تطور خطير يكشف المعاناة التي وصل إليها اليمنيون نتيجة الحرب التي تعصف ببلادهم منذ أربعة أعوام، واتضح أن هذا الصحفي ليس الوحيد، بل يوجد عشرات اليمنيين الذين تقطعت بهم سبل العيش في القاهرة، ويحاصرهم المرض والفقر والعوز، ويخططون لبيع أعضائهم.
هناك أكثر من 200مواطن يمني قاموا ببيع أعضائهم في القاهرة خلال الفترة الماضية، بحسب ما أكده ملحق شؤون المغتربين إبراهيم الجمهي، الذي أكد أيضا أن جميع تلك العمليات حدثت بطريقة سرية وغير قانونية، وأن سببها الأساسي هو الحاجة وضيق ذات اليد.
شبكة سماسرة
مصدر مسؤول في وزارة الصحة اليمنية -طلب عدم إظهار هويته- كشف عن وجود شبكة كبيرة من السماسرة (يمنيون وعرب) يقومون باستغلال حاجة اليمنيين المادية، ويعرضون عليهم شراء أعضائهم بمبالغ تتراوح بين 5 إلى 10 آلاف دولار للكلية الواحدة.
تبدأ القصة من قيام سماسرة يمنيين بالتواصل مع مواطنين في اليمن من أجل استقدامهم إلى القاهرة، وبعضهم من الشباب، بهدف الحصول على فرص عمل ذات مقابل مادي كبير، ويتم استدراجهم بعدها إلى مستشفيات مصرية لفحص أعضائهم وتعرض عليهم عملية البيع، وتتم محاولة إقناعهم بمبالغ مالية كبيرة تصل إلى أكثر من 25 ألف دولار في البداية، ولكن مع الاشتراط بالتظاهر بأن التبرع طوعي ولأجل الخير.
وبمجرد موافقة البائع، يقوم السماسرة بتوثيق ذلك من أجل ابتزازه لاحقاً ويساعدونه بطريقتهم في استخراج أوراق رسمية تثبت بأنه متبرع وفاعل خير في الظاهر، وفي النهاية يجد الضحية نفسه متورطاً، ويوافق على ما يعطيه السمسار من المال، وأحياناً لا يحصل على شيء.
وهناك من يدفع قيمة الكلية الواحدة أكثر من مئة ألف دولار، ويتقاسمها المستشفى وبقية أفراد الشبكة والسماسرة، بحسب ما أكدته مصادر طبية يمنية في القاهرة.
ويكون المشترون في الغالب مواطنين خليجيين يأتون إلى القاهرة من أجل العلاج وبتنسيق وتواصل مع شبكات بيع الأعضاء الذين تم الإيقاع ببعضهم قبل أشهر، وفقا لرواية المصادر ذاتها.
ويؤكد أطباء ومختصون يمنيون أن هناك عددا من الحالات التي ترددت على مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة بصنعاء خلال فترات الحرب، وأغلبها تعاني من الفقر والحاجة، وحاولت المبادرة بعرض وبيع أعضائها للمرضى.
وقال أطباء يمنيون إن عملية البيع لا تحدث بطريقة مباشرة في اليمن، ولكن يتم الأمر بموافقة بين طرفين لإجراء الصفقة وبشكل سري، حيث يقوم الشخص البائع بالموافقة على نقل كليته إلى آخر مريض كأنه متبرع، ولكن في السر يتم تحديد المبلغ بحسب قدرة المريض على الدفع، والذي يبدأ من ألفي دولار ويصل إلى خمسة آلاف دولار أميركي.
أسباب عدة
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء الدكتور عبد الباقي شمسان أن من بين العوامل التي تسهم في انتشار هذه الظاهرة غياب شبكات التغطية الاجتماعية التي يفترض أن تسهم في تلمس احتياجات الناس خلال فترات الحرب، وغياب الدولة والرقابة القانونية، وكذلك ضعف الأخلاق القيمية لدى المجتمع والأطباء، وعدم وجود منظمات مسؤولة تخفف حالة العوز.
ورغم أن وزارة الصحة اليمنية تحدد اشتراطات قانونية لكل من يريد أن يقوم بزراعة الكلى ونقلها من شخص إلى آخر، فإن الحرب وغياب رقابة السلطات الصحية والأمنية أسهما في ازدهار هذه المشكلة بشكل كبير.
ويرى الملحق الثقافي في السفارة اليمنية لدى القاهرة بليغ المخلافي أن عملية نقل الأعضاء ليست بالسهولة التي قد يتوقعها البعض، وتحتاج لموافقات خاصة، ودرجة قرابة معينة من أجل الموافقة عليها في المستشفيات المصرية.
حيث يشترط أن يكون المتبرع بالأعضاء قريبا من الدرجة الأولى، ويقدم وثيقة من محكمة يمنية ومن وزارة العدل والخارجية تؤكد ذلك، وبعدها تبدأ السفارة اليمنية في القاهرة التأكد من صحة تلك الوثائق، وترسل موافقة للمستشفيات المصرية التي يجب أن تستخدم فيها أعضاء المتبرع، وفقاً للمخلافي.
المصدر: نقلا عن الجزيرة نت