ومع هذا لم تكن العاصمة صنعاء كما توقع عبد الرحمن، فالمدينة تعاني من ارتفاع الأسعار وانقطاع الرواتب وانعدام شبه تام للفرص الوظيفية وهذا من شأنه تعقيد الوضع أكثر لدى أسرة "عبدالرحمن".
مشروع بتكاليف أقل
مثلت فكرة مغاسل القات الطريق الأسهل والأنسب لعبد الرحمن في وقت لا تحتاج فيه إلى رأس مال كبير لتفتح مشروعك، فهي قليلة التكاليف متوسطة الدخل ورأس مالها لا يتعدى وجود المكان والقليل من الأدوات والجهد والابتسامة حسب ما يقول "عبدالرحمن" غير ذلك يمكن لك أن تقدم خدماتك للناس مقابل حصولهم على قات نظيف وفي وقت قصير وسريع.
وفي خطوات العمل يقول "عبدالرحمن" لموقع لـ "بلقيس" كل ما نقوم به هو أخذ القات من الزبون ووضعه في منشفه صنعت خصيصاً للقات، وتحمل رقماً معيناً ويتم إعطاء الزبون كرت خاص يحمل نفس الرقم الموضوع على المنشفة، يلي ذلك غسله بالماء مرتين إلى ثلاث ووضعه في النشافة الكهربائية لمدة تصل إلى ثلاث دقائق ثم تعريضه للهواء الصادر من المروحة ويتم إخراجه بعد ذلك ووضعه في كيس بلاستيكي مع قليل من المناديل – الفاين -."
لا يتقاضى عبدالرحمن مبلغاً معيناً مقابل غسيل القات فهو يترك الأمر لزبائنه كما يقول: " كل واحد يعطي المبلغ الذي يقدر عليه " في حين أن تكلفة الغسيل لا تساوي شيئا مقارنة بسعر القات نفسه فهي توفر الكثير والكثير بالنسبة لعبدالرحمن الذي أعتبر المغسلة مصدر دخله الوحيد الذي يعول به أسرته ومعه اثنين من عماله يتقاضون منه راتب شهري يصل إلى 50 ألف ريال يمني .
وفي حديثه لموقع بلقيس قال "عبدالرحمن" أن تكاليف تأسيس المغسلة الخاصة بالقات لا يتجاوز 600 دولار بشكل عام، وبالنسبة للمبلغ الذي يتم صرفه يومياً على حاجيات المغسلة من كهرباء وفاين وأكياس بلاستيكية قد تصل في أكثر الأحيان إلى 8 ألف ريال، وهو ما يعني أن المغسلة تمثل مصدر دخل جيد للكثير من الشباب في اليمن، وهو ما يعتبره "عبدالرحمن" العمل من أجل البقاء ومواجهة الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.
مضيفاً "رأس مالنا هو خزان ماء ونشافات كهربائية ومراوح هوائية ولوحات الدعاية" إضافة إلى اشتراك الكهرباء والذي قد يصل إلى 30 ألف ريال يمني للشهر واستهلاك خزان "وايت" ماء كل يومين.
مشاريع بقاء
مغاسل القات في العاصمة صنعاء أصبحت مصدر دخل جديد لجأ إليه الكثير من العاطلين عن العمل أو المنقطعة رواتبهم يقول عبدالرحمن: "هذه المغسلة أمنت معيشتي أنا وأسرتي وأمنت تكاليف علاج جدتي" إلى جانب تأمين معيشة أسرتي العاملين لدى عبدالرحمن.
أما من ناحية الإقبال فيرى "عبدالرحمن" أن الإقبال يختلف من يومٍ إلى آخر وكل هذا يعتمد على الوضع الحاصل في صنعاء، ففي الكثير من الأحيان يكون الإقبال على مغاسل القات كثير جدًا مما يدفعنا العمل إلى استدعاء بعض الشباب لمساعدتنا أو من نعرفهم نجعلهم يقومون بغسل القات لأنفسهم، وهذا يكون في يوم الخميس والجمعة بالذات، أما بعض الأيام فيكون الإقبال شبه متوسط ويؤمن لنا مصاريفنا اليومية وهذا ما جعلنا نستمر في العمل".
وأضاف لقد وفرت مغاسل القات الكثير من الوقت لمتعاطي القات إضافة إلى وقايتهم من بعض الأمراض التي قد تسببها السموم والمبيدات الحشرية المستخدمة في زراعة القات، وكذلك كأقل القليل التخفيف من حدة السموم الذي تتعرض لها شجرة القات خلال استخدام المبيدات في المزارع من أجل قطفه بشكل يومي.
لم تكن المغسلة التابعة لعبدالرحمن وحدها فهناك الكثير من المغاسل انتشرت بشكل ملحوظ في جميع اسواق القات بالعاصمة صنعاء، حيث قام معد التقرير بزيارة العديد من الاسواق ووجد الكثير من المغاسل، البعض منها نجحت وتم افتتاح فروع أخرى لهم في أسواق جديدة، وهذا ما أكده لنا "هيثم" شاب في أحدى مغاسل القات بسوق شميلة، حيث تعتبر الفكرة أمر بسيطاً مقابل رأس المال الذي يجب توفيره عند افتتاح المشروع.