أقيم في حديقة "الملكة فكتوريا" بمديرية التواهي بعدن معرضاً للصور الفوتوغرافية، حمل عنوان "التواهي بين الماضي والحاضر"، بتنسيق وتنظيم من مجموعة من ناشطي المديرية، وبرعاية من المجلس المحلي.
تنوعت الصور بين ما ألتقط بعدسة المرشد السياحي والمصور/حمزة ياسين عبدالشكور، وأخرى من أرشيف يحتفظ به عن الحياة القديمة في مدينة عدن وأبرز المعالم والمباني، حيث قدمت الصور ملامح الحياة اليومية في الخمسينات والستينات، وكذا صور عديدة لـِ "سانت أنتوني" أول كنيسة كاثوليكية شُيدت عام 1839م في المديرية، ومسجد "كهبوب"، والمسرح الوطني، وفندق "مارينا"، وأبرز الشوارع آنذاك كـ شارع "النهضة" و"حمزة"، وسوق "كينجهام"، وبريد "التواهي" الذي أنشئ عام 1858م، وميناء السياح، ورصيف أمير ويلز، وعدد من شواطئ المديرية كـِ "جولد مور" و"رامبو"، وجزيرة المحجر الصحي "الكرنتينا"، ومستشفى الطيران الملكي البريطاني-"باصهيب" حالياً، ومكتب البحرية الملكية البريطانية.
وعن أهداف المعرض أكد أكرم كارم – أحد منظميه على أهمية توعية المجتمع بالحفاظ على ما تبقى من معالم وآثار لم يطالها الخراب والعبث، مشيراً إلى صور لبعض مقتنيات وأثاث للملكة/إليزابيث، لمحها معروضة للبيع في سوق الحراج، بعد أعمال النهب التي تعرض لها فندق "الكريسنت" عقب الحرب الأخيرة، موجهاً دعوةً للجهات المعنية للاهتمام بتلك المعالم التي بحاجة ماسة للترميم، وللمجتمع المدني بإحياء مثل هكذا فعاليات تُعنى بالتاريخ، وتُذكر به، من جانب آخر اشارت الناشطة/سلوى عبدالغني إلى أن اختيار مكان إقامة المعرض كان ذكياً، قائلةً: "المعرض سمح لي ولكثيرين أن يزوروا الحديقة لأول مرة-مع أنا من سكان المدينة، ولوحظ الحضور الكبير للأطفال الذي زاروا الحديقة من أجل اللعب ووجدوا أنفسهم في أروقة المعرض؛ ليطرحوا العديد من الأسئلة عن تفاصيل تلك الصور؛ بما يضيف لذاكرتهم، ويصنع منهم جيل ملم بالماضي ومدرك للحاضر، فقد تميز المعرض بصورٍ فريدة لم أجدها في العديد من المعارض والكتب التي تتناول تاريخ عدن".
كما أبرزت الصور الدور السياسي الذي لعبته منطقة "التواهي"، بصورٍ لزيارات لكل من الزعيم الهندي المهاتما غاندي وملك إيطاليا فيكتور إيمانويل وإمبراطور أثيوبيا هيلا سياسي، مطلع العقد الثالث من القرن الماضي، أثناء استقبالهم في رصيف أمير ويلز، إلى جانب صورٍ لثورة 14 أكتوبر، وأخرى للحراك الشعبي ضد الاستعمار البريطاني، وأخرى عن حرب 13 يناير، وجُسد الحاضر بصور لآثار الدمار الذي لحق ببعض المنشآت الحيوية أبان الحرب الأخيرة، ونزوح المواطنين من مناطق شهدت مواجهات مسلحة.
ونوه الباحث في تاريخ عدن/نجمي عبدالمجيد إلى أن العديد من الكتب التي تناولت تاريخ عدن لم تذكر منطقة "التواهي"، وأبرزها كتاب "تاريخ ثغر عدن" لـِ "بامخرمة"، وأن أهميتها برزت في فترة الحكم البريطاني بعدن، الذي وجدها استثمار عسكري واقتصادي هام، موضحاً: "ترتبط منطقة البريقة بحرياً مع منطقة التواهي؛ لذلك اختارت بريطانيا انشاء المصافي في الأولى على أن تكون الثانية ميناء للعمليات التجارية واستقبال الوفود، حتى الطبقة الغنية من التجار من يهود عدن أمثال يوسف هاتوكا وملاحم منسي، كانت التواهي بالنسبة لهم مستوطنة تجارية"، وواصل: "في زيارة للأديب اللبناني/أمين الريافي لمنطقة التواهي عام 1922م، وصفها بالحي الأوروبي الراقي في عدن، وأشار إلى أن حركة التجارة العالمية وحركة الاتصالات السلكية واللا سلكية في التواهي تجاوزت نظيراتها آنذاك في أمريكا وأوروبا على مدار الساعة".
يُذكر أن الصور التي عُرضت والمعنية بـِ "التواهي"، من كتاب "عدن والزمن الجميل"، ويتضمن عدة أقسام من صور قديمة مع تعريف موجز لكل منها، بالإضافة لكلمات عدنية من أصول إنجليزية وهندية وفارسية وأمثال وعادات وتقاليد وشخصيات تاريخية واعتبارية وغيرها من جميع مديريات عدن، قام بجمعها وأرشفتها المصور/حمزة ياسين، أراد من خلال المشاركة في المعرض إيصال رسالة مفادها أن "التواهي" لا تزال "نقطة الانطلاق" كما كان يسميها الاستعمار البريطاني آنذاك.