تساؤلات تهدف في المقام الأول إلى تحميل ثورة فبراير وزر ما يحدث اليوم، وتتجاهل الأسباب الحقيقية والأطراف المحلية والإقليمية والدولية التي دفعت بالحوثيين إلى قلب المعترك السياسي في مؤتمر الحوار الوطني وهم لا يزالون بكامل أسلحتهم وعتادهم الحربي.
ما حجة ثورة فبراير السلمية إذاً أمام استمرار هذه الأسئلة على الرغم من التطورات الكاشفة التي بدت معها ثورة فبراير في نظر أنصارها فعلاً وطنياً مغدوراً ومتآمراً عليه..
لقد مثل التغيير السلمي أيقونة فبراير المجيدة، حيث احتشد مئات الآلاف من شباب اليمن وكهولها في ساحات التغيير والحرية على امتداد الوطن، وإلى هذه الساحات جاء الحوثيون كغيرهم دون سلاح والتزموا بالمعايير الحضارية للثورة لكن إلى حين.
لم يكن الحوثيون جزء أصيلاً من ثورة توخت التغيير السلمي وكافحت من أجل انتقال آمن وديمقراطي للسلطة في بلد يتسم بالهشاشة على كل المستويات.. فقد رأى ثوار فبراير ثورتهم تجديداً للثورة اليمنية الخالدة سبتمبر وأكتوبر، وإحياء لقيم الجمهورية، في حين رآها الحوثيون خروجاً على الحاكم الظالم الذي أخذ ما ليس له ونازع أهل الحق الإلهي حقهم في الحكم والسيادة على الناس.
إنه فارق شاسع حاول أنصار الميلشيا أن يثبتوه في ساحة التغيير عبر مائدة مستقلة ومنبر مستقل ووجهة نظر مختلفة، لكنهم فشلوا.
حصل الحوثيون على ساحة آمنة فحسب، فيها رتبوا لإنجاز نسختهم الخاصة من الثورة الإسلامية، حتى بلغوا هدفهم في واحد وعشرين سبتمبر ألفين وأربعة عشر بدعم إقليمي ودولي لا ينكره إلا مكابر.
ثورة الحوثيين المضادة وصفت حينها من قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري بأنها "أحدث إنجازات الثورة الإسلامية خارج الحدود الإيرانية.
جزء أساسي من النفوذ الذي حققته جماعة الحوثي الانقلابية، لم يكن ليتحقق لولا الفرص الهائلة التي حصلت عليها من التحالف التكتيكي مع المؤتمر الشعبي العام وزعيمه علي عبد الله صالح الذي لقي حتفه بعد ثلاث سنوات فقط على يد الحوثيين أنفسهم.
لم يكن مجيء الحوثيين إلى الساحات هو المشكلة، بل التحالف الذي أقاموه مع صالح وحزبه وهندست له غرفة عمليات الثورات المضادة.. هذا التحالف قصد منه تحالف الانقضاض على قوى ثورة فبراير ومكاسبها، وتأكدت الحاجة إلى إتمام الثورة المضادة منذ اللحظة التي انضمت فيها نخبة من قادة الجيش يتقدمها اللواء علي محسن قائد المنطقة العسكرية الشمالية إلى صفوف ثورة فبراير.
يتجاهل الحوثيون ثورة فبراير بالجملة ويمنعون إقامة الاحتفالات في ذكراها، كيف لا وقد أنجزوا ثورة هي على النقيض من قيم الحرية والديمقراطية والشراكة الوطنية التي تشبعت بها ثورة الحادي عشر من فبراير ألفين وأحد عشر، وحوربت لأجلها من أعداء الداخل والخارج.