الحرب المستعرة في اليمن، منذ مطلع عام 2015، دفعت الآلاف، وخاصة أصاحب الأعمال التجارية ورواد الأعمال، للانتقال إلى إسطنبول.
وتقدم المدينة الواقعة شمالي غربي تركيا تسهيلات كبيرة لليمنيين، لكن تبقى أماكنها السياحية العامرة هي الجاذب الأكبر لهم.
حفاوة وتراث
تحتضن إسطنبول حضورا يمنيا لافتا، وتضم عددا كبيرا من المطاعم اليمنية والعربية عامة.
كما أنها تستقبل اليمنيين بحفاوة، وبالتحديد حين تضمن لهم سهولة الحصول على شقق سكنية، وتكاليف معيشية بسيطة ومميزة.
في إسطنبول توجد معالم سياحية كثيرة، منها معالم ذات صبغة تاريخية.
وهو ما أسهم في تفضيل اليمنيين للمدينة على ما سواها من المدن السياحية التركية، مثل أنطاليا وبورصة ومرمريس،ـوغيرها.
وقال محمد القاسم، إن "إسطنبول هي المدينة الأبرز، كونها تجمع بين البحر والجبل والغابات والبنية التحتية الضخمة، إضافة إلى تراثها الموغل في التاريخ".
ويمثل جسر "شهداء 15 تموز (يوليو)" وجهة سياحية مفضلة لليمنيين، وهو يقع في منطقة يقصدها سنويا ملايين السائحين.
هذه المنطقة تطل مباشرة على الجانب الآسيوي من الجسر، وتظهر منه منطقة أوسكدار، وتل العرائس، ومسجد شاملجا، ومسجد السلطان أحمد، ومتحف آيا صوفيا، وغيرها من معالم إسطنبول.
وجسر "شهداء 15 تموز" كان يسمى "جسر البوسفور" قبل المحاولة الانقلابية الفاشلة، في 15 يوليو 2016، حيث تم تغيير اسمه إلى الاسم الجديد، تمجيدا لشهداء تلك الليلة.
جنة الطبيعية
أرياف الأناضول الساحرة هي الأخرى مقصد سياحي مفضل لليمنيين.
وتشبه تلك الأرياف إلى حد ما الطبيعة الآسرة في أرياف اليمن، لكن "أرياف تركيا تظل أجمل بكثير، خاصة ببحيراتها وغاباتها الكثيفة"، وفق القاسم.
ويشد اليمنيون رحالهم إلى "غابات بلغراد"، وهي توصف بأنها جنة الطبيعة في الأناضول.
وتحوي هذه الغابات عددا كبيرا من الأشجار والنباتات المتنوعة، التي تحيط ببحيرات مدهشة على امتداد مساحتها، البالغة أكثر من 5300 هكتار (الهكتار الواحد يعادل ألف متر مربع).
اليمنيون يقصدون أيضا قرية "معشوقية"، لما تضمه من بحيرات بديعة وأشجار وارفة وطيور متنوعة وشلالات مائية متدفقة، فضلا عن حديقة حيوانات كبيرة.
جالية كبيرة
خلال موسم الصيف الحالي اتجه يمنيون جنوبا، حيث مدينة أنطاليا، الوجهة السياحية الأولى في تركيا.
لكن حضورهم يبقى قليلا مقارنة بالسائحين الخليجيين والروس وجنسيات أخرى، لكن حسبما قال القاسم فإن "حضور اليمنيين في أنطاليا أضحى لافتا".
لا يقتصر تقاطر اليمنيين إلى أنطاليا على المقيمين في إسطنبول فقط، بل تعدى ذلك لعشرات يفدون إليها من دول أخرى، مثل السعودية، حيث توجد أكبر جالية يمنية، والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، حيث توفر لهم المدن التركية بيئة يمنية شبيهة إلى حد ما.
وقال نبيل محمد علي، وهو رجل أعمال يمني مقيم في السعودية، إنه فضّل قضاء إجازته الصيفية مع أسرته في تركيا، بدلا من العودة إلى اليمن المنهك بالحرب والأوبئة والجوع، فإسطنبول هي المكان الأجمل والأنسب له ولأسرته.
وتابع علي أن "كل المقومات السياحية موجودة في تركيا، وهناك جالية يمنية كبيرة سأشعر معها بأنني وسط بلدي، فضلا عن توفر المطاعم والمقاصد السياحية التي تقدم طعاما يمنيا في إسطنبول".
ويضع علي معالم سياحية عديدة في جدوله الصيفي، وقال: "سنزور طرابزون، حيث توجد قرية ازونجول، وهي من أبرز المناطق السياحية العالمية، كما سنزور مرمريس وفتحية".
ويبدو أن يمنيين، ولاسيما من المقيمين في السعودية، لا يفكرون فقط في قضاء الصيف بتركيا، بل يعتزمون الإقامة فيها وافتتاح مشاريع تجارية.
ورغم تفكيره في امتلاك مشروع في تركيا، إلا أن علي واصل القول: "الآن لا أفكر في العمل، بل سآخذ قسطا من الراحة والتنزه والمعرفة في تركيا الآسرة".
ولفت إلى أن المئات من اليمنيين يقضون إجازاتهم الصيفية في مدن تركية.
وأردف أن المسلسلات التلفزيونية التركية شكلت عامل جذب للسياح العرب، واليمنيين خاصة، إضافة إلى احتفاء إسطنبول بالتراث العثماني والإسلامي.