان عليه أيام بن دغر.
تطرق رئيس الحكومة إلى المنحة السعودية الخاصة بالمشتقات النفطية ، وغاب عنه حتى مجرد الإشارة إلى مصافي عدن ، بأنه سيعمل مثلا على استئناف مصافي عدن لعملها لتقوم بتزويد السوق المحلي بما يحتاجه من مشتقات نفطية يتم تصفيتها من نفط صافر الخفيف والذي لن يكلف نقله أكثر من ستة دولارات للبرميل الواحد ليكون إجمالي ما تنفقه البلد لا يتجاوز الثلاثة مليون دولار شهرياً بدلاً عن الستين أو السبعين مليون دولار التي كانت تتكبدها الحكومة لشراء المشتقات النفطية . هذه الطريقة ستساعده كثيراً للتخلص من أكبر الثقوب السوداء التي تستهلك العملة الصعبة. بالإضافة إلى أن إعادة تشغيل المصفاة بإمكانه خلق دخل إضافي من الخدمات التي يمكن أن تقدمها المصفاة للآخرين.
لا يمكن أن نقول أن الأخ معين عبدالملك بدأ العمل قبل أن يتمكن من تشكيل حكومة مصغرة لإدارة حالة الحرب بدلاً من الشكوى أنه بدون فريق يعمل معه. فالمفترض أن يقوم بتشكيل فريقه الخاص ويعمل فوراً على عودة الشركات النفطية وتصدير النفط من مينائي الضبة و النشيمة ، واستئناف تصدير الغاز المسال من ميناء بلحاف . بالإضافة إلى إعادة تشغيل مصفاة عدن بكامل طاقتها بنفط مأرب . وننتظر أيضاً إعادة تشغيل ميناء عدن وإيجاد إدارة ذات كفاءة ومهنية ليتمكن هذا الميناء من استعادة نشاطه وجعل أغلب واردات اليمن تمر عبره بدلا ً من ميناء الحديدة التي تصل إليه ثلاثة أرباع السلع القادمة للسوق اليمني ويستفيد منها الانقلابيون وتحويل الإيرادات التي يحصلون عليها إلى صالح الشرعية ، وبالتالي خلق مصدر دخل آخر مهم يدعم الموازنة العامة للدولة.
ختاماً،، يجب هنا التأكيد أن كل هذه الإجراءات يمكن تنفيذها على المدى القصير وستؤتي أوكلها مباشرة . مالم ،،، فلن يكون معين عبدالملك أكثر من مجرد "ممثل" يقوم بدور "رئيس وزراء" بينما هناك آخرون، هم من يحكمون ويديرون الحكومة فعلياً من الظل.