تقود مليشيات الحوثي حملة تبرعات تلو الأخرى لدعم المجهود الحربي، لكنه هذه المرة لمعركة خارج الحدود، الجبهة هذه المرة هي حزب الله اللبناني.
ما هو أسوأ من ذلك؟ أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فهذه الأموال تعد الحصيلة النهائية للمرحلة الثالثة بحسب وثيقة صادرة عن اذاعة سام الحوثية التي ادارت الحملة، مؤكدة أن هذه التبرعات لحزب الله تأتي في اطار وصفها بمبادلة "الوفاء بالوفاء".
حزب الله المدان دولياً بتهمة الارهاب والذي تحول إلى قاعدة لتدريب مليشيا الحوثي، ومنصة تدير استراتيجيتهم الاعلامية، يرى مراقبون أن دعمه من قبل مليشيات الحوثي، هي رسالة بأن المشروع واحد من طهران إلى صنعاء وأن الرابط الطائفي هو الرابط الأقوى من مشتركات الأرض والوجود، وأن جبهة المليشيات واحدة، تتخندق تحت توجه واحد، وإن تعددت الأقطاب.
ترابط بين محور إيران
أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبدالباقي شمسان اعتبر التبرعات التي جمعها الحوثيون لحزب الله اللبناني لها رسالة نفسية واستراتيجية، تتمثل في ايجاد ترابط بين العواصم التي سيطرت عليها إيران منها بيروت ودمشق وصنعاء وبغداد.
وأوضح شمسان خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" مساء أمس الاثنين أنه لم يكن هناك علاقة للمواطن اليمني بلبنان وخاصة الجانب الشيعي، ولم يكن له علاقة بسوريا سوى ببعدها القومي، وبالتالي بدأ الآن هذا الربط، بمعنى أن هنالك مصير مشترك لهذه العواصم.
وأضاف شمسان أن التبرعات أو الأموال التي جمعت لحزب الله ما هي إلا عملية رمزية؛ لأن الجميع يعرف أن حزب الله هو الذي يدير الشأن اليمني في الداخل وهو الموكول له في التخطيط الإعلامي والاستراتيجي والدعم العسكري واللوجستي بحكم وجوده في المنطقة العربية.
وحول رسالة ودلالة هذه الحملة، قال شمسان إن الحوثيين أرادوا بهذه الحملة أن يشعر أتباعهم أن الجماعة تمتد خارج الجغرافيا اليمنية وأنها تساهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وقادرة على قصف المدن السعودية وأنها ليست فقيرة وقادرة على أن تدعم الآخرين.
استهتار بالداخل اليمني
ومن جهته؛ قال الصحفي المهتم بالشؤون المجتمعية همدان العلي إن الظروف الصعبة التي يعاني منها السكان في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي هي ظروف مصنوعة من قبل هذه المليشيا، واليمنيين يعرفون ذلك.
وأردف إلى أن المليشيا قادرة على صرف رواتب جميع موظفي الدولة بعموم الجمهورية، لكنهم لا يريدون أن يفعلوا ذلك، ويحرصون كل الحرص على تجويع اليمنيين لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية وطائفية.
وتتمثل الأهداف السياسية لجماعة الحوثي- بحسب العلي - بأنها تحرص على تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، مما يدفع بالمجتمع الدولي إلى التدخل لوقف الحرب وتحرير المدن، وأما الهدف العسكري فيتمثل- بنظر العلي - بدفع الناس إلى الجبهات وفتح باب التجنيد كوسيلة واحدة للحصول على راتب شهري أو مساعدات غذائية، ليأتي أخيراً الهدف الطائفي والمتمثل في إجبار الناس والأسر على الحضور في الندوات والدورات الثقافية والزج بأطفالهم إلى المراكز الصيفية من أجل الحصول على بعض الخدمات التي تصرف عبر عقال الحارات.
وأضاف العلي أن حملة التبرع لحزب الله لها أهداف ودلالات سياسية لكي يوصلوا رسالة للعالم بأنهم لا يتلقون دعما ماليا من إيران، معتبرا تلك الخطوة استهتارا للداخل اليمني، واستهتار للمجتمع الاقليمي والدولي.
رسالة لحزب الله وإيران
بدوره؛ رأى الباحث السياسي المهتم بالشأن الإيراني والخليجي عدنان هاشم أن "حملة التبرع رسالة حوثية لحزب الله مع استمرار العقوبات الاقتصادية على إيران، وجاءت بعد دعوة حسن نصر الله لحملة تبرع من أجل بقاء الحركة".
وأراد الحوثيين من خلال الحملة-بحسب هاشم- إبلاغ حزب الله بأنهم موجودين ومستعدين لدعم الحركة في حال استمر مساعدتهم من أجل البقاء في السلطة في اليمن من خلال التدريب وتصنيع الأسلحة والطائرات بدون طيار.
وأرجح هاشم أن الرسالة أكبر من ذلك وهي موجهة لإيران بأن محور المقاومة الذي تملكه طهران متماسك، وأن أداتها في اليمن قادرة على جمع الأموال وقادرة على القتال في نفس الوقت رغم الحصار الذي يفرضه التحالف على الجماعة والعمليات العسكرية ضدها.