فقبل 6 أسابيع، طوّقت مجموعة من الكلاب الشاب الثلاثيني في زقاق مظلم، ومن ثم بدأت بالنباح عليه، مما دفعه إلى الركض هارباً، ليثيرها بصورة أكبر، وبدأت بملاحقته.
ويقول "أحد الكلاب هاجمني من الأمام ليتسبب ذلك في سقوطي على الأرض ومن ثم عضني آخر في فخذي، ولولا تدخّل بعض سكان الحي لكنت قد أصبحت فريسة لهم".
ويضيف وهو يشير إلى مكان العضة "أصبحت أخاف السير ليلاً في المدينة خصوصاً الأماكن المظلمة، أصبح لدي فوبيا من الكلاب".
وانتشرت قطعان الكلاب السائبة بشكل ملحوظ في صنعاء خصوصاً الأحياء السكنية، وفي جولة ميدانية لمراسل الجزيرة نت شوهد العشرات منها تسير في مجموعات.
وأثارت الكلاب -التي تنشط غالباً ساعات الصباح- حالة من الرهبة بين الأطفال الذين يصحون مبكراً في طريقهم للمدرسة، وتقول داليا عمر ببراءة "إن الذهاب إلى المدرسة أصبح مرعباً، وكل الناس نائمون ولو عضني كلب فمن سيدافع عني؟".
نباح مستمر
نباح الكلاب في الليل أصبح مصدر إزعاج للسكان، إذ إنها لا تكف عن النباح لدى رؤية أي شخص مار بالشارع، وتخوض قتالاً بين مجموعاتها، وذلك يسبقه نباح لا يتوقف.
ويقول إبراهيم محمد إنه لم يعد يهنأ بنومه، إذ إن شقته تطل على مكان لتجمع الكلاب، بينما نباحهم المستمر تسبب في إزعاجه مع أطفاله، ويقول للجزيرة نت "إذا حاولت النوم فإن نباحهم يثير خوف الأطفال، ويمنعهم من النوم".
80 ألف وحش
ولا توجد احصائيات دقيقة بعدد الكلاب التي تتناسل بشكل مستمر، إذ إن محمد يؤكد بأن "الكلاب في كل شارع وحي، وخلال الأسبوعين الماضيين زاد عدد الجراء في حيّنا إلى 13 جرواً بعد أن كانت 5 فقط".
ويقول مهدي أحمد، وهو مسؤول بصندوق النظافة والتحسين، إن عدد الكلاب السائبة تُقدر بنحو 80 ألفاً، بينما أبادت فرق المكافحة الميدانية خلال الأشهر الماضية نحو ألف و246 كلباً مسعوراً.
ويوضح فاضل أن "الأخطر من ذلك أن المئات من الكلاب مسعورة ومتوحشة بسبب الجوع، لذلك تهاجم الأطفال غالباً، ونحن لا نملك الإمكانيات لمواجهة هذه الظاهرة بسبب الحصار المفروض علينا من قِبل العدوان (التحالف السعودي الإماراتي)".
في حي حزيز جنوبي صنعاء، ما يزال السكان يحاولون استيعاب صدمة وفاة مصطفى إسماعيل (6 أعوام) الذي ظل يتلقى العلاج في مستشفى الجمهوري بعد أن هاجمه كلب مسعور.
جروح بليغة
كان مصطفى في طريقه إلى بقالة الحي عند الـ 8 مساء، لكن الكلب هاجمه وتسبب له بجرح بليغ في معدته، وبعد أن ظل لنحو أسبوعين في المستشفى توفي، ليخلّف الحادث حالة من الذعر والخوف، حسبما يقول قريبه عبد القادر للجزيرة نت.
وطالب عبد القادر وسكان الحي السلطات بالمدينة الخاضعة لسيطرة الحوثيين بضرورة إنقاذهم من هذه الجائحة التي تسببت في نشر الأمراض والأوبئة، خصوصاً أن الكلاب تقتات على المخلفات، وتتسبب في انتشار الأوبئة مثل الكوليرا بعد أن تنبش المخلفات بالشوارع.
49 متوفى
ومنذ العام الماضي، تعرض أكثر من 10 آلاف شخص في 11 محافظة لعض الكلاب مما تسبب في وفاة 49 شخصا، وفق ما يقول أحمد الورد مدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب التابع لوزارة الصحة والسكان.
وقال الورد -في مؤتمر صحفي بفعالية لمكافحة داء الكلب نُظمت في وقت سابق- إن المؤشرات تنذر بكارثة إنسانية كبيرة نتيجة لعدم وجود مصل داء الكلب، لافتاً إلى أن الوزارة بحاجة إلى 8 آلاف جرعة لقاح.
وتقول ياسمين داوود -مسؤولة صحية بقسم مكافحة داء الكلب في المستشفى الجمهوري بصنعاء- إن عدد المصابين بعضات كلاب تزايد مؤخراً، حيث يصل قرابة 50 شخصاً إلى القسم يومياً بالعاصمة صنعاء فقط.
وتوضح أن القسم بالمستشفى هو الوحيد الذي يستقبل حالات داء الكلب، مشيرة إلى أنه منذ بداية العام أصيب أكثر من 600 شخص بداء الكلب، توفي منهم 18 في صنعاء فقط.
ويجد بعض المرضى بداء الكلب أنفسهم ضحايا بعد أن يفشلوا في توفير قيمة مصل العلاج الذي يصل سعره بالسوق إلى 7 آلاف ريال (قرابة 10 دولارات) فضلاً عن كون الدواء لا يتوفر بكثرة.
المصدر - الجزيرة نت