غدت صنعاء التي تغنى بها الشعراء وقالو عنها"صنعاء يا مليحتنا يا جارة الشُهب" وكانت قبلة عدسات التصوير معزولة وممنوع فيها التجول بعدسة الكاميرا، وأكشاك بيع الصحف تحولت إلى محلات لبيع المواد الغذائية.
وفي تصريح خاص لموقع "بلقيس" يقول مراسل تلفزيوني طلب التحفظ عن اسمه حفاظاً على سلامته: "كنا نصور تقريراً عن المنشآت التي تعرضت للقصف بغارات جوية بالعاصمة صنعاء، وبموافقة مسبقة من المنطقة الأمنية، وأثناء التصوير جاء طقم بمسلحين مدنيين وأخذوا الكاميرا وبعد التأكد من حملنا موافقة مسبقة بالتصوير ولكنهم أرغمونا على كتابة تعهد بتحمل مسؤولية تعرض المكان لغارات جوية طيلة أسبوع، ومع تحليق الطيران فوق العاصمة صنعاء إذ كان في أوج الغارات لم نكن ننام ولا نعرف ماذا نفعل وكيف نعيش وتكاد قلوبنا تتوقف خوفاٌ من استهداف المكان بغارة طيران.
يعتبرونها عين التحالف
موقع "بلقيس" في محاولاته لإجراء أحاديث خاصة مع مصوري القنوات ووسائل إعلام بالعاصمة صنعاء، عن عدسة الكاميرا كانت ردات الفعل متشابهة إلى حد ما وكأن وخز أصابهم.
حالة ارتباك وقلق وامتناع عن الكلام وبعد إلحاح والتعهد بسرية الحديث، واحد فقط من ضمن 4 مصورين صحفيين وبأسلوب يغلق مجال الحديث أجاب اعتزلت التصوير، معي أسرة وأطفال والحوثيين يعتبرون عدسة الكاميرا عين التحالف، فيما الصحيح أن عدسة الكاميرا تفضحهم بنقلها للعالم كيف تحولت صنعاء إلى قرية بدائية يسكنها القمع والتنكيل.
فيما مصور تلفزيوني لقناة خارجية، وبعد يومين من التردد عليه، طلب عدم الإشارة إليه لكونهم مراقبين ومحاسبين على كل كلمة، حد قوله رغم عدم وجود قنوات بصنعاء غير المساندة للحوثيين فإنهم لا يثقون بأحد وحتى تلك القنوات عندما تنوي عمل تقرير ميداني فإنها تقدم للمنطقة الأمنية طلب وترفقه بتفاصيل التقرير الذي تريد تنفيذه وأماكن التصوير ويكون الرد إما بالموافقة أو الرفض أو يجري التعديل عليه.
وهذه الإجراءات تتم وفق نموذج أعدته سلفاً وزارة الداخلية والإعلام منذ حوالي عام وعُمم على القنوات الخارجية المتواجدة بصنعاء وأي مخالفة لما جرى الموافقة عليه عواقبها وخيمة، ويتم تسليم نسخة من التصوير واللقاءات قبل المونتاج، للتأكد من عدم تسريب أي لقطات لقنوات مناهضة لمليشيا الحوثي.
وليس هذا حصرا على المصورين الصحفيين بل يمتد ليشمل مواطنين تعرضوا للضرب وتحطيم جوالاتهم وكذلك السجن بسبب قيامهم بإلتقاط صور لمشاهد بالعاصمة صنعاء.
ويذكر خالد ضيف الله حسن _ مواطن - بأنه حاول تصوير مشهد اعتداء مسلحين حوثيين على عامل في معرض، وقبل أن ينهي التصوير طوقه عدة مسلحين وأنهالوا عليه ضرباً بأعقاب البنادق وتحطيم جواله ثم أقتادوه إلى قسم الشرطة وتعرض للضرب والتحقيق معه ولم يخرج بعدها إلا بضمانة.
عزلة
وعن واقع الإعلام في العاصمة صنعاء، يذكر الصحفي فيصل السراجي والذي ترك العمل الصحفي ليمارس بيع الثلج بأن ما نسبته 90% من الصحفيين والمراسلين والمصورين البارزين غادروا صنعاء حفاظاً على حياتهم، علاوة على أن ما نسبته 4 % من الذين بقوا في صنعاء توقفوا عن ممارسة العمل، وفي المقابل تم استقطاب أشخاص جدد كثير منهم لاعلاقة لهم بالإعلام.
ويضيف في تصريح خاص لموقع "بلقيس" لم يعد يصدر في صنعاء سوى ما يقارب 10 إصدارات صحفية بعضها نشأت مؤخراً فيما توقف ما يقارب 150 إصدار ولم يعد يصل صنعاء أي اصدار صحفي أو علمي أو أدبي عربي أو أجنبي، كما أن ما يقارب الـ 94بالمائة من القنوات والوكالات والصحف والمواقع الإلكترونية العربية والعالمية تم منع نشاطها بصنعاء، أضف إلى ذلك مقر نقابة الصحفيين مغلق ولا يداوم فيه أحد منذ أكثر من عامين.
فوهة بندقية
ويقول عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي، في اليمن عدسة الكاميرا أصبحت العدو الأول لمليشيا الحوثي ولكل جماعة مسلحة ترتكب الكثير من الانتهاكات، فهي أول ما تقوم به تحطيم الكاميرا وطمس الشهود على ما ترتكبه من انتهاكات.
ويضيف الأسيدي في تصريح خاص لموقع " بلقيس" إن مليشيا الحوثي تقوم بارتكاب مجازر ولا تريد أن يعرف أحد عن ممارساتها هذه، فتحاول إخفاء الحقيقة من خلال منع التصوير وقمع الصحفي، وبالتالي كان الصحفيون والمصورين الهدف الأول للمليشيات الحوثية والتي حولت عدسات الكاميرا إلى فوهات بنادق والأقلام إلى بنادق.
ويؤكد الأسيدي وجود حملة حوثية موجهة ضد الإعلام والصحفيين، فخلال الـ 4 السنوات الماضية تم اختطاف أكثر من 200 صحفي أغلبهم اختطفتهم المليشيات الحوثية في فترات مختلفة، ولا يزال هناك 18 صحفي مختطف حتى الآن بينهم 10 صحفيين هناك محاولة لإحالتهم إلى محكمة الإرهاب وبتهم مطاطة، كما أن 32 صحفياً ومصوراً قتلوا إما بقصف الطيران أو بالقنص من قبل مليشيا الحوثي.