ثمن الرفض
يستغيث عاقل قرى بني خيلة بمديرية جبل حبشي عبدالسلام السهيلي منذ سنوات للمساهمة في شق طريق يفك حصار عشر قرى محاصرة منذ بداية الحرب ويعاني أهلها الأمرين دون أن يلتفت إلى حالهم احد.
ويمتلك أبناء بني خيلة طريق وحيد يتفرع من الخط الرئيسي بين تعز والحديدة بمنطقة الرمادة ، ومع بدء الحرب استحدث الحوثيون مواقع عسكرية على مداخل المديرية والجبال المحيطة بالخط الرئيسي من اجل تأمين طريق إمداداتهم.
رفض الأهالي بقاء الحوثيين على مداخل القرى ، وأوصلوا موقفهم إليهم عبر شخصيات محلية لكن الحوثيون رفضوا وطالبوا المواطنين السماح لهم بشق طريق إلى عمق المديرية للالتفاف على جبهة الضباب وهذا ما رفضه الأهالي وأثار غضب الحوثيين وقابلوه بقطع الطريق الوحيد الذي يزود المواطنين بسبل الحياة .. بحسب ما يؤكده فيصل سعيد احد أبناء المنطقة لـ " بلقيس ".
وتحولت المفاوضات إلى مواجهات عسكرية استخدم الحوثيون فيها أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وضحى السكان بأعداد كبيرة من الشباب الذين لم يمتلكوا إلا أسحلتهم وسط تخاذل الحكومة الشرعية التي لم تقدم الدعم إلا في وقت متأخر .
عزيمة صلبة
استخدم الحوثيون الطريق كورقة ضغط لإخضاع أبناء المنطقة وإجبارهم على التسليم ، لكنهم لم ينكسروا ولشهور طويلة تسلقوا الجبال الشاهقة وحملوا المؤون على ظهورهم لمسافات طويلة ونقلوا المرضى على النعوش رافضين الاستسلام والقبول بالأمر الواقع.
يقول عاقل المنطقة لـ " بلقيس " تعرضت كثير من الأسر للمجاعة وتوقفت حياة الناس لكن صمود الناس وصبرهم لم يتوقف ، وعلى الرغم من المعاناة والخذلان التحق الشباب بالجيش الوطني وقدموا تضحيات في كافة الجبهات من المديرية حتى صعدة والحدود السعودية وقدمت المنطقة كوكبة شهداء من خيار شبابها.
غض الطرف للقيادة الشرعية عما يحدث وصم أذنيها عن استغاثات الناس المتكررة ونكران تضحيات الشباب جعل الأوضاع تتدهور أكثر ، وتركت المواطنين فريسة للحصار ورصاصات القناصين التي لم تفرق بين طفل أو امرأة أو بين تشيع جنازة وموكب عرس.
" بعد أكثر من عام من الحصار قرر أبناء المنطقة الاعتماد على أنفسهم وشق طرق بديلة من جهات أخرى وتعاونوا بالمال والعمل ، لكن صعوبة التضاريس كانت عائقا كبيرا أمام إمكانياتهم المحدودة " .. كما يقول حسن الوافي لـ " بلقيس " .
ويضيف استطاع الناس شق طرق بديلة لكنها وعرة جدا والسير فيها مخاطرة بالإضافة إلى أنها لا تصمد أمام الأمطار والسيول ويعود الحصار كلما انقطعت .
عزلة تامة
الحصار الكامل اخرج العشر القرى من محيطها وجعلها تعيش عزلة تامة ، يدفع الرجال والنساء ثمن رفضهم لحكم المليشيات وانحيازهم للدولة التي لم يتلقوا منها الدعم والمناصرة.
ولم يجد العاقل السهيلي حلاً عدا الاستمرار بمناشداته للدولة والخيرين والمغتربين للتبرع لاستكمال شق طريق جديدة لكسر الحصار نهائيا على المنطقة وربطها بأجزاء المديرية الأخرى والمحافظة.
يقول السهيلي إنه يتم حاليا العمل بمشروع الطريق المنقذ للأهالي لكن أعمال الشق وخاصة في الأماكن الصخرية تتطلب الكثير من النفقات الخاصة بالتفجيرات وبناء الجدران وكل هذا يقع عاتق المواطن مما جعل لجنة المستفيدين المشكلة من أبناء المنطقة تخصص رسوم مالية متفاوتة على المواطنين والموظفين.
وعلى الرغم من المساهمة المجتمعية ومنحة الخارجية البريطانية المقدمة عبر منظمة محلية المقدرة بـ 8000 دولار إلا أن المشروع يتعثر بشكل متواصل لتراكم الاستحقاقات المالية للعمال والمنفذين للمشروع.
وتبقى النفقات التشغيلية حجر عثرة استعصى على الأهالي تجاوزه ليبقى الحصار قائما ويعيش المواطنون في سجن كبير تحت رحمة المليشيات إلى آجل غير مسمى .