الحرب بطبيعتها ضاعفت الأزمة الصحية في اليمن بانتشار أمراض وأوبئة، منها الكوليرا والدفتيريا والسرطان، اضافة إلى انعدام شبه تام للعديد من الأدوية والعقاقير الطبية في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم كما صنفتها الأمم المتحدة.
موت بلا رحمة
في نداءات متكررة أطلقتها المنظمات الدولية في اليمن كشفت فيها عن أرقام هائلة لانتشار مرض الفشل الكلوي وارتفاع نسبة الوفيات.
احصائيات الصليب الأحمر الدولي، أشارت إلى أن نصف المراكز الصحية التي تقدم خدمات الغسيل الكلوي مغلقة ويفترض أن تقدم خدماتها للكثير من اليمنيين، وأن واحد من كل 4 مرضى يموتون بسبب نقص الرعاية الصحية في اليمن.
احصائيات الصليب الأحمر الدولي، أشارت إلى أن نصف المراكز الصحية التي تقدم خدمات الغسيل الكلوي مغلقة ويفترض أن تقدم خدماتها للكثير من اليمنيين، وأن واحد من كل 4 مرضى يموتون بسبب نقص الرعاية الصحية في اليمن.
وفي سبتمبر الماضي أفادت منظمة الصحة العالمية، بوجود قرابة ستة آلاف مريض بالفشل الكلوي في اليمن معرضون للموت في أي لحظة؛ بسبب نقص إمدادات غسيل الكلى، التي لا تكفي لتوفير 700 ألف جلسة غسيل مطلوبة سنويًا.
ومع كل المصاعب التي يعاني منها أمراض الفشل الكلوي في اليمن، إلا ان سمة التبرع بالكلى -والتي تعتبر العلاج الوحيد لهذا المرض- بين الكثير من الأسر التي أصيبت بالمرض تعتبر نوعًا من التضحية في سبيل انقاذ حياة المصابين الذين أنهكهم المرض وضاعف معاناتهم نتيجة لتراكم السموم في أجسادهم.
التبرع وحجم التضحية
"كيف باستطاعتي أن أصف هذا العضو في جسدي والذي يمنحني الحياة اليوم، إنها الكلى التي منحتني إياها أختي، كيف لي أن أصف روحها السامية في تبرعها لي بعضو من جسدها ؟ لا استطيع أن أصفها وهي من منحتني كليتها رغم أنها لا تعرف شيء في مجال الطب ولم تسأل عن أي أعراض مستقبلية قد تصاب بها، أشعر بقطعة في داخلي لجزء من حياتي فصرت مديناً لها بحياتي.
هكذا حدّثنا "أحمد " من محافظة حجة عن عضو في جسده منحته له اخته، ومن دون هذا العضو ما كان له أن يكون بصحته التي يشعر بها أو لم يكن على قيد الحياة، بعد أن خضع لعملية جراحية لزراعة الكلى في عام 2012م.
و يقول لـ"موقع بلقيس" :" بقيت لأكثر من عشر سنوات وأنا أعاني الكثير من الأوجاع، بداية من الحصى في عام 2000، وحتى الالتهابات التي اصبت بها في عام 2005 و بسببها استمريت في معاناة تناول الأدوية لمدة خمس سنوات حتى العام 2010م، وفي نفس العام أصبت بحالة الفشل الكلوي وخضعت بعدها لعملية الغسيل لمدة سنيتن تقريبًا.
ويضيف: لقد عانيت الكثير بسبب هذه المدة، لقد كانت أصعب أيام حياتي، لا انعم فيها لا براحة ولا بالاستقرار، وحتى العام 2012م، حين تبرعت لي أختي تغيرت حياتي وصرت فردًا طبيعياً".
أميرة (24سنة) والتي تمكّنت من الحصول على كلية من أمها بعد إجراء التحاليل وتطابق فصيلة الدم وتلائم الأنسجة لتتخلّص نهائيًا من عملية تصفية الدم التي كانت تقوم بها باستمرار.
تقول أميرة لـ"بلقيس" إنها تعيش حياة جديدة تحمل معها وديعة تستمر من خلالها حياتها، وكم هو جميل أن تحتضن في داخلك دفء أمك عبر عضو مزروع في أحشائك ليهبك الحياة بعد أن كنت تعيش وجع تصفية الدم لأكثر من 3 سنوات نتيجة الفشل الكلوي.
إنها معاناة لن يستطيع وصف ألمها أو وقع وجعها سوى من به ذاك الوجع لكنني محظوظة أن وهبني الله أمي التي حملتني تسعة أشهر ومنحتني بعدها عضو منها جعلتني أحيا مرة أخرى حياة طبيعية دون الحاجة إلى تصفية الدم أو آلامه".
من ناحية أخرى تحدث "محمد" والذي تبرع بكلية منه لزوجة أخية، حيث يقول لـ "بلقيس": فكرت في إجراء فحوصات التبرع، وبالفعل أخبرني الأطباء بأنها مناسبة ويمكن نجاح ذلك، إلا أن أخي طلب مني أكثر من مرة أن أتراجع عن ذلك، وأخبرني أنني لست مجبراً على ذلك، ولكنني قررت لأنني شعرت أن هناك أمرأه يحبها أخي، وفي نفس الوقت هي أم لأحد أطفاله الذي ينادي عليه يومياً بابا محمد، ولهذا لن أجعل بيتنا يفقدها وأنا قادر على انقاذها".
وبالفعل أجرى الأطباء عملية الاستئصال والزرع للمريضة والمتبرع، ونجح في انقاذ حياتها، ويضيف: أنا كذلك أعيش حياة طبيعية وأشعر معها أنني شخص ساهمت في استمرار حياة شخص آخر بعد الله.
عطاء لا يقدر بثمن
الدكتور جابر ممرض يعمل في قسم الغسيل الكلى يقول إنه لا قلق من التبرع بالكلى من الراغب لأحد الأقارب أو الأشخاص المقربين، فالمتبرع يخضع لفحوصات دقيقة ومكثفة للتأكد من خلوه من أي أمراض في الكلى أو الأمراض المسببة لفشل الكلى التي تؤثر في عملية نقل الكلى كالسكري واختلال ضغط الدم والسمنة الزائدة.
ويضيف أن التبرع سمة إنسانية راقية، والمتبرعون بالكلى هم سفراء الإنسانية وعطاءهم لا يقدر بثمن، وسيعيشون حياتهم الطبيعية ولا يمكن أن يكون هناك أي قلق على حياتهم.