ورغم توقف المعارك، التي دارت في عدن، إلا أن فتيل الأزمة بين الحكومة الشرعية، ودولة الإمارات، ثاني أكبر دول التحالف، لم يُنزع بعد. ودون إعلان رسمي يتهم مسؤولون يمنيون الإمارات بدعم الانفصاليين، والسعي إلى تنفيذ أجندات بعيدة عن أهداف التحالف.
مواجهة غير مباشرة:
منذ اشتباكات عدن عقدت الحكومة الشرعية، التي لا تزال مرابطة في المدينة، يوم الأربعاء، أول اجتماع، وطالبت السعودية بالتحقيق في أحداث العاصمة المؤقتة. وتحاول الحكومة الشرعية رفع معنويات أفراد الجيش، بعد الانكسار الأخير في عدن، بسيطرة الانفصاليين على قواعدهم العسكرية.
ووجَّه وزير الداخلية، أحمد الميسري، الأحد الماضي، بصرف قرابة 5 آلاف دولار لعائلة كل "شهيد" من الجيش، دون التطرق إلى عددهم في معارك عدن.
واستدعت دول التحالف العربي رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزُّبيدي، إلى الرياض، وذكرت وسائل إعلامية أن الزيارة ستشمل أبوظبي.
وانعكست الأزمة بين الحكومة الشرعية والتحالف العربي على الخطاب الرسمي للطرفين. وفي حين يواصل التحالف تشديده على دعم استقرار اليمن دون التطرق إلى "الشرعية" و"وحدة اليمن"، تجاهلت حكومة هادي الإشارة إلى دور الإمارات في المعارك ضد مليشا الحوثي بعد أن كان اسمها ملازماً للسعودية في كافة الأخبار الرسمية.
واتضحت ملامح الأزمة بين الحكومة والإمارات في المعارك الدائرة بالساحل الغربي لليمن، حيث هاتف هادي قادة مقاومة تهامة وجبهة الساحل الغربي، للاطلاع على سير المعارك التي توّجت بالسيطرة على مديرية "حيس"، التابعة لمحافظة الحُديدة. وأشاد هادي بجهود السعودية، دون التطرق إلى الدور الإماراتي، الذي يمسك بالملف العسكري في السواحل الغربية اليمنية.
وأثارت لهجة هادي غضب مسؤولين إماراتيين، فكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، على "تويتر"، يوم الثلاثاء، أن قوات بلاده "تشارك في انتصار حيس". وتابع قرقاش: "جيشنا يسطّر أروع صفحات البذل والتضحية، وشبابنا فخرنا بعيداً عن اللغو والخطابة".
سقطرى.. المعركة الصامتة:
وخلافاً لعدن والساحل الغربي، باتت محافظة أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي ساحة لمعركة صامتة بين الحكومة الشرعية والإمارات، المتهمة بالسعي إلى بسط سيطرتها على الجزيرة الاستراتيجية، وسط غياب لأي دور حكومي. ودشنت الإمارات مشروعاً لتوسعة ميناء سقطرى، حيث تكفلت مؤسسة خليفة بن زايد بتوسعة الميناء، ومد لسان بحري لكسر الأمواج بطول 110 أمتار، وتعميق القناة الملاحية، إضافة إلى توسعة مدرج مطار الجزيرة، وتشييد مرافق صحية، دون موافقة الحكومة.
وبعد صمت حكومي منذ أكثر من عامين على التحركات الإماراتية في الجزيرة، أخرجت أحداث عدن الحكومة عن صمتها. فقد وجَّه هادي بـ"وقف التصرف بأراضي وعقارات الدولة في سقطرى بمحمياتها المختلفة، وإيقاف أي تصرفات فيها تحت أي مسمى كان"، في إشارة إلى الدور الإماراتي.
كما وجّه بـ"إيقاف كافة التصرفات المخالفة في مختلف المحافظات المحررة، ومنها التصرفات بأراضي المنطقة الحرة في محافظة عدن"، التي تُتهم الإمارات بالسعي إلى السيطرة عليها، وعدم إنعاشها بالشكل المطلوب حتى لا تتأثر موانئ دبي سلباً.
خلافات تهدد التحالف:
ووصف أستاذ علم الإدارة الدولية في جامعة الحُديدة اليمنية، نبيل الشرجبي، الخلافات بين الحكومة والتحالف بأنها "حقيقية".
وحذر الشرجبي، في حديث للأناضول، من أنه "إذا لم تتم معالجتها بشكل جذري، فقد تتحول إلى تهديد قوي لكيان التحالف ولجهود إنهاء الانقلاب الحوثي".
وأرجع جذور الأزمة إلى "درجة التدخل الإماراتي في كثير من الأمور غير المرتبطة مباشرة بمعركة التحالف ضد مليشيا الحوثي.
ومضى قائلاً إن "الإمارات منحت مسألة تحقيق أو تعظيم منافعها الخاصة، ورؤيتها المستقبلية للأوضاع حيزاً أكبر وأهم من مهمة التحالف الأساسية".
وبشأن السعودية، رأى الباحث اليمني أنها "واقعة بين مطرقة الإمارات وسندان الشرعية، وليس من مصلحتها الانحياز الكلي والعلني لأي من الطرفين، لكن مع ذلك ما زال لديها الكثير للقيام به، وهو ما يعني الانحياز حتى على خجل إلى الشرعية، وعدم الحياد، فذلك سيكلفها الكثير".
وأوضح الشرجبي أن "صراعات الإمارات مع الحكومة الشرعية تتشعب في ملفات كثيرة، منها مستقبل حزب المؤتمر، ومحاولة إعادة إحياء دور سياسي وعسكري بقيادة أحمد علي عبدالله صالح وطارق محمد عبدالله صالح".
وشدَّد على أن "التحركات الإماراتية تدخل في خانة تهديد السيادة والاستقلال اليمني". وختم بأن "الملف الأخطر، الذي أثار حساسية الحكومة الشرعية تجاه الإمارات، هو دعم الانفصاليين، وإنشاء قواعد عسكرية في بعض الجزر اليمنية دون موافقة الحكومة الشرعية".
المصدر: الأاناضول