لم تكن ثورة فبراير بمعزل عن التراكم التاريخي وتراكم التجربة الوطنية اليمنية التي رفعت لافتة النضال السلمي، غير أن إرث فبراير لم يكن بالسهولة، خصوصاً في ما يتعلق بتصحيح اختلالات ثورة سبتمبر في الشمال وثورة أكتوبر في الجنوب ووحدة سلمية.
ابتلع النظام مخرجات ثورتين ووحدة وحاول أن يبتلع فبراير لكنه اختنق بها ليصبح الذي حاول أن يكون قاتل الثورة قتيلها.
كانت ثورة فبراير ثورة تصحيحية جذرية شاملة، تضع في الحسبان الذهنية السلالية والعائلية التي ألحقت الأذى بالمشروع الوطني، وبالتالي تعرضت الثورة لتحالف ثورتين مضادتين؛ ثورة مضادة لسبتمبر تتمثل في مليشيا الحوثي، وثورة مضادة لفبراير يمثلها نظام صالح.
من الوردة الأولى الى الخطوة الأولى إلى الشمعة الأولى إلى الأغنية الأولى، كانت ثورة فبراير يمنية شعبية خالصة، دون تدخلات أو إملاءات، إلا أن غياب الذاكرة التوثيقية لم ينصف الثورة الخالدة، وعلى مستوى الأدب والفنون لاتزال فبراير تفتقر للتخليد والخلود.
مثل كل الثورات التي لها علاقة بالحرية والتحرر والانتصار للشعب، كانت فبراير أكبر من التوقعات وفاجأت المراقبين والمتابعين.
وعلى الرغم من الموقف السلبي لبعض النخب ورغم محاولات الثورة المضادة المسنودة دفن حقائق فبراير، إلا أن فبراير كانت شمسا واحدة لا تكترث لألف غربال.
الإنتاج الفكري لفبراير لايزال إلى اللحظة غائباً، ويمكن القول إنه تعرض للتغييب، لأسباب عديدة، بعضها ذاتية تتعلق بنخب الثورة ومؤسساتها، والأسباب الأخرى بفعل الانقلاب الذي نسف تراكم فبراير ومخرجاتها السياسية، وهي في خطوتها التأسيسية الأولى.