وقالت مصادر محلية في محافظة المهرة لـ "العربي الجديد"، إن وصول قوات سعودية للمدينة مطلع العام الحالي كان مفاجئاً، حيث انتشرت تلك القوات على امتداد الشريط الساحلي للمهرة تمهيداً لمد أنبوب النفط السعودي من منطقة الخرخير المحاذية للحدود اليمنية، إلى ميناء نشطون في المهرة.
وبحسب المصادر فإن السعودية قامت باستحداث أكثر من 20 موقعاً على المديريات الساحلية التابعة لمحافظة المهرة وعملت على منع المواطنين من الاقتراب منها بحجة أنها مواقع عسكرية، لكن رجال القبائل والمواطنين اليمنيين قاموا بالتصادم مع تلك القوات وإيقاف بعض الإنشاءات في تلك المناطق.
ويؤكد الباحث الاقتصادي اليمني، عبد الواحد العوبلي، في أن السعودية تسعى من خلال هذا المخطط إلى ضمان خط إضافي لتصدير النفط، في حال قامت إيران بتضييق الخناق على الخليج، وفي الوقت ذاته يبدو أن السعودية تفكر بمنافسة النفوذ الإماراتي تحسباً لأي خلاف مستقبلي من أجل الحصول على منفذ على بحر العرب.
وقال الباحث والمحلل اليمني، ياسين التميمي، ، أن المحفزات الاقتصادية التي تأتي من المميزات الاستثنائية للمهرة كمحافظة حدودية تضم منافذ برية تجارية نشطة وذات عوائد كبيرة هي التي سرعت في التحركات السعودية وفتحت شهيتها من أجل الهيمنة على المحافظة ومصادرة الصلاحيات السيادية للدولة اليمنية ومعها الأدوار التنفيذية لسلطتها المحلية.
وأضاف التميمي: "السعوديون، لا شك، يسعون إلى تحقيق طموحات جيوسياسية تنتهي بفرض السيطرة على المحافظة، لكنهم ابتداءً حرصوا على التحكم بالمورد الاقتصادي للمدينة وكل ما يمكنه أن يقوي موقف أبناء المحافظة ويعزز قدرتهم على مواجهة أطماع الرياض وشريكتها في التحالف أبوظبي".
وفي الواقع فإن الإنبوب النفطي ليس المشروع الذي يثير مطامع السعودية في الأراضي اليمنية فقط ولكنها تستعد لتنفيذ ميناء نفطي أيضاً وبدأت شركات سعودية بالنزول إلى العديد من المواقع والقيام بعمليات مسح ميداني لجمع البيانات الخاصة بالمشروع.
وأظهرت وثيقة رسمية تداولتها وسائل إعلام يمنية خلال الأيام الماضية رسالة من شركة "هوتا" للأعمال البحرية، إلى السفير السعودي لدى اليمن، تعبر عن شكرها له على ثقته بالشركة، الذي منحها إعداد "عرض فني ومالي لتصميم وتنفيذ ميناء لتصدير النفط في محافظة المهرة اليمنية".
في هذا الصدد، قالت مصادر رسمية في السلطات المحلية للمحافظة ، أن القوات السعودية مثلما عملت على استحداث مواقع عسكرية من أجل مد أنبوبها النفطي في البر ذهبت أيضاً لتحديد مساحات كبيرة من مياه البحر في محافظة المهرة ومنعت الصيادين من الاقتراب منها وأبلغتهم أن تلك مواقع عسكرية محظورة.
ووفقا لمصادر يمنية وتقارير إعلامية، فإن السعودية تنوي استخدام أنابيب نفط عراقية كانت تمر في أراضيها، واستولت عليها سابقاً من أجل الإسراع في بدء ضخ النفط إلى الميناء النفطي الذي ستقوم بإنشائه في المهرة، حيث تتسع تلك الأنابيب لنقل 1.6 مليون برميل نفط يومياً، وسبق أن أبلغت الرياض الأمم المتحدة بذلك قبل سنوات.
وقال الناشط الصحافي في المدينة رائد محمد، وهو أحد المراقبين لعمليات التجهيزات التي تقوم بها السلطات السعودية، أن أغلب التجهيزات لمد الأنبوب لا تزال قيد الإنشاء ولم تبدأ بشكل واضح ويحاول ضباط سعوديون إقناع الأهالي وشراء الولاءات من رجال القبائل الرافضين لوجود القوات السعودية في المدينة وقيامها بأي أنشطة مشبوهة.
ويوضح رائد محمد، بأن هذه المرحلة الأولى التي تتبعها السعودية من خلال محاولة تغيير مسؤولي السلطات المحلية بأشخاص موالين لها وكذلك كسب المواطنين بإقامة بعض المشاريع الخدمية حتى تتمكن من عقد اتفاق نهائي لتنفيذ مشاريعها وإحكام سيطرتها الكاملة على المدينة.
وخلال الفترات الماضية خرج المئات من أبناء المحافظة لرفض وجود القوات السعودية وطالبوا بمغادرتها المدينة، واستبدالها بقوات يمنية تتولى حماية منافذها البرية والبحرية والجوية، السيادية وعدم السماح لأي قوة لا تخضع لها بالتدخل في الشؤون الداخلية للمحافظة وتم صياغة اتفاق رسمي بين أبناء المدينة والتحالف العربي بشأن ذلك.
العربي الجديد