وللوهلة الأولى، شعر البعض أن هذا التدخل سينقذهم من تبعات سيطرة الحوثيين على صنعاء ويوقف زحفها جنوبا، واستمر ذلك الانطباع لفترة، ولكن الغالب منهم باتوا يشعرون اليوم أن تلك الأهداف المعلنة تغيرت، بعد أن أصبحت السعودية والإمارات تتسابقان للسيطرة على البلاد.
وخلال العام الرابع من الحرب، أعلنت بعض الدول وقف مشاركتها في تحالف التدخل العسكري، الأمر الذي جعل اليمنيين قلقين من إتاحة الفرصة للسعودية والإمارات في الاستمرار بإعادة تمزيق بلادهم وتنازع المليشيات على النفوذ وتوحيد اليمن، بحروب دامية.
انحراف واضح
ويقول الباحث والكاتب اليمني مصطفى الجبزي إن ثلاثة عوامل تتداخل مع بعضها وتكاد تكون هي الأسباب الجذرية لانحراف التحالف العربي عن أهدافه المعلنة خلال السنوات الماضية منذ بدء تدخله العسكري، أبرزها غياب الإطار القانوني الذي يحدد العلاقة بين التحالف والدولة اليمنية.
ويتمثل العامل الثاني -بحسب الجبزي- في ظهور الحوثيين خصما مشتركا لليمنيين والتحالف، ولكن في الواقع كل طرف بالتحالف لديه خصم خاص به ولذلك تبايَن العمل وبرزت مشاكل ثانوية.
أما العامل الثالث فيرجعه الجبزي إلى التشظي اليمني الكبير وحالة التيه وتراكمات المشاكل اليمنية التي ورثت أزمة إنسانية وانقساما وطنيا سبقا الحرب.
ويلخص الجبزي تصوره للمستقبل الذي ينتظره اليمنيون بعد أربع سنوات من إطلاق عاصفة الحزم، أن الوقت "يمضي وتطول الحرب ومعه يثقل الملف اليمني وتزداد أعباؤه على اليمنيين وعلى دول التحالف".
ويرى أن جماعة الحوثي -على المدى البعيد- قد تمثل الخطر الأكبر على اليمنيين بحيث يتجاوز خطرها انحرافات التحالف، ما لم تؤدِّ هذه الانحرافات بمجملها إلى تقسيم اليمن.
ممارسات عبثية
من جهته، استغرب مدير مكتب وزارة حقوق الإنسان السابق في محافظة المهرة علي عفرار من الدواعي التي جعلت السعودية والإمارات تجلبان قواتهما العسكرية وتحاولان السيطرة على المدينة.
وقال عفرار إن مبررات تدخل التحالف باليمن هو إعادة الشرعية ودحر الانقلاب، ولكن في محافظتي المهرة وسقطرى لم يكن هناك أثر للحوثيين ومع ذلك سيطرت الإمارات والسعودية على هاتين المحافظتين بحجج واهية.
وبدأت الرياض وأبو ظبي بخلق بؤر في تلك المدن لزعزعة الأمن الإقليمي وعملتا على استجلاب جماعات متطرفة، كما عززتا وجودهما بالسيطرة على مناطق وممرات الحركة الاقتصادية والعسكرية، حسب عفرار.
ويشدد على أن التحالف لم يكتفِ بذلك العبث، بل بعث شبكات تجسسية وعناصر استخباراتية وجماعات مشبوهة لتأجيج الصراع في المهرة المحاذية لسلطنة عمان.
وأضاف عفرار أن التحالف قام أيضا بشراء ولاءات للقيادات المجتمعية وإغرائها بمنحها الجنسية، والأخطر أنه عمل على تقويض بقايا أركان الدولة الشرعية وإحلال المليشيا التابعة للإمارات والسعودية مكانها.
وعن أسباب ممارسة السعودية والإمارات كل هذه السلوكيات، قال عفرار إن هناك تعاملا وتنسيقا إماراتيا سعوديا يهدف إلى السيطرة على الممرات المائية باليمن ومحاصرة بعض الدول المجاورة لمخطط مستقبلي، حيث تعمل القوات السعودية الموجودة بالمهرة على استنساخ تجربة الإمارات في عدن.
تمزيق اليمن
وبحثا عن موقف للحكومة اليمنية الشرعية إزاء كل هذه الأحاديث والمخاوف التي أصبحت تلازم اليمنيين اليوم، أفاد مسؤول حكومي رفيع أفاد في تعليق مختصربأن العلاقة مع التحالف فعليا أصبحت مشبوهة وبحاجة إلى تصحيح وتقييم عاجل.
وحسب حديث المسؤول الحكومي -طلب عدم الإفصاح عن اسمه- فإن الإمارات تعمل اليوم على تقسيم اليمن والعبث بمقدراته السيادية وتمنع الحكومة من مزاولة مهامها على الأرض بمباركة السعودية أيضا، وحتى عودة رئيس الدولة نفسه.
ولم يتردد المسؤول الحكومي عن التلويح بخيار الحكومة في الاستغناء عن خدمات الإمارات تحديدا خلال الفترات المقبلة إذا أصرت على احتلال المدن المحررة ودعم الكيانات المتطرفة والمليشيات المسلحة التي تعيق عمل الحكومة.
المصدر: الجزيرة نت