ومضى المخلافي يشكو معاناته اليومية مع شراء رغيف الخبز لأطفاله، ويوضح كيف أن حجم القرص الواحد انكمش تماما (ثلاثون غراما)، وأصبح الفرد الواحد من أسرته يحتاج من اثنين إلى ثلاثة أقراص على الأقل في الوجبة الواحدة، ويقول "أشتري كل يوم الخبز وحده بـ1250 ريالا يمنيا، هذا وضع كارثي".
ويضيف المخلافي -وهو من محافظة تعز- أنه يتسلم راتبه الذي يقدر بنحو 68 ألف ريال يمني (مئة دولار) بشكل متقطع، وأن هذا المبلغ لا يكفيه لشراء الأغراض الرئيسية من المواد الغذائية التي تحتاجها أسرته خلال الشهر.
معاناة متفاقمة
لا يختلف حال المعلم المخلافي عن مئات الآلاف من اليمنيين الذين أصبح الحصول على رغيف الخبز هو أقصى أمنياتهم نتيجة تدهور أوضاعهم الاقتصادية وانهيار عملتهم المحلية وارتفاع أسعار السلع الرئيسية بشكل جنوني.
المواطن اليمني عبد الكريم الحميدي يعمل بالأجر اليومي، لكنه أصبح عاطلا عن العمل في أغلب أيامه.
لقد أجبرته الظروف الصعبة على بيع ما تملكه زوجته من مجوهرات لتوفير بعض الأموال التي يحتاجها لتسديد إيجار شقته في تعز، وشراء بعض السلع الغذائية الأساسية التي تمكن أطفاله الخمسة من العيش والاستمرار في الحياة.
وبحسب التاجر اليمني في صنعاء بشير عثمان، فإن أسعار السلع الأساسية تضاعفت خلال الشهرين الماضيين، حيث وصل سعر كيس القمح (خمسون كيلوغراما) إلى أكثر من 13 آلاف ريال يمني، وسعر كيس السكر بلغ 12 ألف ريال، وكيس الأرز (بسمتي) تجاوز سعره 27 ألف ريال، وطبق البيض وصل سعره إلى 1700 ريال، وغالون الزيت (عشرون لترا) وصل إلى عشرة آلاف ريال.
وتؤكد الأمم المتحدة في تقارير حديثة لها أن هناك نحو 14 مليون شخص قد يجدون أنفسهم قريبا على حافة المجاعة.
وتصف تقارير الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم جراء الحرب التي يقودها التحالف السعودي الإماراتي مع جماعة الحوثيين منذ أربعة أعوام، وتسببت في مقتل عشرة آلاف شخص.
وبشأن مشكلة استمرار تقزم رغيف الخبز، أوضح رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل مقبل منصور أن هناك مشكلة أخرى إلى جانب الوزن هي ضعف الجودة.
وقال "كانت هناك محاولات للجمعية خلال الأشهر الماضية بالتنسيق مع بقية الأطراف الرسمية والتجارية المعنية لتحديد أسعار الكيلو الواحد من رغيف الخبز بثلاثمئة ريال، لكن ذلك لم يحدث".
وأرجع منصور أسباب فشل ذلك إلى ارتفاع أسعار الدقيق والوقود والمشتقات في أعقاب انهيار الريال اليمني.
ولفت إلى أن الحكومة اليمنية غير قادرة على الاستيراد أو التدخل لتوفير السلع، وقال إن الدولة مشلولة، وإنه يتم الاعتماد على القطاع الخاص بشكل كامل.
البنك المركزي
وأشار منصور إلى أن البنك المركزي اليمني لم يلتزم بفتح الاعتمادات البنكية كما وعد لتوفير المواد الغذائية الأساسية ودعمها، وقال إن ما تم تداوله كان مجرد أخبار للاستهلاك الإعلامي.
لكن مدير الغرفة التجارية في العاصمة المؤقتة عدن أبو بكر باعبيد قال إن البنك المركزي اليمني اتخذ خطوات عملية قد تساهم في تخفيض الأسعار، وأهمها فتح الاعتمادات البنكية للسلع الأساسية.
وأضاف باعبيد أن نتائج هذا الإجراء ستظهر بعد وصول السلع إلى السوق المحلية خلال الأيام المقبلة.
ويؤكد الاقتصادي اليمني سعيد عبد المؤمن أن ارتفاع الأسعار في اليمن طال كل شيء، مضيفا أن أخطر ما في الأمر هو المبالغة في رفع سعر المواد الغذائية.
وذكر عبد المؤمن أن أسعار السلع الأساسية تضاعفت في الواقع إلى ما يقارب 200% مثل الدقيق والأرز والزيت والسكر، مما تسبب في معاناة حقيقية للكثير من الأسر اليمنية التي تواجه معاناة كبيرة.
وربط هذه المعاناة بانكماش دخل الأسر إما بسبب توقف صرف الرواتب من الدولة أو انقطاع الضمان الاجتماعي أو انخفاض القيمة الحقيقية لرواتب العاملين في القطاعين العام والخاص بسبب الانهيار المستمر للريال اليمني.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن نسبة الفقراء في اليمن ارتفعت من نحو 35% في العامين 2005 و2006 إلى 62% من إجمالي السكان في العام 2015، في حين بلغ عددهم 16.6 مليون نسمة حسب بيانات وزارة التخطيط اليمنية في يوليو/تموز 2016.
المصدر: الجزيرة نت