ازمة تلحقها ازمة وحرب تخلق اخرى , وعمل سياسي معطلة كل ادواته, هكذا عاش اليمن تحولاته بعد ايلول الاسود وهكذا طمست كل أحلام الانتقال الى واقع سياسي واجتماعي جديد في اليمن.
لم تنتهي ما لألات المشهد الكارثي للانقلاب على الاوضاع الإنسانية, بل قُوضت المعادلة الديمقراطية التي قاتل اليمنيون منذ الستينيات لا جلها , فصادر الحوثيون حق اليمنيين في خياراتهم السياسية، وباعدوا بينهم وبين حلم الدولة, وحضرت ثقافة السلاح كبديل لكل شيء.
منذ اللحظات الاولى لإسقاط صنعاء طفا على السطح مشهد انقسام القوى السياسية بعد تاريخ حافل بالخلافات, وساد اعتقاد لدى بعضها بأن الجماعة المسلحة لن تمضي إلى أبعد من خطوة المطالبة بالغاء الجرعة السعرية ولم ينظر الكثيرون الى فداحة التبرير لمليشيا بفرض خياراتها العنيفة على المجتمع والدولة , فتحول الانقسام مـن مستوه السياسي الى مصدر اساسي للصراع والاقتتال.
جرف إنقلاب الحوثي وحليفه صالح كل اشكال التحول الديمقراطي والسياسي بتنصلهما من المرجعيات والاتفاقات التي كانا شركا فيها بمؤتمر الحوار الوطني، واداء ذلك إلى حشر القوى السياسية في مأزق جديد اما القبول بسلطة الانقلاب تحت ضغط السلاح أو رفض هذه السلطة والدخول في حرب لم تستثني احد.
تغيرت كل اشكال التموضع السياسي منذ ذلك التاريخ ووجدت قيادات احزاب المشترك نفسها امام خيارات صعبة, وأصبحت موضع للاستقطاب من الجميع, وتحولت لا شبه بالرهائن وتم اجبارها على اتخاذ مواقف تتناقض طبيعة نشأتها لتتحول بعد ذلك من حامل لمشروع وطني الى حامل لمشاريع عديدة منها اقليمية، خاصة بعد التدخل العسكري للتحالف في اليمن ودخوله ايضا على خط الاستقطاب السياسي للأحزاب.
حزب المؤتمر الشعبي العام دخل في قاعدة الاستقطاب والانقسام الداخلي والإقليمي كغيره من احزاب المشترك وذلك بعد أيام من تخلص مليشيا الحوثي من حليفها الذي مكنها من إسقاط البلاد وتجيير كل أجهزة الدولة لصالحها.
مسارات كارثية عاشها اليمنيون بجميع مكوناتهم السياسية والاجتماعية بعد سقوط الدولة بيد الانقلاب وتدويل الازمة اليمنية ,وفوضى شاملة خلقتها ارهاصات المشهد الدامي بعد استيلاء مليشيا عقائدية على البلاد وادخلها في نفق مظلم لا خيارات واضحة للخروج منه.