ومنذ بداية الحرب، وكثير من السكان المحتاجين يعتمدون بشكل كبير على "ماء السبيل" لتلبية احتياجهم اليومي من الماء، حيث يوزع في معظم الحارات والازقة عبر شاحنات (وايتات) بشكل يومي، ويتم إفراغها في العبوات البلاستكية للمواطنين المنتظرين لها لإغاثتهم.
ويتكفل تجار وميسورين بالإضافة إلى منظمات انسانية، بتوفير الماء المجاني للسكان، إما عبر توزيعها بشكل فوري من الوايتات إلى المواطنين، أو وضع خزانات في الأحياء وتموينها بالمياه بشكل مستمر، ومن خلالها يحصل السكان على حصص زهيدة تكفيهم خلال 24 ساعة على الأقل.
غيث المحتاجين
وتقف "ام أزهار" لانتظار الشاحنة المحملة بالماء مع ابنتها وبجوارهم العبوات البلاستكية والذي في العادة يصل بموعدة المحدد وبعض الأيام يتأخر كثيرا، وأحيانا لا يأتي وهو ما يصيب النساء والأطفال المنتظرين بخيبة أمل فيعودون إلى منازلهم بعبوات فارغة يبحثون عن مصدر آخر للحصول على الماء.
تقول أم أزهار في حديث لـ"بلقيس" أنها تعتمد منذ بداية الحرب وتوقف مشروع المياه، على ماء السبيل بشكل كبير لتغطية احتياجها اليومي من الماء من اجل الغسيل والطبخ، وتحصل على أربع دباب عبوة 20 لتر (نحو 80 لتر من المياه)، وهي تكفيها أحياناً.
وأضافت "تغيرت حياتنا بشكل كلي كنا نحصل على الماء الى داخل المنازل، ولم نكن نفكر يوماً أن الحصول على الماء سيكون صعب وشاق لهذه الدرجة وبحاجة منا لطابور انتظار وازدحام يومي".
ويتزاحم المواطنين بعبواتهم للحصول على المياه، حيث يتجمعون بعشرات العبوات للحصول على حصتهم اليومية، وتكشف حالة اندفاعهم للحصول على المياه، جزء من المأساة في البلاد وحالة المواطنين المتردية، في معانتهم والمشقات التي يتكبدونها حتى في الحصول على الماء.
ماء مجاني للجميع
"حسان محمد" سائق شاحنة تنقل الماء (وايت)، يوزع الماء بشكل يومي على عدد من الحارات، ويتلقى أجرة من منظمة محلية بتمويل من منظمة أممية، يقول "زحمة الناس تتزايد للحصول على الماء، وهناك أسر تعتمد كلياً على ماء السبيل المجاني لحياتهم اليومية.
وتتواجد نقاط تعبئة لماء السبيل منذ ما قبل الحرب، لكن بشكل نادر في الأحياء الشعبية، حيث يستفيد منها الفقراء والذين لا يستطيعون تحمل تكاليف سعر الماء، لكن منذ اندلاع الحرب توسعت تلك المشاريع لتشمل معظم الأحياء في العاصمة بعد توسع دائرة الفقر والاحتياج لدى معظم المواطنين.
وقال حسان في حديث لـ"بلقيس" بعض الأسر في الحارات لم تكن محتاجة ولم يُعرف عنهم أنهم يحتاجون لمساعدة، لكن الحرب أخرجتهم إلى طوابير المحتاجين حتى للماء، حيث أصبح من الصعوبة عليهم تحمل تكاليف الماء التي أصبحت باهضه الثمن.
ويتكفل تجار ومغتربين بتموين المياه إلى خزانات السبيل او عبر الوايتات في الأحياء، إذا انقطعت من قبل المنظمات نتيجة الإجراءات البيروقراطية التي تمارس في كفالة المشاريع الإنسانية. وكان متبرعون يمنيون يمارسون نفس الدور قبل ان تتبناها المنظمات، وما زالوا يفعلون ذلك في بعض الاحياء التي لم تصلها المنظمات.
كم تكلفة الماء في صنعاء؟
بعد الحرب إِنهار مشروع المياه الحكومي بشكل كلي في صنعاء، مما خلق أزمة خانقة ومع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية ارتفعت أسعار المياه ايضاَ، وخلال العامين الماضيين استطاعت منظمات إنسانية صيانة شبكات المياه في بعض الأحياء، وتوفر في عدد من المنازل لكن بسعر كبير يُدفع لسلطات الأمر الواقع (الحوثيين).
"أسامة مسعد" موظف في قطاع خاص يسكن في حي الرقاص بصنعاء يقول "ان سعر وحدة المياه تصل إلى 1500 ريال (2,7 دولار أمريكي)، وهذا يعني أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب وهذا السعر لا يتحمله كثير من الناس في ظل الوضع الإنساني المتفاقم".
وتصل الفاتورة الشهرية للماء أحيانا 12,000 ريال ما يعادل (22 دولار أمريكي)، على الأسر الصغيرة المكونة من أربعة أفراد، بحسب ما تحدث أسامة لـ"بلقيس". وهذه المبالغ ليست سهلة على غالبية المواطنين الذين يعانون من مأساة الحرب في ظل انقطاع الرواتب وتوسع دائرة الفقر والمجاعة في البلاد مع استمرار الحرب للعام الخامس على التوالي.