ويرجّح أن تكون هذه الجولة آخر محاولة لولد الشيخ لإيجاد مخرج سلمي للصراع المحتدم في اليمن، حيث باءت كلّ محاولاته السابقة بالفشل بفعل تمترس الفرقاء اليمنيين وراء مطالبهم، وما يصفه البعض بتساهل المجتمع الدولي والأمم المتحدة إزاء الطرف المنقلب على السلطات الشرعية، والذي سبق أن أدين بقرار أممي صريح هو القرار 2216 الذي تلاشى عمليا بفعل عدم الإصرار على تطبيق ما جاء فيه.
أسئلة مفتوحة:
لقد رافقت بداية جولة ولد الشيخ في المنطقة أسئلة بشأن الأوراق الجديدة التي يمتلكها لحماية جهوده من ذات المصير الذي كانت قد واجهته في السابق.
وركّزت بعض الدوائر المتابعة للشأن اليمني على الوضع الميداني المتراجع للمتمرّدين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح والمدعومين من إيران، حيث تمكّنت قوات الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي خلال الفترة الأخيرة من انتزاع عدّة مناطق من أيديهم في شرق البلاد وعلى ساحلها الغربي، وأيضا في الشمال على الحدود مع الممكلة العربية السعودية.
وتوقّعت تلك الدوائر أن يساهم تراجع الحوثيين على الأرض في تليين موقفهم من محادثات السلام، وهو ما لا يبدو بوارد التحقّق بشكل عملي.
ونفت مصادر دبلوماسية وجود أي اتفاقات مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد على استئناف مشاورات السلام مع الحوثيين وحزب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في العاصمة العمانية مسقط.
وقال المصدر لوكالة الأناضول إنّ التصريحات التي أطلقها ولد الشيخ السبت، وقال فيها إن هناك “بوادر لاستضافة سلطنة عُمان لقاءات بين الأطراف اليمنية”، لا أساس لها.
وأكد المصدر “عدم وجود أي تفاهمات بين الجانب الحكومي والمبعوث الأممي في ما يخص لقاءات مسقط، وأن ولد الشيخ سيكون في العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء القادم، من أجل لقاء الحكومة الشرعية”.
وشدد المصدر على أن هناك “خطة أممية رحبت بها الحكومة في ما يخص مسألة ميناء الحديدة ومعالجة أزمة الرواتب، ويفترض أن يعمل المبعوث الأممي على إقناع الطرف الآخر بها في المقام الأول، قبل الدخول في أي جولة مشاورات”.
رفض الحوثيون:
ويبدو أن الطرف الآخر لم يعط أي موافقة للمبعوث الأممي، بحسب مصادر مطّلعة أكّدت “رفض وفد الحوثي وصالح استقبال ولد الشيخ في العاصمة صنعاء، والتي كانت إحدى محطات جولته الجديدة، رغم مكوثه في سلطنة عمان لعدة أيام وتعويله على وساطة وزير خارجيتها، يوسف بن علوي، من أجل إقناعهم بذلك”.
وفي وقت سابق، قال المبعوث الأممي، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العمانية الرسمية إنه “وبسبب موقف السلطنة الإيجابي والحيادي في ما يخص القضية اليمنية فإن هناك بوادر لاستضافة السلطنة لقاءات لأطراف الأزمة اليمنية”، مستشهدا بنجاحها في استضافة “أول لقاء إيجابي بين الأطراف في أغسطس 2015 بعد فشل مؤتمر جنيف”.
وذكر ولد الشيخ أن زيارته لمسقط “جاءت بالتنسيق مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش للقيام بجولة جديدة في المنطقة لإيجاد مدخل لحل القضية اليمنية”، التي وصفها بأنها “تفاقمت ووصلت إلى وضع لا يحتمل وخصوصا مع انتشار وباء الكوليرا”.
ومن المقرر أن يقوم ولد الشيخ بزيارة إلى العاصمة الأردنية عمّان للقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من أجل بحث جهود السلام.
وتتزامن زيارة ولد الشيخ إلى الأردن مع زيارة مماثلة يجريها وزير الخارجية اليمني ورئيس الوفد التفاوضي الحكومي، عبدالملك المخلافي، والذي وصل إلى عمّان السبت من أجل بحث السلام في بلاده، حسب بيان للخارجية اليمنية.
ويسعى ولد الشيخ، خلال جولته الجديدة، إلى فرض خارطة الحل الخاصة بميناء الحديدة الاستراتيجي، غربي البلاد، والتي تنص على انسحاب الحوثيين منه، وتسليمه لطرف ثالث محايد، مقابل وقف التحالف العربي لأي عملية عسكرية في الساحل الغربي، وكذلك الاتفاق على مسألة التصرّف بالإيرادات المالية وحل أزمة مرتبات الموظفين المتوقفة منذ 10 أشهر.