خلال السنوات الماضية من سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات عمدوا على فرض الجبايات والاتاوات غير القانونية بمبالغ هائلة على المؤسسات والشركات، لكن منذ مطلع العام الجاري بدأ الحوثيون خطوة جديدة يسعون من خلالها على السطو الكامل على كثير من استثمارات القطاع الخاص، وتأميمها لصالحهم.
وبعد أربع سنوات من الابتزاز وفرض الجبايات على كل المستثمرين في القطاع الخاص، بدأ الحوثيون منذ أشهر بالسعي بشكل ممنهج للسطو الكامل على عدد من الاستثمارات الكبيرة في العاصمة صنعاء، والعمل على التحكم بكل إيراداتها والتدخل بشكل مباشر من قبل أشخاص يفرضونهم بالقوة تابعين لهم بأحكام قضائية.
السطو على الاستثمارات
مطلع الشهر الجاري أغلق الحوثيون شركة "سبأفون" للاتصالات بعد اقتحام مسلحون مقرها، وأيضا تم الاعتداء على مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، وتمت نفس الاقتحامات في فبراير الماضي على مستشفى "سيبلاس" وأيضاً المستشفى الأهلي، والمستشفى المغربي.
تداولت وسائل الإعلام هذه الأخبار، باعتبارها اعتداءات يقوم بها الحوثيين بشكل اعتيادي للإبتزاز والحصول على اتاوات، لكنها مختلفة هذه المرة فقد كان الحوثيون يمارسون سطوتهم الأخيرة على تلك المؤسسات الاستثمارية، من خلال فرض مدراء في الإدارات الرئيسة، أو "حارس قضائي" بأمر من المحاكم التي تتبعهم في صنعاء.
ويتهم الحوثيون تلك المؤسسات والشركات أنها تعمل لصالح ما يسمونه العدوان (التحالف الذي قتوده السعودية والإمارات)، وتم رفع قضايا عليهم من قبل النيابات في المحاكم الحوثية بصنعاء، خلال الأشهر الماضية بعد ان تم رصدهم ضمن القائمة السوداء، وتم اصدار أحكام أولية بالحجر القضائي على تلك الاستثمارات، في مقدمة أولية للسطو عليها بشكل كامل.
وأمرت محكمة حوثية الشهر الجاري بحجز أموال شركة "سبأفون" المنقولة وغير المنقولة، وإيراداتها وأرصدتها لدى المصارف والشركات ووكلائها، وطالبت بتسديد مبلغ «72مليون دولار» و «11مليار ريال يمني» وسبق ان تم حجز أموال تابعة للشركة تقدر بنحو «160مليون دولار».
كيف تتم إجراءات السطو؟
بدأ الحوثيون عمليات السطو ضمن قطاعات مخصصة، ففي يناير الماضي كانت هناك حملة ضد البنوك، ولحقتها المستشفيات، وصولاً إلى شركات الهاتف النقال، وتم مضاعفة الضرائب وتجديد الرخص بنسب عالية، تقدر بعشرة أضعاف ما كانت عليها في السابق، في حين بعض الاستثمارات تم الحجز عليها وفرض "حارس قضائي" فيها للتحكم بكل قرارتها.
وقال مصدر في إحدى المستشفيات الخاصة - طلب عدم ذكر اسمه او إسم المستشفى - أن الحوثيين فرضوا عليهم حارس قضائي يتحكم في كل قرارات المستشفى خاصة تلك التي تخص الإدارة المالية والمشتريات، ولا يمكن أن يتم أي إجراء دون الاطلاع عليه من قبل الحارس.
وأضاف في حديث لـ"بلقيس" إن إدارة المستشفى تحاول التفاوض من الحوثيين حتى وصل الأمر إلى إنهم يأخذون نسبة من أرباح المستشفى بشكل دوري كشريك من المستثمرين المساهمين، لكن الحوثيين يرفضون ذلك ويسعون للسطو عليها بشكل كلي وتعيين مسؤولين تابعين لهم في الإدارات العليا.
وسبق للحوثيين أن فرضوا مدراء عموم في المالية والحسابات في مستشفى سيبلاس والأهلي، كما تم السطو على جمعية الإصلاح وتوقيف العمل فيها، وأيضا فرض السيطرة شبه الكاملة على جامعة العلوم والتكنولوجيا، حيث يتدخل مسؤولون حوثيون بكل قرارتها.
تنكيل بالقطاع الخاص
ويرى الصحفي المتخصص في الاقتصاد فاروق الكمالي "إن ممارسات التنكيل ضد القطاع التجاري الخاص، يهدف من خلالها الحوثيون إلى استغلال سلطة الدولة التي يسيطرون عليها، لتمويل الحرب، ومن الواضح أنهم يعانون مؤخرا من ضائقة مالية بعد خسارة إيرادات ميناء الحديدة".
وأضاف في حديث لـ"بلقيس" أن حرب الحوثيين على القطاع التجاري المنظم بدأت منذ السنة الأولى للانقلاب لكنها توسعت مؤخرا من خلال الحجز التحفظي لشركات الهاتف النقال، ثم المضايقات ضد البنوك التجارية وأخيرا المشافي الخاصة.
وأشار الكمالي "جماعة الحوثي تقوم بفرض ضرائب غاير قانونية ولا تهتم بتوقف النشاط التجاري، ضمن سياسة ممنهجة لضرب القطاع الخاص المنظم لصالح قطاع طفيلي نما بأموال تجارة الحرب وعائدات السوق السوداء".
ويسعى الحوثيون الى جمع نحو 12 مليار دولار من متأخرات الضريبة، وفقا لتصريح رئيس مصلحة الضرائب التابع لهم هاشم الشامي، والتي كانت تهدر بسبب التهرب، وقالوا انها ستلبي احتياجات الدولة وتغطية المتطلبات، في الوقت الذي لا يقدم الحوثيين أي خدمات للمواطنين.
بالتزامن من جباية الضرائب، تسير خطوات الحوثيين في استمرار الابتزاز للقطاع الخاص، وصولاً إلى السطو على عدد من الاستثمارات التي تم رصدها ويتم تنفيذ إجراءات قضائية بحقها، والتي يراد لها ان تنتهي بقرار التأميم لصالح جماعة الحوثي، وبذلك وضعوا يدهم على أموال هائلة ومصادر دخل مستمرة.